الحب
يُعتبر الحب من أسمى المشاعر وأكثرها صدقًا، حيث يمثل إحساسًا عميقًا بين شخصين. ولا يمكن إنكار الحب، فحتى المحاولات لإخفائه تبوء بالفشل، حيث تفضح العيون مشاعر المحبين. لقد عبر الشعراء عبر العصور عن الحب بقصائد تتميز بقربها من القلب، ولذلك نقدم لكم في هذا المقال أجمل الأشعار التي تناولت موضوع الحب.
شعر عن الحب لأبي القاسم الشابي
أرقٌ على أرقٍ ومثلي يَأْرقُ
وجوىً يزيدُ وعبرةً تَترقرقُ
جهدُ الصبابة أن تكون كما أرى
عينٌ مسهَّدةٌ وقلبٌ يخفقُ
ما لاح برق أو ترنَّم طائرٌ
إلا انثنيتُ ولي فؤادٌ شائقُ
جربتُ من نار الهوى ما تنطفي
نارُ الغضا وتكلُّ عما يحرقُ
وعذلتُ أهل العشقِ حتى ذُقتهُ
فعجبتُ كيف يموتُ من لا يعشقُ
وعذرتهم وعرفتُ ذنبي أنّني
عيّرتهم فلقيتُ فيه ما لقوا
شعر عن الحب لنزار قباني
سأقول لكِ أحبكِ..
حين تنتهي كافة لغات العشق القديمة
فلا يبقى للعشاق شيء يقال أو يفعل
عندئذٍ ستبدأ مهمتي في تغيير شكل هذا العالم
وفي إعادة تشكيله شجرةً تلو الأخرى وكوكباً بعد كوكب وقصيدة بعد قصيدة
سأقول لكِ أحبكِ..
وتنقضى المسافة بين عينيكِ وبين دفاتري ويصبح الهواء الذي تتنفسينه يمر عبر رئتي
وتصبح اليد التي تضعينها على مقعد السيارة هي يدي أنا
سأقولها عندما أستطيع استحضار طفولتي، وفرساني، وعباقرتي، ومراكبي الورقية
واسترجاع الزمن الأزرق معكِ على شواطئ بيروت..
حين كنتِ ترتعشين كسمكة بين أصابعي.. فأغطيكِ، عندما تنعسين
بشرشفٍ من نجوم الصيف
سأقول لكِ أحبكِ..
وسنبلة القمح حتى تنضج بحاجة إليكِ.. والينابيع حتى تتفجّر.. والحضارة حتى تتحضّر..
والعصافير حتى تتعلم الطيران.. والفراشات حتى تتعلم الرسم..
سأقول لكِ أحبكِ..
عندما تسقط الحدود تمامًا بينكِ وبين القصيدة
ويصبح النوم على ورقة الكتابة ليس بالأمر السهل كما تتصورين
خارج إيقاعات الشعر.. ولا أدخل في حوارٍ مع جسد لا أعرف كيف أتهجاه..
كلمةً كلمةً.. ومقطعاً مقطعاً.. إنني لا أعاني من عقدة المثقفين.. ولكن طبيعتني ترفض الأجساد التي لا تتكلم بذكاء..
والعيون التي لا تطرح الأسئلة.. إن شرط الشهوة لدي يرتبط بشروط الشعر، فالمرأة هي قصيدة أموت عندما أكتبها..
وأموت عندما أنساها..
سأقول لكِ أحبكِ..
عندما أبرأ من حالة الفصام التي تمزقني.. وأعود شخصًا واحدًا..
سأقولها، عندما تتصالح المدينة والصحراء معي
وترحل كل القبائل عن شواطئ دمي
الذي حفره حكماء العالم الثالث على جسدي.. التي جرّبتها على مدى ثلاثين عامًا
فشوَّهتُ ذُكُورتي..
وأصدَرَت حُكمًا بجلدكِ ثمانين جلدة
بِتهمة الأنوثة… لذلك لن أقول لكِ أحبكِ.. اليوم.. وربما لن أقولها غداً
فالأرض تأخذ تسعة شهور لتُطْلِع زهرة والليل يتعذب كثيرًا.. ليولد نجمًا
والبشرية تنتظر ألوف السنوات.. لتُطْلِع نبيًا
فلماذا لا تنتظرين بعض الوقت لتصبحي حبيبتي؟
شعر عن الحب للمتنبي
وما كنت ممن يدخل العشق قلبه
ولكن من يبصر جفونك يعشق
أغرك مني أن حبك قاتلي
وأنك مهما تأمري القلب يفعل
يهواك ما عشت القلب فإن أمت
يتبع صداي صداك في الأقبر
أنت النعيم لقلبي والعذاب له
فما أمرّك في قلبي وأحلاك
وما عجبى موت المحبين في الهوى
ولكن بقاء العاشقين عجيب
لقد دبّ الهوى لك في فؤادي
دبيب دم الحياة إلى عروقي
خليلي فيما عشتما هل رأيتما قتيلاً
بكى من حب قاتله قبلي
لو كان قلبي معي ما اخترت غيركم
ولا رضيت سواكم في الهوى بدلاً
فيا ليت هذا الحب يعشق مرة
فيعرف ما يلقى المحب من الهجر
عيناكِ نازلتا القلوب فكلها
إما جريح أو مصاب المقتل
وإني لأهوى النوم في غير حينه
لعل لقاء في المنام يكون
ولولا الهوى ما ذلّ في الأرض عاشق
ولكن عزيز العاشقين ذليل
نقل فؤادك حيث شئت من الهوى
ما الحب إلا للحبيب الأول
إذا شئت أن تلقى المحاسن كلها
ففي وجه من تهواها جميع المحاسن
لا تحارب بناظريك فؤادي
فضعيفان يغلبان قوياً
إذا ما رأت عيني جمالك مقبلاً
وحقك يا روحي سكرت بلا شرب
كتب الدمع بخدي عهده لهوى
والشوق يملي ما كتب
أحبك حبين حب الهوى
وحباً لأنك أهل لذاك
رأيت بها بدراً على الأرض ماشياً
ولم أرَ بدراً قط يمشي على الأرض
قالوا الفراق غداً لا شك قلت لهم
بل موت نفسي من قبل الفراق غداً
قفي ودعينا قبل وشك التفرق
أحب حتى ثرى الأرض التي وطأتها
ضممتك حتى قلت ناري قد انطفأت
فلم تطف نيراني وزيد وقودها
لأخرجن من الدنيا وحبكم
بين الجوانح لم يشعر به أحد
تتبع الهوى روحي في مسالكه حتى
جرى الحب مجرى الروح في الجسد
أحبك حباً لو يفض يسيره على
الخلق مات الخلق من شدة الحب
فقلت: كما شاءت وشاء لها الهوى
قتيلك قالت: أيهم فهم كثر
أنت ماضٍ وفي يديك فؤادي
رد قلبي وحيث ما شئت فامضِ
ولي فؤاد إذا طال العذاب به
هام اشتياقاً إلى لقيا معذبه
ما عالج الناس مثل الحب من سقم
ولا برى مثله عظماً ولا جسداً
قامت تظللني ومن عجب شمس
تظللني متن الشمس
هجرتك حتى قيل لا يعرف الهوى
وزرتك حتى قيل ليس له صبراً
قالت جننت بمن تهوى فقلت لها
العشق أعظم مما بالمجانين
ولو خلط السم المذاب بريقها
وأسقيت منه نهلة لبريء
وقلت شهودي في هواك كثيرة
وأصدقها قلبي ودمعي مسفوح
أرد إليه نظرتي وهو غافل
لتسرق منه عيني ما ليس دارياً
لها القمر الساري شقيقة
وإنها لتطلع أحياناً له فيغيب
وإن حكمت جارت علي بحكمها
ولكن ذلك الجور أشهى من العدل
ملكت قلبي وأنت فيه
كيف حويت الذي حواك
قل للأحبة كيف أنعم بعدكم
وأنا المسافر والقلب مقيم
عذبيني بكل شيء سوى الصدّ
فما ذقت كالصدود عذاباً
وقد قادت فؤادي في هواها
وطاع لها الفؤاد وما عصاها
خضعت لها في الحب من بعد عزتي
وكل محب للأحبة خاضع
ولقد عهدت النار شيمتها الهدى
وبنار خديك كل قلب حائر
عذبي ما شئت قلبي عذبي
فعذاب الحب أسمى مطلبي
بعضي بنار الهجر مات حريقاً
والبعض أضحى بالدموع غريقاً
قتل الورد نفسه حسداً منك
وألقى دماه في وجنتيك
اعتيادي على غيابك صعب
واعتيادي على حضورك أصعب
قد تسربت في مسامات جلدي مثلما
قطرة الندى تتسرب
لك عندي وإن تناسيت عهد
في صميم القلب غيرنك