أشعار عن جمال الصباح

قصيدة صباحك

يقول الشاعر صباح الحكيم:

صباحك حبٌ وشهد وعنبر، صباحك مسك وورد وأكثر. صباحك بشرى لكل بعيدٍ ولكل غريب، أضاع الطريق وتاه. صباحك نورٌ وقلبٌ شجي، وهذا الزمان الشقي المكدر. صباحك للحزن شفاء، مصابٌ ويروي البراري إذا ما تصحر. صباحك غيثٌ وأنت الصفاء، وأنت السقاء وأنت الشفاء. لكل يأس يطرق الأمل، تموت بقربك كل العلل. صباحك وجهٌ لهذا الزمان، إذا مال عنه يغيب الأمان. صباحك عيدٌ لكل جريح، إذا طاف حولي شجوني تطير. فأبدو كوردٍ بحقلٍ فسيح، وألقاك طيفًا نديًا مريحًا. إذا غاب عني جراحي تصيح. صباحك نجم بليلي تدلى، فقام الظلام تنحى وولى. وصار الضياء على كل ملقى، ودار الحنان لقلبي المعنى. صباحك لحنٌ لدربي الحزين، وصوتك وجدٌ لكل أنين. إذا قيل حرفٌ بهذا المكان، تفيض البوادي بشدو الحنان. فتنعى الجراح ويزهو الزمان، يصبح الوجود لنا كالجنان. صباحك نبضٌ وأنت الحياة، صباحك سلوى لكل غداة. وضوء الأماني لأمسية الفقيد، وفجرٌ مطلٌ بأفق بعيد. أدار الضياء فمال الظلام، فأيقظ حلمي على راحتيه. وأصبح سواد الليالي بياضًا، وغنى النخيل لشدو النسيم. صباحك منه تفوح العطور، صباحك ضوءٌ لدربي الكئيب. وقلبى الندي النقي الرطيب. صباحك هذا الصباح الطهور، إذا ما تدنى رياضي تبور. صباحك شعرٌ وأنت بهاء، بذور الأغاني لروح الدنى. صباحك يا منيتي كالأغاني، إذا ما تغنى فؤادي يعاني. صباحك شهدٌ لا يتغير، لأنك أصل العبير المعطر. فعد كي نجدد طريقًا قديمًا، قد ضاع عمرًا فلا تتأخر. إذا ما أتيت ستجفل روحي، وعين الليالي لأجلك تسهر.

قصيدة صباح بنكهة بحّتها

يقول الشاعر سعود سليمان اليوسف:

حضورُكِ.. أم فجر يؤنِّق لي صُبحَه؟

وصوتُكِ.. أم نايٌ حييٌّ به بحة؟

تراءيتِ كالبشرى ملامحَ حلوة

وصوتاً كإيقاع التهاني وكالفرحة.

ملأتِ صباحي بالبهاء، كأنه

قوارير عطر.. نفحةً نفحةً نفحة.

كأنك جنّاتٌ تسير.. كأنما

بـمُترفة الغيمات من حلوتي لمحة.

وجئتكِ طفلاً ما درى بعد ما الهوى

يظن الهوى حلوى، منىً، لعبةً، مزحة.

تهجّيتُ معنى الحب في كتب الهوى

قرأت قواميس الهوى صفحةً صفحة.

جمالك أشهى حصّة قد درستها

وكم أدعي أنْ لم أزل جاهلاً شرحه!

وها هي أشواقي إطارٌ وفكرةٌ

وعلبة ألوان.. متى نُكمل اللوحة؟

خسرتُ فؤادي مذ ربحتُ مليحتي

ويهوى خسارات الهوى من رأى ربحه.

نسيتُ الذي لقّنتِني لحظة اللقا

وقلتُ وقد أكبرتُ حسنك: يا ملحة!

فلا تتركيني كالصغير الذي جرى

للُعبته.. فارتد مصطحباً جرحه.

صباحك سكر

يقول نزار قباني:

إذا مر يومٌ، ولم أتذكر أن أقول: صباحك سكر… ورحت أخط كطفلٍ صغير كلاماً غريباً على وجه دفتر. فلا تضجري من ذهولي وصمتي، ولا تحسبي أن شيئاً تغير. فحين أنا لا أقول: أحب.. فمعناه أني أحبك أكثر. إذا جئتني ذات يوم بثوبٍ كعشب البحيرات.. أخضر.. أخضر، وشعرك ملقىً على كتفيك كبحرٍ.. كأبعاد ليلٍ مبعثر.. ونهدك.. تحت ارتفاف القميص شهي.. شهي.. كطعنة خنجر. ورحت أعب دخاني بعمق، وأرشف حبر دواتي وأسكر. فلا تنعتيني بموت الشعور، ولا تحسبي أن قلبي تحجر. بالوهم أخلق منك إلهاً وأجعل نهدك.. قطعة جوهر. وبالوهم.. أزرع شعرك دفلى وقمحاً.. ولوزاً.. وغابات زعتر. إذا ما جلست طويلاً أمامي كملكةٍ من عبيرٍ ومرمر. وأغمضت عن طيباتك عيني، وأهملت شكوى القميص المعطر. فلا تحسبي أنني لا أراك، فبعض المواضيع بالذهن تصرف. في الظل يغدو لعطرك صوتٌ، وتصبح أبعاد عينيك أكبر. أحبك فوق المحبة.. لكن دعيني أراك كما أتصور.

قصيدة أهلا بوجهك من صباح مقبل

يقول الأرجاني:

أَهْلاً بوَجْهِك من صَباحٍ مُقْبِلٍ

وبجُودِ كَفِّك من سَحابٍ مُسْبِلِ

وإذا الصّباحُ معَ السّحابِ تَرافَقا

مُتَسايرَيْنِ إلى مَعالمِ مَنْزلي.

سَعِدَتْ فأشْرَق كُلُّ نادٍ مُظْلمٍ

منها وأخصَب كُلُّ وادٍ مُمْحِل.

قُلْ للعيونِ وللشّفاهِ منَ الوَرى

لمّا بدا كالعارِضِ المُتَهلِّل.

السّعْدُ في ذاك الجبينِ فطالعي

واليُمْنُ في تلكَ اليَمينِ فَقبِّلي.

أرأيتَ بَرْقاً بين خَمْسِ سَحائبٍ

يَسْرينَ في عَرْضِ الفلاةِ المَجْهَل.

إلاّ عِنانَ مُطَهَّمٍ ذي مَيْعةٍ

ألقاهُ منه بينَ تلك الأنْمُل.

عالي المَواطيء بالنّجومِ مُسمَّرٍ

للنّاظِرين وبالأهِلّةِ مُنْعَل.

فنأَى به ودنا بقاصيةِ المُنَى

إذ لم يكُنْ لِيَحُلَّ لو لم يَرْحَل.

ما إن رَمَوْا بسديدِ دولةِ هاشمٍ

خَطْباً فأصبحَ منه مُخْطِئَ مَقْتَل.

أضْحَى قرارَ الدَّولتَيْنِ بِسَعْيِهِ

وبعَزْمهِ الماضي مَضاءَ المُنْصُل.

والأرضُ ساكنةٌ لدَورٍ دائمٍ

يَعتادُه فَلَكٌ عليها مُعْتَل.

أمسَتْ لغيبتِك النّفوسُ وأصبحَتْ

للخَلْقِ وهْي قليلةُ المُتَعلَّل.

وتَركْتَ بغداداً ومَشرِقُ شَمْسِها

في عَينِ ساكنها طَريقُ المَوْصِل.

وقَدِمْتَ والصّومُ المباركُ قادمٌ

فاسعَدْ بصَوْمٍ عيدُه في الأوّل.

حتّى طلَعْتَ معَ السُّعودِ فأصبحَتْ

تلك الخُطوبُ عن النَّواظرِ تَنْجَلي.

حُيّيتَ من قَمرٍ تَجلّى والورَى

من حَيْرةٍ في مِثلِ لَيْلٍ ألْيل.

طَلَعتْ مواكبُه وغُرّةُ وجَهْه

تَزدادُ نُوراً في ظَلام القَسْطَل.

ورَمَوا بأبصارِ العُيونِ سَوامياً

منه إلى بَدْرٍ بدا مُسْتكْمِل.

فرَشوا بديباجِ الخُدودِ طريقَه

حُبّاً له من قادمٍ مُستَقْبِل.

وتناهبَ النّاسُ الثّرى بجباهِهمْ

إظهارَ شُكْرٍ للوَهوبِ المُجْزِل.

ولو استطاعَ الخَلْقُ يومَ قُدومِه

من فَرْطِ شَوْقٍ بالقُلوبِ مُوكَّل.

لمَشْوا إليهِ مِشْيةً قلَميَّةً

بالهامِ لا قَدمِيّةً بالأرْجُل.

فَلْيَهْنِكَ العَوْدُ الحَميدُ ولا تَزلْ

يُكفَى الوَرى بك كُلَّ خَطْبٍ مُعْضِل.

يا داعمَ البيتِ القديمِ بعِزّه

أشْرِفْ بمَجْدٍ قد بنَيْتَ مُؤَثَّل.

ما سار في الآفاقِ ذِكْرُك فارساً

إلاّ على يَومٍ أغَرَّ مُحجَّل.

Scroll to Top