كُل يومٍ تحت نظر عينيك حظ سعيد
- كما قال المتنبي:
لِعَيْني كُلَّ يَوْمٍ مِنْكَ حَظٌّ
تَحَيَّرَ مِنْهُ في أمْرٍ غريبٍ
حِمَالَةُ هذا الحُسَامِ على حُسَامٍ
وَمَوْقِعُ السَّحابِ وسط سَحابِ
تَجِفُّ الأرضُ من هذا الرَّبابِ
وَتَخلُقُ ما كَسَاهَا مِنْ ثِيابِ
وَلا يَنفَكُّ مِنكَ الزَّمَانُ رَطْباً
وَلا يَنفَكُ غَيْثُكَ يتدفقُ
تُسايِرُكَ السَّوارِي والغَوَادي
مُسايَرَةَ الأحِبّاء الطِّرابِ
تُشعلُ الجودَ منكَ فتَستّحقيهِ
وَتَعجزُ عن خَلائِقِكَ العذبةِ
إلى والدتي
- كما كتب محمود درويش:
أفتقد خبز والدتي
وقهوة والدتي
ولمسات والدتي
وتكبرُ في طفولتي
يوماً على صدر يومٍ
وأعشق حياتي لأنني
إذا متُّ،
أشعر بالخجل من دموع والدتي!
خذيني إذا عدت يوماً
وشاحاً لهدبك
وغطّي عظامي بعشبٍ
تعمّد من طهر كعبك
وشدّي وثاقي..
بخصلة شعرٍ
بخيطٍ يلوّح في ذيل ثوبك..
عساي أصير إلهاً
إلهاً أكون..
إذا ما لمست قرارة قلبك!
ضَعيني، إذا ما رجعت
وقوداً بتنور نارك..
وحبل غسيلٍ على سطح دارك
لأني أفتقد الوقوف
بدون صلاة نهارك
هرمتُ فردّي نجوم الطفولة
حتى أشارك
صغار العصافير
درب العودة..
لعشّ انتظارك!
تكريم
- كما أوضح إبراهيم ناجي:
يا صفوة الأحباب والأصدقاء
عذراً إذا استعصى عليّ التعبير
الشعرُ ليس مُعِيناً في لحظةٍ
تتجاوز آي الحمد والشكرانِ
وأنا الذي قضيت حياتي مُعَبِّراً
وراجعاً لخلجات الوجدانِ
أقف في المساء مع الأصدقاء محتاراً
حائراً قد عقد الجمال لساني
يا أيتها الشعر الذي نطقتْ به
روحي وفاض كما تشاء أحلامي
يا مُتعتي في الزمن، يا قيثارتي
ما لي أراك حبيسة الألحان؟
أين المعاني وأين ما علمتني
أيام تنطلقين بلا حدود؟
نجواك في الزمن العصيب مُخدّرةٌ
نامت عليها مشاعر الحزن
والناس تسأل والهواجس كثيرةٌ
طبٌّ وشعرٌ كيف يجتمعان؟
الشعر رحمة للنفوس وسرّه
هِبةٌ من السماء ومنحةٌ من رب العباد
والطّبُّ لعلاج الأجساد ومصدر وحيه
من ذلك الفيض العظيم الشأن
ومن الغمام ومن معينٍ خلفه
يجدان إلهاماً ويستقيان
يا أيها الحب الذي يطهر القلوب
ومغسِّل الأدران
ما أعظم النجوى عندما تُعبر
روحان يحترقان
أنفاس من هذه الدنيا وفي جسديهما
ذُل السجين وقسوة السجان
فتطلعا نحو السماء وحلّقا
صعُداً إلى الآفاق يرتقيان
وتعانقا خلف الغمام وأترعاً
كأسيهما من نشوة وحنان
اكتب لوجه الفن ولا تعدل به
عَرَض الحياةِ ولا الحطام الفاني
واستلهم من الأم الطبيعة وحدها
كم في الطبيعة من معانٍ رائقة
الشعر مملكةٌ وأنت أميرها
ما حاجة الشعراء للتاج
هومير أُعطِيَ الزمان لنفسه
وقضت له الأجيال بالسلطان
احطّ على الأزهار وأمسح جفنه
واسكب نداك لظاميءٍ صَدْيان
في كلِّ بستانٍ نسيمٌ عاطر
أغاني الطرق
- كما قال سميح القاسم:
من رؤى الأثلام في موسمٍ خصبٍ
ومن الخيبة في مأساة جدبٍ
من نجومٍ سهرت في عرشها
مؤنساتٍ في الظلمة قصةَ حبٍ
من جنون الليل.. من هدأتهِ
من دم الشمس على قطنة السحب
من بحار هدرت.. من جدولٍ
تاهَ.. لم يحتفل به أي مصبٍ
من ذؤاباتٍ وعَتَّ أجنحةً
جرفتها الريح في كل مهب
من فراشٍ هام في زهر وعشبٍ
ونسورٍ عشقت مسرحَ الشهب
من دُمى الأطفال.. من ضحكاتهم
من دموعٍ طهّرتها روحُ ربِّ
من ذراعيك نسّقت الجنة
دعوةً مفضلةً على أنقاض حربٍ
من قلوبٍ شعشعت أشواقها
شعلاً تعبر من رحبٍ إلى رحبٍ
من عيونٍ سممت أحداقها
فوهة البركان في نظره رعب
من جراحٍ تضرّي حقدها
ما ابتلى شعبٌ على أنقاض شعب
من دمي.. من ألمي.. من ثورتي
من رؤاي الخضرِ.. من روعة حبي
من حياتي أنتِ.. من أغوارها
يا أغانيَّ! فرودي كلّ درب
ألا تشعرين؟
- كما كتب سميح القاسم:
ألا تشعرين؟….
بأننا فقدنا الكثير.
وأننا صرنا كلماتٍ بلا معنى.
فلا لهفةٌ .. لا حنين…
ولا فرحةٌ في القلوب إذا ما التقينا
ولا دهشةٌ في العيون..
ألا تشعرين؟..
بأن لقاءاتنا أصابها الجمود.
وقبلاتنا باتت باردة
وأننا فقدنا حماس اللقاء
صرنا نجامل في كل شيءٍ.. وننسى
وقد يرتمي موعدٌ.. كالجثة الهامدة.
فنكذب في أعذارنا.. ثم ننسى
ألا تشعرين؟..
بأن رسائلنا القصيرة أصبحت عمواتٍ
لم تعد تحمل الفرحة.. ولا الروح.
ولا غمغماتٌ معبرةٌ
ولا أمنياتٌ.. ولا همسات مثيرة!
وأن ردودنا أصبحت كأعباءٍ ثقيلةٍ
نرغب بالتخلص منها.
ألا تشعرين؟..
بدنيا تفسّخت.. ودنيا جديدة.
ألا تشعرين؟..
بأن نهايتنا مُرّةٌ.. مرعبة.
لأنّ نهايتنا.. لم تكن مُرّةٌ.. مرعبة؟!..