البعث والحساب
يُعتبر البعث والحساب من أبرز مشاهد يوم القيامة التي ذكرها الله -سبحانه وتعالى- في كتابه العزيز. البعث يعني إحياء الله -تعالى- للناس الذين فرض عليهم الموت، وذلك ليُحاسبوا على أعمالهم التي قاموا بها خلال حياتهم في الدنيا. إن الإيمان بهذا اليوم وما يتضمنه من أحداث هو الركن الخامس من أركان الإيمان، حيث يجب على كل مسلم أن يؤمن به إيمانًا قويًا خالياً من الشك أو الريبة. ولا يمكن أن يكتمل إيمان الشخص أو يكون صحيحًا إذا أنكر أي من تلك الأحداث أو أقر ببعضها فقط، حيث قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- بشأن الإيمان: (أن تُؤْمِنَ باللهِ، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتُؤْمِنَ بالقَدَرِ خَيْرِه وشَرِّه).
أهمية الإيمان بالبعث والحساب
يترتب على الإيمان بالبعث والحساب مجموعة من الآثار والثمرات التي سنذكر بعضها فيما يلي:
- تضاعف الأجر والثواب، حيث إن الإيمان بعالم الغيب كالبعث والحساب يضمن لأهله الهداية والرزق الحسن في الآخرة.
- الاجتهاد في القيام بالطاعات والسعي وراء ما يرضي الله والامتثال لأوامره طلبًا للأجر والثواب وحسن العاقبة.
- الحذر من ارتكاب المعاصي والانزلاق وراء ما يبغضه الله، والسعي لتجنب ما حذّر منه خوفًا من العقاب.
- مواساة المؤمن لنفسه عندما يفوته شيء في الدنيا من خلال الأمل في جزاء عظيم عند الله.
- التحلي بالصبر عند الابتلاءات، والرضا بقضاء الله وقدر.
- اتباع أسباب حسن الخاتمة، ومنها: التمسك بالأعمال الصالحة والابتعاد عن السيئات، والدعاء بأن يُحسن الله خاتمة أمره.
- التقيد بما يحبه الله -تعالى- من أقوال وأفعال والابتعاد عما يسبب له السخط.
فهم الإيمان بالبعث والحساب
الإيمان بالبعث يتضمن اليقين الصادق بأن الله -تعالى- سيُبعث الخلائق بعد موتهم في يوم القيامة، حيث قال -تعالى-: (يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ). أما الحساب فهو ما يُترتب من ثواب أو عقاب على ما فعله العبد من أعمال بعد البعث في الآخرة، كما قال -تعالى-: (مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللَّـهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا*وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَـئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا).
أدلة وجود البعث والحساب من القرآن والسنة
وردت العديد من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تثبت البعث والحساب، منها:
- قال -تعالى-: (وَقَالُوا أَإِذَا كُنَّا عِظامًا وَرُفَاتًا أَإِنَّا لَمَبعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا*قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا*أَوْ خَلْقًا مِّمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ مَن يُعِيدُنَا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنَغِّضُونَ إِلَيْكَ رُؤُوسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَن يَكُونَ قَرِيبًا*يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِن لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا).
- قال -تعالى-: (أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ*وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَن يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ*قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ).
- روى الإمام البخاري في صحيحه عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (قالَ اللَّهُ: كَذَّبَنِي ابنُ آدَمَ ولمْ يَكُنْ له ذلكَ، وشَتَمَنِي ولمْ يَكُنْ له ذلكَ؛ فأمَّا تَكْذِيبُهُ إيَّايَ فَزعَمَ أنِّي لا أقْدِرُ أنْ أُعِيدَهُ كما كانَ، وأمَّا شتْمُهُ إيَّايَ فَقَوْلُهُ: لي وَلَدٌ، فَسُبْحَانِي أنْ أَتَّخِذَ صاحِبَةً أو وَلَدًا).
- ورد عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: (لا يؤمنُ عبدٌ حتَّى يؤمنَ بأربعٍ باللهِ وحدَه لا شريكَ له وأنِّي رسولُ اللهِ وبالبعثِ بعد الموتِ والقدرِ).