توزيع السكان
يتأثر توزيع السكان بعدد من العوامل، سواء كانت طبيعية أو بشرية. يسعى الأفراد دائماً إلى الاستقرار في مناطق توفر لهم الراحة والموارد اللازمة للحياة. ولذلك، نجد أن بعض المناطق داخل الدولة الواحدة تتمتع بكثافة سكانية مرتفعة، في حين أن مناطق أخرى قد تفتقر تماماً إلى السكان. ومن بين هذه العوامل: المناخ، والتضاريس، والتربة، والمياه، وتوفر وسائل النقل، إضافةً إلى التطور العمراني. في هذا السياق، سنركز على تأثير المناخ على توزيع السكان.
يعرف المناخ بأنه حالة الطقس على مدار فترات زمنية طويلة. على سبيل المثال، يُعتبر المناخ في الأردن معتدلاً، حيث تتسم درجات الحرارة بالتوازن العام الذي يخدم الحديث عن فترات طويلة.
أثر المناخ على توزيع السكان
لا شك أن السكان يميلون إلى الاستقرار في المناطق التي تشهد هطول أمطار وتتمتع بتربة خصبة ودرجات حرارة معتدلة. فإذا نظرنا إلى المناطق الصحراوية التي تعاني من قلة الأمطار، سنلاحظ انحفاض الكثافة السكانية فيها، بينما تشهد المناطق الممطرة تجمعات سكانية كبيرة. وعندما تسقط الأمطار، تصبح التربة أكثر خصوبة، مما يتيح للسكان زراعة المحاصيل اللازمة للتجارة والاستهلاك. كما أن توفر مصادر المياه يسهم في توفير مياه الشرب للحيوانات التي يربونها.
يمكن أن يتجمع السكان في المناطق التي تتوفر فيها الأنهار والينابيع والبحيرات، حتى إذا كانت هذه المناطق تتلقى كميات محدودة من الأمطار. إذ إن الأمطار المتساقطة في مناطق أخرى تتدفق إلى هذه الأنهار والبحيرات، وتغذي المياه الجوفية، مما يوفر الموارد المائية اللازمة وتحقيق فوائد متعددة للإنسان. هذا الوضع يعزز من رغبة البشر في الاستقرار في تلك المناطق.
يميل السكان إلى تفضيل المناطق ذات المناخ المعتدل، حيث يبتعدون عن الاستقرار في المناطق التي تتميز بحرارة مرتفعة أو برودة شديدة. على سبيل المثال، القطبان الشمالي والجنوبي يشهدان قلة سكان كبيرة، باستثناء عدد محدود من الأفراد الذين تكيفوا مع تلك الظروف البيئية بشكل مختلف عن بقية سكان العالم. فوجود الشمس لفترات طويلة يعد تحدياً لنجاة النباتات، إضافة إلى أن الانخفاض الكبير في درجات الحرارة يمنع الحيوانات من العيش هناك إلا بنسب قليلة جداً.
على النقيض، تتمتع مناطق مثل جنوب السودان بارتفاع شديد في درجات الحرارة، مما يسفر عن قلة عدد السكان. فالمناخ الحار يعزز انتشار الزواحف والحشرات الضارة، بالإضافة إلى زيادة ظهور الأمراض التي تؤثر على النباتات والحيوانات، مما يهدد صحة الإنسان. على الرغم من قدرة البشر على تحمل درجات الحرارة العالية بشكل أفضل من قدرتهم على تحمل الانخفاض الشديد فيها.