شهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته في مكة فترة قاسية، حيث تعرض أصحابه لأقصى أنواع التعذيب والاضطهاد من قريش المشركين. كان من بينهم من هاجر بدينه، ومن صمد في مواجهة الظلم واضطهاد المشركين، مُتحملاً شتى أنواع الكيد.
كان المجتمع الإسلامي في تلك الفترة يمثل مجموعة صغيرة من المسلمين الذين عانوا من أقسى أنواع العذاب على يد مشركي قريش. في هذا المقال سنتناول بعض من أبرز قصص الصحابة والتابعين.
أبرز قصص الصحابة والتابعين
حمزة بن عبد المطلب: أسد الله ورسوله
- كان المسلمون في تلك الأوقات في أمس الحاجة لدخول شخص قوي وذو بسالة في الإسلام، وذلك ليمنحهم الثقة والقوة، ويكون حصناً لهم ضد عذاب قريش ومعتديها.
- كان لإسلام حمزة بن عبد المطلب، عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، أثر كبير على المسلمين.
- لقد كان دعماً ومعونة أرسلها الله ورسوله وصحبه المؤمنين.
- امتاز حمزة بقوة جسده ومكانته العالية، حيث كان له كلمة مسموعة وهيبة.
- دخوله في الإسلام كان في البداية بدافع الغيرة على ابن أخيه، لكن سرعان ما أضاء نور الإسلام قلبه، فاستمسك بدين الله واتباع رسوله بكل جوارحه.
- تحول حمزة بعد ذلك إلى أحد أفضل المؤمنين وعزّ الإسلام بفضل إيمانه.
للمزيد من التفاصيل:
شجاعة حمزة بن عبد المطلب
لقب حمزة بن عبد المطلب بأسد الله ورسوله نظراً لشجاعته الكبيرة كما لقبه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
يستشهد ابن إسحاق بقصة توضح ذلك:
- (حدثني رجل من أسلم، كان يروي أن أبا جهل مر برسول الله صلى الله عليه وسلم عند الصفا.
- أذاه وشتمه، وسبّه بما يكره من انتقاص دينه؛ ولم يُبدِ رسول الله صلى الله عليه وسلم رداً.
- في تلك الأثناء، كانت إماءُ عبد الله بن جدعان تستمع إلى الحديث.
- ثم انصرف أبو جهل إلى مضافٍ من قريش قرب الكعبة وجلس معهم.
- لم يلبث حمزة بن عبد المطلب أن عاد متوشحاً قوسه بعد قنصه.
- كان يترك قنصه ليتوجه مباشرة إلى الطواف حول الكعبة.
- وفي هذه الأثناء، مر بأحد المضافين وسلّم وتحادث معهم.
- فلما عاد إلى بيته، أخبرته مولاة عبد الله بما حدث لابن أخيه محمد.
- عندئذٍ، استشاط حمزة غضباً وأراد الثأر لابن أخيه.
إسلام حمزة وثأره لرسول الله
- انطلق حمزة مواجهة أبي جهل، ولم يتردد في إبداء مشاعره.
- دخل المسجد، ووجد أبا جهل بين القوم، وتقدم إليه وضربه بقوسه.
- قال له: أتشتم محمد وأنا على دينه، فرد على ما أقوله إن استطعت.
- قام قوم من بني مخزوم لحماية أبي جهل، لكن الأخير طلب منهم التراجع قائلاً: دعوا حمزة، فقد قمت بسب ابن أخيه.
- في تلك اللحظة، كان إسلام حمزة دليلاً على وقوفه بجانب محمد صلى الله عليه وسلم.
- لكن سرعان ما فتح الله قلبه للإسلام، فأصبح المدافع عن رسول الله.
- بعد إسلام حمزة، أدركت قريش أن رسول الله قد نال مزيداً من العزة وقوة الحماية.
- حمزة أصبح بالفعل من المدافعين عن رسول الله، مما جعل قريش تقيد من أذىهم له.
عمر بن الخطاب: الفاروق
- يعتبر عمر بن الخطاب أحد الخلفاء الراشدين، وهو أمير المؤمنين المعروف بلقب فاروق الأمة.
- لقب الفاروق يعكس قدرته على التفريق بين الحق والباطل، وتعددت الروايات حول قصة إسلامه.
- إحدى تلك الروايات تشير إلى أنه كان يكره الإسلام بشدة، خاصة مع تزايد أعداد الداخلين في الدين الجديد.
- في أحد الأيام، رأى نعيم بن عبد الله النحام غاضباً من دخول العديد للإسلام، فسأله عن سبب ذلك.
- رد النحام بأنه يريد محمد، وأنه ينوي قتله لأنه يهدد قريش.
- أخبره النحام بأن بني عبد مناف وبني زهرة لن يصمتوا على قتله.
- بعد ذلك، أصر عمر على الذهاب إلى أخته وزوجها، حيث كانت الأحاديث تدور حول الإسلام.
- عند دخوله، استنكر إيمان أخته وزوجها وضرب سعيد بن زيد، مما أدى إلى جروح في وجه أخته.
- نالت أخته الشجاعة عندما واجهته وطلبت منه أن يطهر نفسه قبل الحديث.
إسلام عمر بن الخطاب
- بعد أن تطهر وقرأ الصحيفة، شعر بشيء جديد ورغبة في مقابلته رسول الله.
- أرشدته أخته إلى بيت ابن أبي الأرقم حيث كان يجتمع المسلمون.
- عندما رآه حمزة بن عبد المطلب، استعد لمواجهته، وقرّر أن يُقاتله إن تدخل فيما هو مُقدّر له.
- استعد الرسول بكامل العتاد وكان ذلك بمثابة إشارة للمسلمين.
- قبل المواجهة، ذكره الرسول بحادثة الوليد بن المغيرة وكيف أن الله انتقم منه.
- دعا له الرسول بدعوة مشهورة: “اللهم هذا عمر بن الخطاب، اللهم أعز الدين بعمر”.
- استجاب الله لدعوة رسول الله، ونزلت السكينة على قلب عمر، إذ أعلن إسلامه بقوله: “أشهد أنك رسول الله”.
- بعد إيمانه، حرص عمر بن الخطاب على الاندماج في مجتمع المسلمين، ولم يخشى في ذلك أي لوم.
- عن ابن مسعود، قال: “ما زلنا أعزة منذ أن أسلم عمر بن الخطاب”.
- كما ذكر عبد الله بن مسعود: “إن إسلام عمر كان فتحاً، وهجرته نصراً، أما إماراته فكانت رحمة.”
- كان عمر عند إيمانه يعمل على نشر الدين والدفاع عنه حتى تمكنوا من الصلاة عند الكعبة.