من هو أبو صخر الهذلي؟
يُعرف أبو صخر الهذلي، واسمه عبد الله بن سلمة السمهي، بأنه ينتمي إلى قبيلة بني هذيل. يُعتبر واحدًا من الشعراء العرب البارزين خلال العصر الأموي، وقد اشتهرت قصائده المدح، التي كانت مُكرّسة بشكل رئيسي للإشادة ببني أمية، وخاصة الخليفة عبد الملك بن مروان.
قصة الهذلي مع عبدالله بن الزبير
كان أبو صخر الهذلي من أكبر المحبين لبني أمية، حيث خصص جزءًا كبيرًا من شعره لمدحهم، بما في ذلك عبد الملك بن مروان وأخاه عبد العزيز. وله قصة مع عبدالله بن الزبير، حيث طلب الهذلي منه عطاءً، لكن ابن الزبير نصحه بالتوجه إلى بني أمية بناءً على معرفته بميوله لهذا الاتجاه.
ردّ الهذلي على ابن الزبير قائلاً: “لماذا تمنعني حقًا يجب أن أحصل عليه، وأنا شخص مسلم لم أرتكب أي ذنب بعد إسلامي؟”، فرد ابن الزبير: “عليك أن تطلب من بني أمية”.
فأجاب أبو صخر الهذلي: “إذاً، هم فقراء لا يكسرون العطاء، ذوو نفوس سخية وموهوبة، طيبون في أصولهم ومشرفين في جذورهم، قريبون من رسول الله. لا يُعتبرون كالأتباع الذين لا يحسبون شيئًا في قريش، وهم أصحاب السؤدد في الجاهلية والملك في الإسلام”.
أغضب هذا الكلام ابن الزبير، فأمر بسجنه وأقسم أنه لن يمنحه أي عطاء بين المسلمين.
شعر الهذلي
اختص أبو صخر الهذلي بمدح الأمويين، حيث نظم العديد من القصائد تكريماً لهم. لكن أيضًا لم يغفل عن كتابة قصائد في الغزل، حيث عبّر عن حبه لامرأة يُعتقد أنها ليلى بنت سعد، بالإضافة إلى قصائد في الفخر تمجد قبيلته ونسبها. عُرف أسلوبه بالسهولة والسلاسة.
تعكس أشعاره ثقافة واسعة ومعرفة عميقة، وتحتوي على معجم من أسماء البلدان والأماكن. كما جمع بين مشاعر الرقة والألفاظ الغريبة، مستخدمًا صيغ القسم والألفاظ الدالة على الإيمان. وقد حظي شعره بقبول واسع، وما زالت أشعاره تُقرأ وتُتناقل حتى يومنا هذا بفضل معانيها العميقة وكلماتها الواضحة.
نماذج من شعر أبي صخر الهذلي
ترك أبو صخر الهذلي تراثًا شعريًا كبيرًا لا يزال يؤثر في الأدب العربي. ومن بين قصائده البارزة:
قصيدة في مدح عبدالملك بن مروان
أنشد أبو صخر الهذلي قصيدة في مديح عبدالملك بن مروان عندما التقيا في الحج. وقد أشار عبدالملك إلى اعتزازه بموالاة الهذلي لبني أمية، فتقدم أبو صخر ليُنشد هذه الأبيات:
عفت ذا عرق عصلها فرئامـهـا
فدهناؤها وحش أجلى سوامـهـا
على أن مرسى خيمة خف أهلهـا
بأبطح محلال وهيهات عامـهـا
إذا اعتلجت فيها الرياح فأدرجـت
عشياً جرى في جانبيها قمامـهـا
وإن معاجي في الديار وموقـفـي
بدارسة الربعين بال ثمـامـهـا
لجهل ولكني أسـلـي ضـمـانة
يضعف أسرار الفؤاد سقامـهـا
فأقصر فلا ما قد مضى لك راجع
ولا لذة الـدنـيا يدوم دوامـهـا
وفد أمير المؤمنين الـذي رمـى
بجأواء جمهور تسيل إكـامـهـا
من أرض قرى الزيتون مكة بعدما
غلبنا عليها واستحل حـرامـهـا
قصيدة غزل
احتلت المرأة مكانة محورية في شعر أبي صخر الهذلي، ورغم أن غزله لم يبتعد عن تقاليد قومه، إلا أن له عبارة مؤثرة في هذا المجال:
ألـم خـيال طـارق مـــتـــأوب
لأم حكيم بعدمـا نـمـت مـوصـب
وقد دنت الـجـوزاء وهـي كـأنـهـا
ومرزمها بـالـغـور ثـور وربـرب
فبات شرابي في المنام مـع الـمـنـى
غريض اللمى يشفي جوى الحزن أشنب
قضـاعـية أدنـى ديار تـحـلـهــا
قناة وأني من قـنـاة الـمـحـصـب
سراج الدجى تغتل بالمـسـك طـفـلة
فلا هي متفال ولا الـلـون أكـهـب
دميثة ما تـحـت الـثـياب عـمـيمة
هضيم الحشا بكـر الـمـجـسة ثـيب
تعلقتـهـا نـفـوداً لـذيذاً حـديثـهـا
ليالي لا عمـى ولا هـي تـحـجـب
فكان لها ودي ومـحـض عـلاقـتـي
وليداً إلـى أن رأسـي الـيوم أشـيب
فلم أر مثلي أيأست بعـد عـلـمـهـا
بودي ولا مثلي على الـيأس يطـلـب
ولو تلتقي أصداؤنـا بـعـد مـوتـنـا
ومن دون رمسينا من الأرض سبسـب