تُعد الآيات القرآنية التي تتناول النظافة البيئية دعوةً للمحافظة على بيئتنا، إذ تلعب دوراً مهماً في توعية الأفراد بشأن أهمية العناية بمحيطهم. فبينما يتجاهل بعض الناس نظافة الشوارع والأماكن العامة، فإن هذا التصرف يؤدي للتحولات السلبية التي نُشاهدها بسبب التلوث البيئي.
الآيات القرآنية حول النظافة البيئية
ينطوي القرآن الكريم على العديد من الآيات التي تُشدد على ضرورة الحفاظ على البيئة. ومن أبرز هذه الآيات:
- قال الله تعالى في سورة الأنعام، الآية 97: (وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر قد فصلنا الآيات لقوم يعلمون).
- وفي سورة البقرة، الآية 60، يقول الله تعالى: (كُلُوا وَاشْرَبُوا مِن رِّزْقِ اللَّهِ وَلاَ تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ).
- تُبرز هذه الآية أهمية النعم التي منحها الله لنا، مما يستدعي تقديرها واحترامها.
- كما تدعونا لتجنب التسبب في الفساد، وضرورة تعمير الأرض بدلاً من إفسادها.
- وذكر الله سبحانه وتعالى في سورة النمل، الآية 88: (وَتَرَى الجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ).
- تشير هذه الآية إلى إتقان الله في خلق البيئة التي نعيش فيها.
- قال الله تعالى أيضاً في سورة القمر، الآية 49: (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ).
- وكذلك في سورة السجدة، الآية 7: (الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ).
- وفي سورة المائدة، الآية 2: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ العِقَابِ).
- توضح هذه الآيات أهمية العلاقة بين الإنسان والبيئة، والتي يجب أن تكون قائمة على الاحترام والحفاظ على نظافتها، وإلا يتعرض المخالفون لعقاب الله.
الإنسان كعامل رئيسي في تلوث البيئة
يتجلى دور الإنسان كمسبب رئيسي لتلوث البيئة في قوله تعالى: (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ). [الروم: 41].
ضرورة إصلاح الأرض والتحذير من الفساد
- يؤكد القرآن على أهمية الحفاظ على البيئة والامتناع عن الإفساد.
- تشير النصوص إلى ضرورة أن يتحمل الأفراد والمجتمعات مسؤولية مشتركة لحماية الأرض من الأفعال السلبية.
- توضح هذه الآيات كيف يتنافى الإفساد في الأرض مع الأوامر الإلهية التي تدعو للإصلاح وصيانة الموارد الطبيعية.
ومن الآيات التي توضح فرضية الإصلاح والنهي عن الفساد:
- (وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ). [الأعراف: 56]
- (كُلُوا وَاشْرَبُوا مِن رِّزْقِ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ). [البقرة: 60]
- (وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ). [هود: 85]
- (وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ). [الأعراف: 85]
- (وَارْجُوا الْيَوْمَ الْآخِرَ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ). [العنكبوت: 36]
- (وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ). [القصص: 77]
التحذير من الإضرار بالبيئة واستنزاف مواردها
- يتضمن التحذير من الأضرار البيئية واستنزاف الموارد جزءًا هامًا من التعاليم القرآنية التي تدعو إلى الاستخدام الحكيم لهذه الموارد.
- تنبه هذه الآيات إلى العواقب الناتجة عن التصرفات التي يمكن أن تؤدي إلى تدمير البيئة.
ومن الآيات التحذيرية:
- (وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ). [البقرة: 205]
- (يا بَني آدَمَ خُذوا زينَتَكُم عِندَ كُلِّ مَسجِدٍ وَكُلوا وَاشرَبوا وَلا تُسْرِفوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ المُسْرِفينَ). [الأعراف: 31]
- (وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ * الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ). [الشعراء: 151، 152]
- (كُلُوا مِن ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ). [الأنعام: 141]
الاستخلاف في الأرض وعمرانها
- تؤكد النصوص القرآنية على دور الإنسان كخليفة في الأرض، وهذه مسؤولية تتطلب العناية بها.
- يشير مفهوم الاستخلاف إلى أن الإنسان ليس مجرد مستهلك للموارد، بل هو مكلف بالحفاظ عليها للأجيال القادمة.
ومن آيات الاستخلاف:
- (وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِهَا قُصُورًا وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتًا فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ). [الأعراف: 74]
- (هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا). [هود: 61]
- (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً). [البقرة: 30]
تسخير مكونات البيئة للانتفاع بها
- يُشير القرآن الكريم إلى تسخير الله لمكونات البيئة من أجل منفعة الإنسان، مما يُعكس استخدام الموارد الطبيعية بطريقة مستدامة.
- تبين الآيات أن الموارد الطبيعية هي هبة من الله يجب استخدامها باحترام لتحقق التوازن البيئي.
ومن آيات التسخير:
- (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ). [الملك: 15]
- (وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ * وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ * إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ * وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ *
- وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ * وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ * وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ * وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوَارِثُونَ). [الحجر: 16-23]
- (وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ). [الجاثية: 13]
- (أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً). [لقمان: 20]
- (وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ). [النحل: 14]
- (هُوَ الَّذِي أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً ۖ لَّكُم مِّنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ). [النحل: 10]
آيات أخرى تتعلق بالنظافة
- قال الله تعالى في سورة الملك، الآية 15: (هوَ الَّذِي جَعَلَ لَكم الأَرْضَ ذَلولاً فَامْشوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكلوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النّشور).
- تشير هذه الآية إلى أن الله خلق الأرض من أجل انتفاعنا، مما يستوجب علينا مراعاة نظافتها.
- تم الإشارة أيضاً إلى أهمية الحفاظ على البيئة في الآية 56 من سورة الأعراف.
- قال الله تعالى: (وَلاَ تفْسِدوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا وَادْعوه خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيب مِّنَ المحْسِنِينَ).
- تشجع هذه الآية الأفراد على تجنب تلويث الأرض بعد إصلاحها.
- ويجب الاعتناء بمقدراتها لاستدامتها لفترة طويلة.
- كما قال الله تعالى في سورة البقرة، الآية 30: (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً).
- تشير هذه الآية إلى أن مهمة الإنسان هي تعمير الأرض وليس إفسادها.
- لذلك يُفترض بنا الاستماع إلى أوامر الله عز وجل.
الأحاديث النبوية حول النظافة
لقد وردت الكثير من الأحاديث النبوية التي تحث على النظافة بجانب الآيات القرآنية. ومن هذه الأحاديث:
- عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “اتَّقُوا اللَّعَّانَيْنِ، قالوا: وَما اللَّعَّانَانِ يا رَسُولَ اللهِ؟ قالَ: الذي يَتَخَلَّى في طَرِيقِ النَّاسِ، أَوْ في ظِلِّهِمْ”.
- يحذرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من البول في الأماكن العامة التي يمر بها الناس، لأنه يؤدي إلى تلوث البيئة.
- كما أنه يمكن أن يتسبب في أضرار جسيمة للناس.
- عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “لا يَبولَنَّ أحَدكمْ في المَاءِ الدَّائِمِ الذي لا يَجْرِي، ثمَّ يَغْتَسِل فِيهِ”.
- يُشير هذا الحديث إلى دلالة مهمة على ضرورة الابتعاد عن التبول في المياه الراكدة.
- ويحذر من أن ذلك قد يعوق قدرة بعض الناس على الطهارة.
- لذا ينبغي على الجميع الالتزام بهذا النصيحة لأسباب صحية.
أحاديث أخرى تؤكد أهمية النظافة
- عن معاذ بن جبل رضي الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “اتَّقوا المَلاعنَ الثلاثَ، البُرازَ في المواردِ، وقارعةَ الطريقِ، والظِّلَّ”.
- ينبه نبي الله محمد في هذا الحديث إلى بعض السلوكيات التي يقوم بها الناس، مثل التبول في الأماكن العامة أو تحت الظلال.
- عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “طهِّروا أفنيتَكم، فإنَّ اليهودَ لا تطهِّرُ أفنيتَها”.
- يحُث رسول الله صلى الله عليه وسلم على تنظيف ساحة المنزل والبيئة المحيطة.
- ويشير إلى هذه العادة السيئة كوصف للممارسات غير النظيفة.
- عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “يجيءُ صاحبُ النُّخامةِ في القِبْلةِ يومَ القيامةِ وهي في وجهِه”.
- وأشار رسول الله إلى ضرورة عدم البصق نحو القبلة، احتراما لمكان الصلاة.
كيفية الحفاظ على البيئة
يمكن أن يُتحقق من الحفاظ على البيئة من خلال مجموعة من الممارسات مثل:
- تشجيع زراعة الأشجار والنباتات في الأماكن العامة.
- تُساهم هذه النباتات في امتصاص ثاني أكسيد الكربون، مما يحد من التلوث البيئي.
- الابتعاد عن حرق الأشجار أو القمامة في الشوارع.
- لأن الدخان الناتج عن ذلك يضر بالبيئة وصحة الناس.
- تجنب استخدام الأسمدة الكيميائية التي تلوث التربة والمنتجات الزراعية.
- استبدال الأكياس البلاستيكية بأكياس قماشية أو ورقية.
- لأن البلاستيك يتحلل ببطء، مما يؤدي لتأخير آثار التلوث.
- شراء ألعاب للأطفال وأثاث المنزل من مواد طبيعية وآمنة.
- لتفادي الأضرار الصحية الناتجة عن المواد الكيميائية.
- الامتناع عن قطع الأشجار أو إتلاف الأراضي الزراعية لبناء المباني.
- الحرص على عدم إلقاء القمامة في الشوارع.
- إطلاق حملات توعية من خلال الإعلام لتعزيز الحماية البيئية وتجنب التلوث.
- تدوير المواد بدلاً من التخلص منها للاستفادة منها لأطول فترة ممكنة.
- التركيز على الحفاظ على مصادر المياه.
- مع تجنب تلويثها أو إلقاء المخلفات فيها، خاصة في الأنهار والبحيرات.