أبناء نبي الله نوح عليه السلام

سيدنا نوح، أحد الأنبياء الأولي العزم، ذُكر في كل من التوراة والإنجيل. كلفه الله بدعوة قومه إلى الإيمان، فاستمر في دعواته لمدة 950 عامًا، إلا أن أولئك القوم لن يتوبوا عن كفرهم.

يعتبر سيدنا نوح عليه السلام من نسل سيدنا آدم عليه السلام، حيث يُعتقد أنه الحفيد التاسع أو العاشر له. وقد أنعم الله عليه بأربعة أبناء، هم الأجداد الذين تتفرع منهم البشرية. لذلك، سنسلط الضوء في هذا المقال على أبناء نوح عليه السلام.

أبناء نوح عليه السلام

تذكر العديد من الكتب السماوية أن أبناء سيدنا نوح عليه السلام أربعة.
وهم: سام، يافث، حام، وكنعان.
بينهم كنعان الذي كفر، والذي عُرف أيضًا باسم يام في التوراة والإنجيل.
وقد انتشر نسل كل واحد منهم في أصقاع الأرض، مما أدى إلى ظهور كافة الأنساب.

انتشار ذرية نوح في الأرض

كما أوضحنا سابقًا، فقد حفظ الله أبناء سيدنا نوح الذين آمنوا ونجاهم من الطوفان الذي حل بالكافرين.
وقد تفرع نسلهم في شتى بقاع الأرض، حيث قال الله في كتابه العزيز:
- بسم الله الرحمن الرحيم (وجعلنا ذريته هم الباقين).
هناك حديث ضعيف لرغم ذلك، يشير إلى أن كنعان لم يكن له نسل.
حيث لقي هلاكه في الطوفان بسبب كفره. قال الرسول صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: (وجعلنا ذريته هم الباقين، قال سيدنا محمد: حام وسام ويافث بالثاء).

لنلقِ نظرة الآن على نسل كل واحد منهم بالتفصيل:

سام

يعتبر سام هو الأكبر بين الأبناء، وتعود إليه ذرية القبط، والبربر، والسودان، والسند، والهند.
كان عمره حين حداثة الطوفان 98 عامًا، وعاش بعدها 500 عام.
من نسل سام نشأت قبائل العبرانيين، والآراميين، ومن أبنائه كوش، ومصرايم، وقوط، وكنعان، وكل منهم ترك ذرية.
فكوش أنجب نمرود المتجبر.
ومصرايم أتى منه القبط والبربر.
وكذلك قوط، الذي أتى منه سكان السند.

حام

يأتي حام كالثاني بين أبناء سيدنا نوح، وينتمي إليه الشعوب الأفريقية مثل المصريين القدماء، والأمازيغ.
بالإضافة إلى العرب، والفرس، والروم، وأنجب أبناءً مثل عابر، وعليم، وآشوز، وارفخشد، ولاوذ، وإرم.
وقد أنجب كل ابن من هؤلاء نسلًا.
فارفخشد جاء منه الأنبياء وخير الناس.
أما لاوذ، فقد أنجب العمالقة، والكنعانيين، والفارسيين.
في حين أن إرم أنجب عوص بن إرم الذي عاش في الأحقاف.

يافث

يعتبر يافث الثالث بين أبناء نوح، وينحدر منه كل شعوب أوروبا.
ويعود له نسل الترك، الصقالبة، يأجوج ومأجوج، وأهل الصين.
ومن نسل يافث وُلد جامر، وموعج، وموادي، بوان، وثوبال، وماشج، وتيرش.

هؤلاء هم أحفادهم:

جامر: جاء منه نسل الفرس.
تيرش: يعود له الترك والخزر.
موعج: كان له نسل يأجوج ومأجوج.
ماشج: أتى منه الأشبان.
بوان: يعود له الصقالبة.

لا تفوتوا هذا:

وصية سيدنا نوح لأبنائه

عندما أُحضِرَت سيدنا نوح إلى الموت أوصى أبناءه بأربعة كلمات.
وقد نقلت هذه الكلمات عبر لسان سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
رواية عن سيدنا معاذ بن أنس رضي الله عنه توضح ذلك كما يلي:
- (ألا أخبركم عن وصية نوح عليه السلام لأبنائه حين قرب أجله، قال: إني وَاهِبٌ لك أربع كلمات.
- وهن قيام السماوات والأرض، وهن أول الكلمات دخولاً على الله تعالى، وآخر الكلمات خروجًا من عنده.
- ولو وزنت بها أعمال بني آدم لوزنتها، فأعمل بها واستمسك حتى تلقاني أن تقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر.
- والذي نفس نوح بيده لو وزن السماوات والأراضين وما فيهن وما تحتهن بهؤلاء الكلمات لوزنتهن).

سيدنا نوح عليه السلام

سيدنا نوح عليه السلام يُعتبر الأب الثاني للبشرية، وقد أرسله الله لقومه للدعوة.
لكنهم استهزأوا به، ثم أمره الله ببناء سفينة استعدادًا لما سيحدث.
ساءل قوم نوح كيف له أن يبني سفينة في الصحراء، حيث لا زرع أو ماء، لكن نوح استمر في تنفيذ أمر ربه.
يُذكر أن طول السفينة بلغ 80 ذراعًا، بينما يشير البعض إلى أرقام تصل إلى 1000 أو حتى 2000 ذراعًا، وكانت مصنوعة من خشب الساج أو الصنوبر.
قام سيدنا نوح بزراعة الأشجار وانتظر حصادها لمدة مئة عام.
ثم طلى السفينة بمادة القار من الداخل والخارج، وقسّمها إلى ثلاثة أقسام: قسم للطيور، وآخر للإنسان، والثالث للحيوانات.

علامة تطهير الأرض بالطوفان

أخبر الله نوح أن هناك علامة ستظهر عند حدوث الطوفان، وهي فوران التنور.
تتعلق هذه العلامة بظهور ما يشبه البركان.
عندما ظهرت هذه العلامة، أُمر نوح بأخذ زوجين من كل نوع من الحيوانات وأسرته، وكذلك من آمن معه.
أمّا زوجته وكانت كافرة لم تصعد مع السفينة، وكذلك ابنه كنعان الذي أظهر إيمانه بينما كان باطنه كفرًا.
عدد الذين آمنوا مع نوح وصعدوا إلى السفينة كان نحو ثمانين رجلاً.
ثم أصدر الله أمره لتفجر الأرض بالماء، وهطول الأمطار الغزيرة حتى غمرت المياه الأخضر واليابس.
ظل الماء فوق الأرض 150 يومًا لتنقية الأرض من ذنوب البشر، حتى أرسل الله علامة انحسار الماء.
كانت هذه العلامة تتمثل في حمامة كانت تنقر الطين وتحمل غصن الزيتون.
استقرت السفينة على جبل الجودي استعدادًا لإعمار الأرض بالمؤمنين.

لم يستجب قوم نوح لدعوته ولم يؤمنوا بالله، مما دفعه إلى الدعاء عليهم بالهلاك، حيث قال: “وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا”. فأمره الله تعالى ببناء السفينة وأخذ من آمن به من أبنائه، وهم سام، حام، ويافث.

كنعان ابن نوح الذي لم يؤمن

كان كنعان ابن سيدنا نوح، وقد ذُكِر في القرآن أنه لم يؤمن برسالة والده، بل رفض أن يركب السفينة ظنًا منه أنه سينجو في مكان مرتفع حيث اعتقد أن الماء لن يصل إليه. فكان رد نوح أن النجاة من الطوفان لا تأتي إلا بالإيمان بالله.
قال الله تعالى: (وَهِيَ تَجري بِهِم في مَوجٍ كَالجِبالِ وَنادى نوحٌ ابنَهُ وَكانَ في مَعزِلٍ يا بُنَيَّ اركَب مَعَنا وَلا تَكُن مَعَ الكافِرينَ* قالَ سَآوي إِلى جَبَلٍ يَعصِمُني مِنَ الماءِ قالَ لا عاصِمَ اليَومَ مِن أَمرِ اللَّـهِ إِلّا مَن رَحِمَ وَحالَ بَينَهُمَا المَوجُ فَكانَ مِنَ المُغرَقينَ).