هل يؤدي الكلام الجنسي إلى بطلان الصيام؟ يعد الحديث في هذا الموضوع من الأمور الهامة التي تثير قلق العديد من الأشخاص، لا سيما في نهار شهر رمضان، حيث يخشى الكثير من تأثير هذا الأمر على صحة صيامهم.
يختلف حكم الكلام الجنسي وفقاً لحالة كل فرد، فقد يتضمن الأمر مجرد حديث دون حدوث أي استجابة جسدية، بينما في حالات أخرى قد يترافق مع الاستمناء أو المداعبة.
في هذا المقال، سنستعرض مختلف الحالات المتعلقة بالكلام الجنسي وحكم الصيام في كل حالة، لذا تابعونا.
هل الكلام الجنسي يفسد الصيام؟
توجد آراء متباينة حول مسألة الكلام الجنسي أثناء الصيام، سواء كان بين الزوجين أو غيرهما.
كما تنطبق هذه الفتاوى على الرسائل الجنسية المُتبادلة عبر منصات التواصل الاجتماعي، وتشمل الآراء التالية:
الرأي الأول
- إذا كان الحديث الجنسي مجرد كلام ولم يتسبب في الإنزال، فإن الصيام يكون صحيحاً.
- ومع ذلك، يُعتبر هذا الفعل من الأمور المكروهة، ويلزم المسلم أن يتحلى بالصبر والنية الصادقة لإتمام صيامه إيماناً واحتساباً.
- اتفق العلماء أنه إذا تم الحديث في الهاتف مع مداعبة للفرج حتى حدث الإنزال، فإن الصيام يكون باطلاً بالاتفاق.
- ويتعين قضاء هذا اليوم دون كفارة.
- لابد أن يتذكر المسلم أنه يصوم لله في نهار رمضان ويبتعد عن الشهوات التي يُحل له ممارستها عند بغض الطرف، وذلك لنيل رضى الله، الذي هو الغاية الأسمى من الصيام. وبالنسبة للحديث الشريف، جاء فيه (يَترُكُ طعامَهُ وشرابَهُ وشَهوتَهُ مِن أجلي، فَالصِّيامُ لي، وأنا أَجزِي به، والحَسَنَةُ بعَشْرِ أَمثالِها).
- الصيام ليس مجرد الامتناع عن الطعام والشراب وممارسة الشهوة، بل الهدف الحقيقي منه هو تحقيق تقوى الله عز وجل.
- فقد أمرنا الله بالمحافظة على الجوارح والابتعاد عن معصيته، كما قال الله تعالى في كتابه الكريم (يا أيها الذين آمنوا كُتِبَ عليكم الصيام كما كُتِبَ على الذين من قبلكم لعلّكم تتقون) سورة البقرة/183.
الرأي الثاني
- اجمع معظم العلماء على أنه إذا قام الصائم بالتحدث في الجنس، سواء بالصوت أو عبر الرسائل، وتم الإنزال نتيجة هذا الحديث فقط.
- فقد ارتكب فعلاً محرماً شرعاً، ويتعين عليه العودة إلى الله والتوبة النصوحة.
- بحسب رأي الأحناف والشافعية والحنابلة، لا كفارة لهذا الفعل سوى التوبة، ويكون الصيام صحيحاً.
- إذ يقولون إن الصيام يبقى صحيحاً إذا حصل الإنزال بسبب النظر.
- وبما أن الكلام أقل من النظر، فالصيام يكون صحيحاً ويتطلب فقط التوبة.
- أما الإمام أحمد بن حنبل، فيرى أن الصيام يكون باطلاً إذا تكرر النظر إلى العورات وتم الإنزال.
- لكن ينصح ببطلان الصيام في حالة التفكير الذي يؤدي إلى الإنزال.
- وبخصوص الكلام، يعتبر الإمام أحمد بن حنبل أنه لا يصل إلى مستوى النظر، لذا يُعتبر صيامه صحيحاً.
نوصي بقراءة:
هل التفكير في الجنس يبطل الصيام؟
- أكدت الكثير من الفتاوى أنه مجرد التفكير في الأمور المثيرة للشهوة، سواء للرجل أو المرأة، لا يُبطل الصيام.
- لكن إذا حدث نزول المني نتيجة هذا التفكير أو مشاهدة مواد إباحية، فيظل صيامه صحيحاً في رأي جمهور أهل العلم.
- بينما الإمام مالك يعتقد أنه يجب على هذا الشخص الإفطار وقضاء يوم آخر.
- وفي هذا الصدد، ذكر ابن هبيرة في كتابه (اختلاف الأئمة العلماء): (وأجمعوا على أن من فكر فأنزل، فإن صيامه صحيح، إلا مالكاً فإنه قال: يفطر، وعليه قضاء).
- يبقى التفكير في مثل هذه الأمور أثناء الصيام مكروهاً عند الكثير من العلماء، لأن الصيام يُعتبر تهذيباً للنفس وحمايتها من شهوات التحكم عليها.
بعض آراء الفقهاء حول حكم الكلام الجنسي وتأثيره على الصيام
- قال الإمام السرخسي الحنفي رحمه الله في كتابه المبسوط: (وإذا نظر إلى فرج امرأته فأنزل، فصومه تام ما لم يمسها).
- هذا يعني أن النظر إلى عورة الزوجة لا يبطل الصيام، حتى وإن أدى إلى الإنزال، وقد رأى معظم العلماء أن الكلام يُعتبر مثل النظر، لأنه لا يجمع بين الزوجين إلا في إطار محدد.
- لذا، يُعتبر صيامه صحيحاً في حالة النظر والكلام.
- أما رأي الإمام البهوتي الحنبلي رحمه الله في كشاف القناع: (إن كرر النظر فأمنى، فإنه يفطر، لأنه أنزل بفعل تلذذ به، ويمكن التحرز منه، يعني شبيه بالإنزال باللمس. أما إذا لم يكرر النظر فأمنى، فلا يفطر لعدم إمكانية التحرز من النظرة الأولى).
- وقال الإمام النووي الشافعي رحمه الله: (إذا نظر إلى امرأة وتلذذ بذلك وأنزل، لم يفطر، سواء كرر النظر أم لا، وذلك لا خلاف فيه؛ إلا رأياً شاذاً قاله السرخسي في الأمالي، بأنه إذا كرر النظر فأنزل، بطل صومه).
- أكد العلماء أن المعاصي برمتها قبيحة، ويزداد ذلك في المواسم الفاضلة والأماكن المقدسة، فالمعاصي تظل قبيحة، لكنها تزداد قبحاً خلال شهر رمضان المعظم.