ما هو العصر الطباشيري؟
يمثل العصر الطباشيري آخر فترات العصر الوسيط ضمن العصور الجيولوجية، حيث بدأ منذ حوالي 145 مليون سنة وانتهى قبل 66 مليون سنة. تُعد هذه الفترة الأطول ضمن دهر الحياة، حيث امتدت لحوالي 79 مليون سنة، وانتهت بأحد أكبر الانقراضات الجماعية التي شهدتها الأرض.
اسم “الطباشيري” يعود إلى الكلمة اللاتينية “كريتا” التي تعني الطباشير، وهو نوع من الأحجار الجيرية الناعمة وذات الحبيبات الدقيقة التي تتكون في الغالب من الطحالب الصغيرة. ازدهرت هذه الطحالب بكثرة خلال أواخر العصر الطباشيري، مما أسهم في تكوين الرواسب الطباشيرية.
لا تعتبر جميع الصخور الطباشيرية طباشير؛ مع ذلك، فإن معظم الطباشير قد ترسبت خلال هذه الفترة الزمنية. تتميز هذه الصخور بأنها تحتوي على تفاصيل واضحة تعود لتلك الحقبة، مما يسهل دراستها نظرًا لعدم تعرضها للتشويه أو التآكل، كما أنها قريبة نسبيًا من سطح الأرض.
يشكل العصر الطباشيري جسرًا بين أشكال الحياة القديمة والحديثة التي لا تزال تسود كوكبنا اليوم. كانت الديناصورات تهيمن على الحياة البرية، في حين كانت الزواحف البحرية ضخمة وشائعة في المحيطات، وكانت الطيور تسيطر على الأجواء. كما أن النباتات المزهرة ظهرت في بداية هذا العصر وازدهرت على مر الزمن، ما أدى إلى إنتاجية كبيرة في محيطات العالم في نهايته. وقد تمكن العلماء من الوصول إلى هذه المعلومات عبر دراسة الرواسب السميكة من الطباشير والأحافير التي انتشرت في كل مكان نتيجة الانقراضات الجماعية التي شهدها هذا العصر.
أحافير العصر الطباشيري ودلالاتها
في بدايات العصر الطباشيري، كانت قارات ومحيطات الأرض في مواقع مختلفة تمامًا عما هي عليه اليوم. اقتربت المناطق البعيدة من بعضها البعض، بينما ابتعدت القارات القريبة، كما انقسمت بعض القارات وتبدل توزيع البحار والمحيطات بسبب تحركات الصفائح التكتونية. تمت دراسة هذه الأحداث من خلال تحليل الأحافير الموجودة في تلك المناطق.
ظل شمال وجنوب المحيط الأطلسي مغلقين، رغم أن مركزه بدأ بالانتفاخ في أواخر العصر الجوراسي، وهو بداية العصور الثلاثة التي تشكل مع العصر الطباشيري ما يعرف بالعصر الثلاثي. مع مرور الوقت، بدأت مستويات المحيطات بالارتفاع، وهو ما يمكن دلالته من خلال سمك الطبقات الأحفورية، حيث كانت معظم اليابسة مغمورة تحت المياه.
مع اقتراب نهاية العصر الطباشيري، بدأت القارات تتخذ أشكالها المعروفة اليوم، حيث اكتسبت كل من أمريكا الجنوبية وإفريقيا تشكيلاتهما المميزة، بينما لم تكتسب الهند موقعها الحالي بعد بجوار آسيا، وظلت أستراليا جزءًا من القارة القطبية الجنوبية. وفيما يلي بعض الأحافير البارزة من ذلك العصر:
طيور (Enantiornithine)
كان هذا النوع من الطيور هو المسيطر في زمنه، وأُطلق عليه اسم “الطيور المعاكسة” نظرًا لترتيب المفاصل العكسي بين لوح الكتف والأجزاء الأخرى كما هو موجود في الطيور الحديثة. يُعتبر “البروتوبتركس” أحد أقدم الأعضاء في هذه الفصيلة، حيث يحمل ثلاثة أنواع مختلفة من الريش: الريش الناعم الذي يغطي الرأس والجسم، وريش الطيران التقليدي، وريش الذيل المركزي الفريد. كما تم العثور على أحافير لذيل طائر يعود للعصر الديناصوري.
تطورت جميع الطيور من الديناصورات ذات الريش، مما يشير لوجود اختلاف تصنيفي بين الطيور والديناصورات. بينما نجت الطيور من الانقراضات الجماعية الكبرى في العصر الطباشيري، لم تستطع معظم الديناصورات البقاء.
الأسماك الأحفورية
تُعرف الأسماك الأحفورية التي تنتمي لرتبة “Beryciformes” باسم “Aipichthys velifer”، ويعتقد أنها كانت مفترسة تتغذى على الأسماك الصغيرة، وتم انقراضها في بداية العصر الطباشيري دون أن تترك أحفادًا. كذلك يوجد نوع من الجمبري الأحفوري يدعى “Carpopenaeus septemspinatus”، الذي حصل على اسمه من أشواكه المنقارية السبعة.
بالإضافة إلى ذلك، هناك سلبيات لنجم البحر تُعرف باسم “Geocoma libanotica”، والتي تشير إلى تنوع البيئة الصغيرة للنظام البيئي الطباشيري في المياه الضحلة، التي ستصبح لبنان بعد حوالي 95 مليون سنة.
الأمونيت
ينتمي الأمونيت إلى جنس “Audoliceras” المستخرج من رواسب العصر الطباشيري في روسيا، وقد عُرف بأصدافه ذات الشكل المغاير. تمتلك معظم هذه الأصداف شكلًا حلزونيًا يحافظ على الشكل ذاته طوال فترة النمو، وظهرت مجموعة كبيرة من الأمونيت في أواخر العصر الجوراسي بأصداف غير ملتوية.
على الرغم من عدم وجود معلومات كثيرة عن نمط حياتها، إلا أن شكل أصدافها كان من الممكن أن يحد من قدرتها على السباحة بسرعة، لذا يعتقد أنها كانت تعيش معتمدة على التذبذب في المياه وتقتات على الفرائس المتاحة. كما أن مجموعة الأمونيت المغايرة تعرضت للانقراض في نهاية العصر الطباشيري.