تأثير التسامح على الفرد
تأثيرات التسامح في الحياة العملية
يمتاز التسامح بالعديد من الفوائد التي تعود بالنفع على الشخص المتسامح ذاته، وتنقسم هذه الفوائد إلى أبعاد دنيوية، ومن بينها:
- الشعور بالسعادة والراحة؛ إذ يتمتع المتسامح بحياة ملؤها الهدوء والسرور بفضل عدم انشغاله بتقلبات الظروف، مما يسهم في شعوره بالرضا المستمر.
- كسب محبة الناس وثقتهم؛ إذ يُنظر إلى المتسامح كشخص لطيف، مما يسهل عليه بناء علاقات إيجابية مع الآخرين.
- استقرار الحياة الأسرية؛ حيث يشعر أفراد أسرته بالأمان والمحبة بجانبه، مما يعزز من تواصلهم معه ويعتبرونه مثلاً أعلى لهم.
- التعامل برفق في المسائل المادية؛ فالمتسامح يتحلى باللين عند الشراء أو البيع، ويكون سمحًا في الأخذ والعطاء.
- جذب الخير لنفسه بفضل تسامحه؛ حيث يحب الناس المتسامحون وينجذبون للتعامل معهم، مما يفتح أمامه أبواب الخير.
- استقبال الأحداث بلا تذمر؛ إذ يتعامل المتسامح مع الأقدار برضا وقبول، بغض النظر عما تحمله من مشقات.
تأثيرات التسامح في الآخرة
للتسامح أيضًا فوائد تجني ثمارها في الآخرة، ومن تلك الفوائد:
- رضا الله ومحبة الله للمتسامح، إذ إن محبة الخير للناس تعني محبة الله للعبد.
- دخول الجنة، حيث إن الشخص المتسامح لا يسيء للآخرين، بل يُظهر الإحسان في تعامله معهم.
أثر التسامح على المجتمع
لقد دعا الإسلام إلى العفو والتسامح، التي تُعتبر من الفضائل الأخلاقية التي تُصقل الحياة الاجتماعية. فالتسامح يعمل على إزالة الأحقاد ويُساهم في إنقاذ حياة الناس، لذا حبب الإسلام إلى تصرف التسامح حتى في حالات القصاص؛ لما تتطلبه من قدرة على الصفح، قال تعالى: (وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ).
لم يقتصر الإسلام على دعوة التسامح فحسب، بل دعا أيضًا إلى رد السيئة بالحسنة، لما لها من دور كبير في تعزيز الألفة بين الناس؛ حيث يثمن المُسيء اللطف والإحسان من الذي أساء إليه.
كما يُعزز التسامح الروابط الاجتماعية، التي قد تتعرض للضعف نتيجة الأعمال السيئة بين الأفراد، فهو وسيلة لنيل رضى الله تعالى، وأيضًا طريق للتقوى، قال سبحانه: (وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلاَ تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ).
مظاهر التسامح في الاسلام
تسلط رسالة الإسلام الضوء على مجموعة من المبادئ الأساسية التي تقوم عليها مفهوم التسامح، وفيما يلي بعض تلك المبادئ:
مظاهر التسامح بين المسلمين
يُعتبر التسامح بين المسلمين دليلًا على نشر الحب والألفة بينهم، ومن مظاهر ذلك:
- السماحة في الفهم، إذ ينبغي على المسلم أن يتحلى بالتوجيه الإيجابي والأخذ بالنوايا الحسنة، فضلاً عن السماحة في التعامل مع الآخرين.
- العفو عن هفوات الآخرين في الأمور الشخصية والمادية، بعيدًا عن القضايا الدينية، وذلك استنادًا لقوله تعالى: (وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا)، وأيضًا: (وَأَن تَعفوا أَقربُ لِلتَقوى).
- العفو عن المسيئين، وهو أعلى درجات التسامح، حيث تُعبر العفو عن الفهم العميق للحياة، قال تعالى: (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ).
مظاهر التسامح مع غير المسلمين
يعتبر الإسلام دين التسامح تجاه جميع الناس، ومن مظاهر ذلك:
- دعوة الآخرين للإسلام بأسلوب حكيم ولطيف، دون إكراه أو إجبار، كما ورد في كتاب الله: (لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ).
- التعامل بالحسنى مع الآخرين، وعدم استخدام لغة العنف أو التجريح عند النقاش معهم.
- قبول الأفكار والممارسات المفيدة من غير المسلمين، وتعزيز الحوار السلمي معهم.
- تعزيز حياة سلمية مشتركة مع غير المسلمين، يضمن لهم أمنهم الشخصي وحقوقهم المالية، مما يجعلهم جزءًا من المجتمع، لهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين، كما قال تعالى: (وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ).