إكسير الحياة
- يقول حمد بن خليفة أبو شهاب:
يبدو شعره متلألئًا بك، فتشرق سطوره دون سواها،
ويتدفق نثره فرحًا كنبع صافٍ،
فأنتِ له، يا قرة العين، كواحةٌ،
تحف بها بساتين تهتز أشجارها.
فإذا تألقت كلماته وانبثقت معانيه،
كان الحب الجميل هو القائد هنا،
يال الذي ينسجم مع الألوان الواضحة:
فيشعر بالعذوبة، ويشبع ذوقه من نبعٍ صافٍ.
فأنتِ له، يا لمسة العمر، ظلٌ
وملاذ في عالم الحب وزهور النعيم.
أنفاسه تتراقص بعبق عطرِك،
ولولاكِ ما اشتهى الربان نتاجه،
ولا كما أنشد طائرٌ لم يرفرف سواه،
ولا هُنِي الزمان بمجد أو شقاء،
بدونك، ولا أشعل الفضاء الجذاب.
إن حبك هو إكسير الحياة وروحها،
وملاذ القلب الذي لا يحتمي بسواكِ.
أما غيرك فلا يستهواني،
وقلبي لا يتحرك إلا صوبك.
ما كتبت من شعر، فهو في جمالك،
وما نثرت من اقتباسات، فهو من شغفك.
الشعر يرفض إلا أن يتغنى بك،
بأضواء اللامع الموقدة في سطوره.
أغالبك القلب اللجوج صبابة
يقول المرقش الأكبر:
أغالبكِ، القلب اللجوج في الشوق،
وهامًا حتى إلى أسماء، هل تكسرين صمته؟
تجوب الأماني ومشاعره تتيه،
وهكذا هوى، مترددًا بآثاره العابرة.
أيتعلق إنسان بحبٍ قد تناءى،
بتلميحٍ من الواشين، جانبه يتبدل؟
وأسماء هي همّ النفس، إن كنت تدرك،
ودواعي القلب وما قد غاب عنها.
إذا ذكرتها النفس، أشعر وكأنني،
أهتزّ مع كل وردة في مشهد الصبر.
هيفاء تقتل عشاقها
يقول ابن الساعاتي:
هيفاء تحطم عواطف عشاقها،
بسهم قوامها وسيف جمالها،
توجه جفونها كالسهم إلى القلب،
وتفتح خدها وردةً على شبعه.
إذا هدهت الصباح بصغر جبينها،
شاركتني في حكاية الشوق والألم،
فتنادي عامل الشجن فيمن يتفوه،
ونحن كما قد قيل فيما مضى،
أراها تضيء بالنجوم والهدوء.
وأحوى سهامها لي مهلكة،
فالتسابق عليّ أو نظرة تتعاقب.
حسنها كل ساعة يتجدد
- يقول ابن سناء الملك:
جمالها يتجدد كل لحظة،
لذا حبي لا يعرف تحديدًا،
إن عشقي كوجهها، لا ينقص،
وهمّي كهجرك ليس له حدود.
غير أن الخيال يأتي ليطول،
فطويلي من الخجل يصعب على النفس.
تكون صورة الخيال في عيني، ولكن،
عطرها يتسكع في يدي.
شجاعةٌ في لطافتها كانت،
لكلٍ منها قضاء لحياته.
هي لا شك معصومةٌ، لكنّ،
كيف من جودتها قَصَدي يؤكد.
قد حملت زينة الملكة متألقة،
متألقة كعقدٍ في عتبات الأجفان.
روت سحرها بحظها لتخلق،
كل يوم لنا حدث من مرويات الحياة.
وحدّثتني، بشفاهٍ قيلت،
كعسل ورائحة بزهور مبهجة.
وهي من حسنها تميت وتحيي،
وهي من يينها تتيح وتمنع.
إذا أرادت بوجهها نور الوصل،
أرادت أن تعطي فرعها بركات السعادة.
أعادتني لأقحوان مبلل،
ونهزت همسًا من ياسمين وردي.
وأرادت بسحرها قتيلي لكن،
لم تدري أنني محصن بمحبة.
مدى ما رأى البحر تألقه،
فقد شهد لي إلا النقاء بالأفضليات.
عيد قيس من حب لبنى ولبنى
يقول قيس بن ذريح:
عيد قيس من حب لبنى، ولبنى،
داءٌ غلف العشق حادٌ جدًا،
وإذا زدني الوقتُ أيومًا،
قالت عيوني لا أرى ما أريد.
ليت لبنى تمت الي، ثم أخلص،
لكنها لا تأتي فيمن يأتي.
ويلٌ لقيس، لقد حمل في صدره،
داء خبل، والقلب منه متعثر.
عيون المها مالي بسحرك من يد
- يقول ابن الساعاتي:
عيون المها، مالي بسحرك عند يدي،
ولا في فؤادي موضع للخداع،
رويَ لحظةً بقلبٍ مسحور حزين،
ورفقًا بجفني الذي ذا الأسى قد قاذف.
قف زوديني منك، يا أم العناق،
فغير كثيرٍ في تلك الوقفة.
ففي الظعن، لا ترق لي النفوس،
فينجذب منجداً، لكنه ليس منجداً.
وبيض الطلى، حور المناظر سوداها،
وما كحلت أجفانها بإثمد.
لعل رجاءً فات في تنالمه اليوم،
يدركه حظٌ، فيدركه غدًا.
بليت بفعلٍ كثيف المنحنيات،
ضعيفة متواضعة، مشبهة الحال،
ترى تجود كفُ الهوى بقضا وكين،
ورقة قد انتظرت.
وكلما شفت بها غصن بانٍ،
مللاً في عيني والقلب، يملاً اليد.
وخصرٍ ضعيفٍ مكافحٍ لضيائي،
متى تريد تحلُّ أو متى ترغب في العقد؟
خذ حديثي فإنه معسول
يقول عمارة اليمني:
خذ حديثي، فإنه عذب وتنقا،
وحديث رجالهم تُقْبض من الأفران.
حيث التفت، وجدت روضةً،
وهديرًا يستقبلني وديعًا،
غير أن القدود لم أك أنا أدري،
قبل ذاك، من أي شيء قد ميل.
وغصون الحدائق الخضر تجري،
بينهم العناق والتقبيل.
فجرت من رحيق الفجر،
نسمة تدغدغني في كل مكان.
أثارت بعد الوقفة حراكًا،
اهتزت من نسيم مغدق وزميل.
فإذا القد مال بعد وضع الوتيرة،
فيقين أن النسمات عذول.
حبذا جَور غادة متثنية،
من نواحيها أعتدالها وعدول.
لم يزل سحرها إلى الوصل فتاحا،
منه نحو الرضى، فيه يكون الاستتجاه.
أنا في أسرها، وأسري عليها،
فكلانا عزيزٌ ذليل.
كلما قلت أستطيل إليها،
حكم الحب أنها تستطيل.
غزلي من قرينة الحال، ليس من،
غزل صدقٍ محجوز نصيره.
ولا سلو ولا علو، لكن،
لي طلوع مع الهوى ونزول.
هي الظبي لولا عقدها والخلاخلُ
يقول عبد الرحمن السويدي:
هي ظباتٌ لولا عقدها، والخلاخل،
أو غصنٌ لولا وشاحها والغلائل.
تحركها ريح الدلال ونعمه،
وفي تكوينها تمايل مُحفَّز.
وتخال إن عودت في ورق النضار،
فتثبت أشواقاً، إليها العنادل.
قد حاول تشبيهها القمر والقد،
وهي دون مثالٍ شيء يقترن.
فيا بدري، انثنِ، لا كلفة،
ويا الحضري، انحني، أنت ذابل.
إذا انساب فوق الدمع أرقم فرعها،
منNone돼 카من ذاك وهو مُصعدٌ وننزل.
أأعير الدجى من عنها الدجن،
وهي متمسكة بصداق خاص،
مع نجوم ملامبيات حوراء.
وصقيل، وشخص العين منها مقاتل.
وقد كمُن السحر الحلال بحدودكِ،
وربما شوقي كان حسن محرم.
قلبي مقيم بالصبابة عامر،
وجسمي من وجدي والكآبة قائلا.
وما بكائي في الأصيل والضحى،
لن يشارك تلك اللأآلئ، بلابل.
ولدي زفرة، وأوقعت له لظى،
ولدي مضخ سطر له، سائل.
ولدي رقة، بها النسائم تُحدث،
وخبرٌ عن عيني؛ فلن تواسي.
رعى الله عيشًا كرخ بغداد ربعه،
وروّاه هتان من المزن هاطل.
وأيام سعدكم قضيت فيها مآرب،
هناك وقد أنتجت لي آمال.
وأديت فيها للفتة حقها،
ونبهت فيها الأعمال والدهر غافل.
خليلي، ما للدهر يعمل بشابٍ،
ليعمل كذلك، نصت عليه الأفعال.
فيخفض قدره، وهو عالم،
ويرفع ذكره، وهو جاهل.
ويستخرج منه النطق وهو من وائل،
ويصرِّح منه، ولكن عاهل.
ولا مُعَذِب منه، وأولاده، هم،
عن آلافٍ بناتي لؤم، أراذل.
إذا ما غيمٌ جوني عن وجهها،
كاد أن ينجز عنه تحليل الكشافة.
آت مماثلٌ ما في ثغرها، وعقودها،
وبالروح يُشرى ذلك المتماثل.
وقد تساوت الخدّ الشقيقة، وهي نضر.
حبدة تلك، إذ ما بين كلٍ بديع.
أما وجبين، هو الدائرة التي تعبير،
نجوم ذاهبة وهم نائلات.
وظللك يا قلب تأمل، فهو مُطَوَّق،
ويذهب تارة بالنخوة والزخارف.
وبلّور نحر مشرق، فكأنما،
عليه في إشراك اللآلي دلالات.
وفي القلب منها حرقة لو تدرس،
لذاب كل منذ سناها الجنادل.
ممنعةٌ لا يُستطاع لمحبٍ،
إليها اللقاء، بل لأجل الصيد معاقل.
محجوبة عن كل شيء سوى الراحة،
فلا الوهم يدنوها، ولا الفكر يصل.
مخدرة من دون كل سائر،
من الأسباب إلي سابقت دوائي.
لقد عصيت هواها رغم مقاومتي،
وهل غير أسماء تُعصى العواذل؟
وأخفيتُ أمري منفصلًا مما نقل،
فهمت، وأبدته ونحن في الوطن.
لكني قد كنتُ أخشى الشدائد،
ولكن دعاه والذي هو فاعل.
فلست أبالي، بعد تحققي،
بمن كملت فيه سجايا الفوائد.
نبيّ، نبيٌ مرسلٌ خير هدى،
وأكرم من هاجت إليه الرواحل.
كريم، فلا برقية الأماني مشفقة،
لديه، ولا يُستعلم حُسن منه خافل.
هو البحر إلا أن موارد عذبه،
غمرات الأعداء وصحف الأرامل.
حقير عطاياه كبيرٌ، حاتم،
وأنذر مُعطاه غير الندال.
يجود بما جاد الكرام، وبالذي،
يقبلُ به كل كرام يجيء.
ويلتذ بالحداء لعافٍ ووافدٍ،
ويأنس بالجائن إذا قيل سائل.
فشاغل بإديه لدى سالِّ الأيادي،
وفي الحرب مُفَكَّك القرار فاصل.
وفيِّ الجرشّي شامخ النّجر، دونه،
تقاعس رضوى والخورنق خامل.
بسيرتنا، فضلت عدنان على كعباً،
وحميَر من أحوال متخيلة.
وإن ذكروا آباؤه، فبفخره،
وبالسيف لغلو صيغ والخوائل.
تنزه عن كل المثالب، فتسكن،
في صهوات الحسن كالمعالي.