قصائد شعرية في الغزل

قمر أعار الصباح حسنه ومظهره

يقول ابن رواحة الحموي:

قمرٌ أعار الصبَاحَ جمالَ ابتسامتِه

كما أعارَ الغصن لِين تأوّده

اخضَرّ شاربه فبان لغلّتي

منه اخضرارُ الروض حول المورد

ومتى يُباح لعاشقيه مقبّلٌ

كالدّره في الياقوت تحت زبرجدٍ

يا ساحر الطرف ليلى، ما له سحرٌ

يقول ابن النطروني:

يا ساحرَ الطرف ليلى، ما له سحرٌ

وقد أضرّ بجفني بعدك السهرُ

ولستُ أدري وقد صوّرتُ شخصك في

قلبي المشوق، أأنت شمسٌ أم قمرٌ

ما صوّر الله هذا الحسن في بشرٍ

وكان يُمكن ألّا تُعبد الصورُ

أنت الذي نالت عيني برؤيته

لأنها شقيت من بعدها الفكرُ

أموت وجداً ومالي منك رحمةٌ

وكم حذّرتُ ولم ينفعني الحذرُ

أستغفر اللهَ، لا والله ما خُلِقَت

عيناك إلا لكي يفنى بها البشرُ

وغزالٌ لاح لي في حلة

يقول ابن الساعاتي:

وغزالٍ لاح لي في حلةٍ

جمعت من كل لونٍ مقترحْ

أشرقتْ ألوانها من وجهه

فهو مثلُ الشمس في قوس قزحْ

عيون المها، مالي بسحركِ من يدٍ

يقول ابن الساعاتي:

عيونَ المها، مالي بسحركِ من يدِ

ولا في فؤادي موضعٌ للتجلّدِ

رويداً بقلبٍ مستهامٍ متيمٍ

ورفقاً بهذا الجفن القريح المسهد

قفي زوّدينا منك يا أمَّ نالكٍ

فغير كثيرٍ وقفة المتزوّد

ففي الظعن ألوى، لا يرقّ لعاشقٍ

سرى منجداً لكنه غير منجد

وبيض الطلى حور المناظر سودها

وما كحلت أجفانهنّ بإثمد

لعلَّ رجاءً فات في اليوم نيله

يداركهُ حظٌ فيدرك في الغد

بليت بفعل الرّدف لدنٍ قوامهُ

ضعيف مناط الخصر أهيفَ أغيد

ترى يجتني كفُّ الهوى ثمر المنى

بهِ من قضيب البانة المتأود

ذللت لسلطان الهوى بعد عزّةٍ

وليست لذلٍ قبلها بمعود

لقد عذبتني يا حب لبنى

يقول قيس بن ذريح:

قد عذّبتَني يا حبّ لبنى

فقع إما بموتٍ أو بحياةٍ

فإنّ الموت أروحُ من حياةٍ

ندوم على التباعد والشّتاتِ

وقال الأقربون تعز عنْها

فقلت لهم إذن حانت وفاتي

وجهك مثل مطلع القصيدة

يقول نزار قباني:

وجهك مثل مطلع القصيدة

يسحبني

يسحبني

كأنني شراعٌ

ليلاً إلى شواطئ الإيقاع

يفتح لي أفقاً من العقيق

ولحظة الإبداع

وجهك وجهٌ مدهشٌ

ولوحةٌ مائيةٌ

ورحلةٌ من أبدع الرحلات

بين الآس والنعناع

وجهك

هذا الدفتر المفتوح ما أجمله

حين أراه ساعة الصباح

يحمل لي القهوة في ابتسامته

وحمرة التفاح

وجهك يستدرجني

لآخر الشعر الذي أعرفه

وآخر الكلام

وآخر الورد الدمشقي الذي أحبه

وآخر الحمام

بانت سعاد، ففي العينين ملمول

يقول الأخطل:

بانت سعادُ ففي العينين ملمولٌ

من حبّها وصحيح الجسم مَخبولٌ

فالقلبُ من حبّها يعتاده سَقَمٌ

إذا تذكّرتُها والجسم مسلولٌ

وإن تناسيتُها أوقلتُ قد شحطت

عادت نواشطُ منها فهو مكبولٌ

مرفوعةٌ عن عيون الناس في غرفٍ

لا يَطمَعُ الشمطةُ فيها والتنبيلُ

يخالطُ القلبَ بعد النوم لذتها

إذا تنبّه واعتلى المتافيلُ

يُروي العطاشَ لها عذبٌ مقبّلُهُ

في جيدِ آدَمَ زانَتهُ التهاويلُ

حليٌ يشبُّ بياضَ النحر واقدُهُ

كما تُصوّرُ في الدير التماثيلُ

أو كالعسيب نماه جدول غدقٌ

وكأنه وَهَجَ القَيْظِ الأظليلُ

غرّاءُ فرعاءُ مصقولٌ عوارضُها

كأنها أَحوَرُ العينين مكحولُ

أخرقهُ وهو في أكنافِ سِدرَتِهِ

يوم تُضرّمُهُ الجوزاءُ مشمولُ

وغزالٌ ترى على وجنتيه

يقول ابن الرومي:

وغزالٍ ترى على وجنتيهِ

قطرَ سهمَيْهِ من دماء القلوبِ

لهفَ نفسي لتلك من وجناتٍ

وردُها وردُ شارقٍ مهضوبِ

أنهلَتْ صبغَ نفسها ثم عُلَّتْ

من دماءِ القتلى بغير ذنوبِ

بل أتى ما أتى إليهم من الأمر

بوترٍ لديهم مطلوبِ

جرحتْهُ العيونُ فاقتصد منها

بجوىً في القلوب دامي النّدوب

لم يُعادلْهُ في كمالِ المعاني

توأمُ الحُسنِ من بني يعقوبِ

أعطيت من أعشقها وردةً

يقول إيليا أبو ماضي:

أعطيتُ من أعشقها وردةً

من بعدِ أن أودعتها قلبي

فجعلت تنثُرُ أوراقَها

بأناملٍ كالغنم الرطبِ

لا تسألوا العاشقَ عن قلبهِ

قد ضاعَ بين الضحك واللعبِ

لم أقطفِ الوردةَ من غصنِها

لو لم تَكن كالخدِّ في الإتقاد

ولم تمزّق هندُ أوراقَها

لولا اشتباهٌ بينَها والفؤاد

طيف الحبيب ألم من عدوائه

يقول البحتري:

طيفُ الحبيبِ أَلَمَّ مِن عُدَوائِهِ

وبعيدِ موقعِ أرضِهِ وسماهِ

جزعَ اللّوى عجلاً ووجهَ مُسرعاً

من حزنِ أبرقِهِ إلى جَرعائِهِ

يُهدي السلامَ وفي اهتداء خيالهِ

من بعدهِ عجبٌ وفي إهدائِهِ

لو زارَ في غيرِ الكرى لشَفاكَ من

خبلِ الغرامِ ومن جَوى بُرَحائِهِ

فدعِ الهَوى أو متّ بدائكَ إنَّ من

شأن المتيمِ أن يموتَ بدائِهِ

وأخٍ لبستُ العيشَ أخضرَ ناضراً

بكريمِ عشرتِه وفَضلِ إخوتهِ

ما أكثرَ الآمالَ عندي والمنايا

إلا دفاعُ الله عن حُوبائِهِ

وعلى أبي نوحٍ لباسُ محبّةٍ

تعطيهِ محضَ الودِّ من أعدائِهِ

غضي جفون السحر أو فارحمي

يقول حافظ إبراهيم:

غضي جفون السحر أو فارحمي

متيمًا يخشى نزال الجفون

ولا تصولي بالقوام الذي

تَميسُ فيهِ يامناي المَنون

إني لأدري منكِ معنى الهوى

يا جوليا والناس لا يعرفون

يا حسنها حين تجلت على

يقول خليل مطران:

يا حسنها حين تجلَّتْ على

عُبَّادِها في عزةٍ لا تُرامْ

بين نُجيماتٍ بدتْ حولها

لها رفيفُ القطرات السّجامْ

تسقي عيونَ الناس شبهَ الندى

من نورها الصافي فتشفِي الأوّامْ

كأنما الزهراءُ ما بينها

ملكةٌ في موكبٍ ذي نظامْ

والقومُ جاثون لدى حسنها

سجودَ حبٍّ صادقٍ واحتشامْ

مُطهّرون من شبهةٍ

منزّهون عن شهواتٍ كل ذامْ

ورامشة يشفي العليل نسمها

يقول ابن زيدون:

ورامِشةٍ يشفِي العَلِيلَ نَسيمُها

مُضَمَّخةُ الأنفاسِ طَيِّبَةُ النشرِ

أشارَ بها نحوي بَنانٌ مُنعَّمٌ

لِأَغيَدَ مَكحولِ المَدامعِ بالسّحرِ

سَرت نَضرَةٌ من عهدِها في غصونِها

وعُلَّت بمِسكٍ من شمائلها الزهرِ

إذا هو أهدى الياسمينَ بكفّهِ

أخذتُ النجومَ الزهرَ من راحةِ البدرِ

له خُلُقٌ عَذبٌ وخَلْقٌ مُحسَّنٌ

وظرفٌ كعَرفِ الطيبِ أو نشوةِ الخمرِ

يُعَلِّلُ نفسي من حديثٍ تلذذهُ

كَمِثلِ المُنى والوصلِ في عُقُب الهجرِ

Scroll to Top