تُعد الآيات القرآنية الخاصة بالتواضع دليلاً واضحاً على أن التواضع يُعتبر من القيم السامية التي دعا إليها القرآن الكريم. هذه الفضيلة هي من الصفات الأساسية للرسل الكرام، وفي مقدمتهم النبي محمد صلى الله عليه وسلم، حيث يُشير المثل أن العظمة تُظهر في التواضع بينما التكبر هو من صفات الضعفاء.
آيات قرآنية تدل على التواضع
تحتوي آيات القرآن الكريم على العديد من الآيات التي تؤكد على أهمية التواضع وتشجع عليه، ومنها:
- وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا (الإسراء: 37).
- قال الله تعالى: “وَعِبَادُ الرَّحْمَـٰنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا” (الفرقان: 63).
- ﴿ لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ (الحجر: 88).
- ﴿ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ (الشعراء: 215).
- (قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ * إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ * أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ).
- ﴿ إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ ﴾ (السجدة: 15).
- وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ.
- يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ.
- مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا.
- وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ﴾ (لقمان: 18).
أحاديث نبوية تتعلق بالتواضع
تحمل السنة النبوية العديد من الأحاديث التي تدعو إلى التواضع وتعزز من القيم الأخلاقية، ومن بينها:
- عن عبد الله بن عمر، قال النبي صلى الله عليه وسلم: “بينما رجل يجرُّ إزاره من الخيلاء خُسف به، فهو يتجلجل في الأرض إلى يوم القيامة”.
- عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: “إذا أتى أحدكم خادمه بطعامه، فإن لم يجلسه معه فلينوله لقمة أو لقمتين، فإنه ولي حرّه وعلاجه”.
- عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزاً، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله” (رواه مسلم).
حكم جميلة عن التواضع
من الحكم المأثورة حول التواضع، نورد ما يلي:
- من تواضع لله رفعه.
- لا يتكبر إلا كل وضيع، ولا يتواضع إلا كل رفيع.
- إذا احتاج اللئيم تواضع وتقرب، وإذا استغنى تكابر وتجبر.
- لكي تصبح سيدًا يجب عليك أن تعمل كخادم.
- من لم يتواضع عند نفسه، لم يرتفع عند غيره.
- أحب الخلق إلى الله هم المتواضعون.
- لا حسب كالتواضع، ولا شرف كالعلم.
- إذا فعلت كل شيء، فكن كأنك لم تفعل شيئًا.
- من يتحدث دون تواضع يجد صعوبة في جعل كلماته مسموعة.
- إن الله تعالى عندما أغرق قوم نوح، شمخت الجبال، وتواضع الجودي فرفعه فوق الجبال وجعل استقرار السفينة عليه، سبحانه من تواضع كل شيء لعزة جبروت عظمته وخضع لجلاله وعظم سلطانه.
قصائد شعرية عن التواضع
كان التواضع موضوعًا شعرًا خصبًا للشعراء، ومن هذه القصائد:
- قل لمن فاخر بالدنيا وحامى * قتلت قبلك سامًا ثم حاما…..ندفن الخل وما في دفننا * بعده شك ولكن نتعامى.
- عجبت للإنسان في فخره * وهو غدًا في قبره يقبرُ.
- من تكبر عاش في الدنيا صغيرًا * ومن تواضع بين خلق الله كبر.
- لا تمش فوق الأرض إلا تواضعًا * كم تحتها قوم هم منك أرفعُ.
- كم من جاهل متواضع ** ستر التواضع جهله ويميز في علمه ** هدم التكبر فضله فدع التكبر ما حييت ** ولا تصاحب أهله.
علامات التواضع
للصفات الإنسانية، سواء كانت محمودة أو مذمومة، علامات معينة. ومن أبرز علامات التواضع:
- عدم الثناء على النفس في جميع الأوقات ودون الحاجة.
- تجنب التكبّر والتعالي أثناء الحديث مع الآخرين.
- عند ارتكاب أخطاء، الاعتراف بها دون تعالٍ.
- التواضع في طلب العلم، واحترام الزملاء والمعلمين.
ثمرات التواضع
لا يدعو الدين أو الرسول نحو صفة إلا ولها ثمرات في الدنيا والآخرة، ومن ثمار التواضع:
- إن الله يحب أصحاب هذه الفضيلة.
- تحظى بقبول لدى كثير من الناس.
- التمتع بدخول الجنة.
- رفع الله لمكانة المتواضعين بين الناس في الدنيا والآخرة.
أحاديث نبوية ضد الكبر
تتعدد الأحاديث النبوية التي تشجب صفة الكبر، ومن بينها:
- قال نبي الله -عليه الصلاة والسلام-: “لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ مَن كانَ في قَلْبِهِ مِثْقالُ ذَرَّةٍ مِن كِبْرٍ”.
- قال نبي الله -عليه الصلاة والسلام-: “احتجَّت الجنة والنار، فقالت النَّار: فيَّ الجبَّارون والمتكبرون، وقالت الجنة: فيَّ ضعفاء الناس ومساكينهم، فقضى الله بينهما: إنَّك الجنة رحمتي أرحم بك من أشاء، وإنَّك النار عذابي أعذب بك من أشاء، ولكليكما عليَّ ملؤها”.
- قال نبي الله -عليه الصلاة والسلام-: “ألَا أُخْبِرُكُمْ بأَهْلِ النَّارِ؟ كُلُّ عُتُلٍّ جَوَّاظٍ مُسْتَكْبِرٍ”.
- قال نبي الله -عليه الصلاة والسلام-: “لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرَّة من كبر، فقال رجل: إنَّ الرَّجل يحبُّ أن يكون ثوبه حسنًا، ونعله حسنة؟ قال: إنَّ اللَه جميل يحبُّ الجمال، الكبر: بطر الحقِّ وغمط النَّاس”.
- قال نبي الله -عليه الصلاة والسلام-: “ثلاثة لا يكلِّمهم الله يوم القيامة، ولا يزكِّيهم، قال أبو معاوية: ولا ينظر إليهم، ولهم عذابٌ أليم: شيخ زان، وملك كذَّاب، وعائلٌ مستكبر”.