أبرز الشعراء العراقيين على مر العصور
يُعَدُّ العراق عبر تاريخه الطويل من أبرز المراكز الأدبية والثقافية والفنية في العالم العربي، حيث أنجبت أراضيه العديد من الشعراء والمثقفين المتميزين، الذين اشتهروا بشغفهم وفنهم في نظم الشعر، وكان لهم دور كبير في تطوير شعر (التفعيلة) أو ما يُعرف بالشعر الحر. في هذا المقال، سنستعرض أبرز الأسماء التي لامست سماء الشعر في العراق، ومن بينها:
المتنبي
هو أبو الطيب، أحمد بن الحسين الكندي، وُلِد في الكوفة عام 303 هـ، ويعتبر من أعظم الشعراء العرب، حيث تميز بعمق معرفته وفصاحة ألفاظه. لُقِّبَ بـ (مالئ الدنيا وشاغل الناس)، حيث يقول في أحد أبياته مُعبرًا عن تأثير شعره:
أنام ملء جفوني عن شواردها
ويسهر الخلق جراها ويختصم
كما يُلقب بـ (نادرة زمانه) و(أعجوبة عصره)، وقد ظهرت موهبة الشعر لديه في سن مبكرة، وعُرف بذكائه وعبقريته. ومن أشهر قصائده القصيدة المعروفة (واحر قلباه)، التي يبدأها بقوله:
واحر قلبها ممن قلبه شَبِم
ومن بجسمي وحالي عنده سَقَم
معروف الرصافي
معروف بن عبد الغني بن محمود الرصافي وُلِد في بغداد عام 1875م وتوفي بها عام 1945م. برع في نظم الشعر وعمل على نشر نتاجه الأدبي عبر العديد من المجلات الأدبية العربية مثل المُقتطف والمُقتبس، مما ساهم في تعزيز مكانته الأدبية.
كان مدرسًا للغة العربية وآدابها في معهد المعلمين في القدس، ثم انتقل إلى الأستانة قبل أن يعود إلى بغداد ليكون مدرسًا في دار المعلمين العالية. ترك العديد من المؤلفات، منها ديوان الرصافي، والأناشيد المدرسية، ومؤلفاته التربوية. كما تناولت محاضراته الأدبية التي طُبِعَت في كتابين: دروس في آداب اللغة العربية، والأدب الرفيع في ميزان الشعر وقوافيه.
الزهاوي
جميل صدقي الزهاوي وُلِد في بغداد عام 1863م وتوفي عام 1936م. نشأ في كنف أبيه الذي كان مفتيًا لبغداد، حيث تلقى علوم الشريعة والأدب، وتمكن من اللغات العربية والكردية والفارسية والتركية، مما أعطاه عمقًا فلسفيًا أثرى إنتاجه الشعري.
أنتج العديد من المؤلفات الشعرية التي نشرت في مجلة الرسالة، وكان له اتصالات قوية مع أدباء وشعراء من الدول العربية الأخرى. ومن أعماله الشهيرة: رباعيات الزهاوي، والكلم المنظوم، وديوان الزهاوي، بالإضافة إلى ترجمته لرباعيات الخيام من الفارسية.
السياب
بدر شاكر السياب وُلِد في قرية جيكور بالبصرة عام 1925م وتوفي في المستشفى الأميري بالكويت عام 1964م. تخرج من دار المعلمين العالية ببغداد، حيث درس اللغة الإنجليزية، ثم عمل لفترة كمعلم للغة الإنجليزية قبل الانضمام لشركة نفط في البصرة.
تنقل بين إيران حيث ارتبط بالحزب الشيوعي، والسفر إلى مدينة بيروت ولندن وباريس لأغراض العلاج. يُعدّ السياب من أوائل الشعراء الذين كتبوا شعر التفعيلة، حيث كتب قصيدته الأولى في هذا الشكل بعنوان (هل كان حبًا) ضمن ديوانه (أزهار ذابلة) الذي نُشر في عام 1947م. ترك خلفه ستة عشر ديوانًا شعريًا، من أبرزها أزهار ذابلة، وأساطير، وقيثارة الريح، والمعبد الغريق وغيرها.
البياتي
عبد الوهاب البياتي، يُعتبر من رواد الحداثة في الشعر، وُلِد في العراق عام 1926م وتوفي في دمشق عام 1999م. تنقل بين عدة دول منها موسكو وإسبانيا ونجح في العمل بالمركز الثقافي العراقي بمدريد، ليعيش لاحقًا في عدة عواصم عربية أخرى قبل أن يستقر في دمشق.
تميز شعره بالصبغة العالمية المعاصرة، حيث عكس تجاربه المتنوعة عبر الشعر، ومن أهم مؤلفاته: ديوان ملائكة وشياطين، وديوان أباريق مهمشة، وكلمات لا تموت، وسيرة ذاتية لسارق النار.
الجواهري
وُلِد محمد مهدي الجواهري في النجف عام 1899م وتوفي في دمشق عام 1997م. نشأ في عائلة دينية حيث كان والده وجده من رجال الدين المعروفين، مما منح أسرته مكانة مميزة في المجتمع.
التزم الجواهري بالشعر العمودي وترك وراءه العديد من المؤلفات الشعرية المهمة منها: قصيدة (يا دجلة الخير) التي عبر فيها عن حنينه إلى الوطن، ويقول في مطلعها:
حييت سفحك عن بعد فحييني
يا دجلة الخير، يا أم البساتين
ومن ضمن قصائده الشهيرة أيضًا (يا سيدي أسعف فمي) التي كتبها في مديح الملك الحسين بن طلال، ويقول في بدايتها:
يا سيدي أسعف فمي ليقولا
في عيد مولدك الجميل جميلا