حسن الخلق هو أثقل ما يُوضع في الميزان يوم القيامة
روى أبو الدرداء -رضي الله عنه- عن النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- قوله: (ما من شيء يُوضع في الميزان أثقل من حسن الخلق). لذا، أكد رسول الله على تفضيل الخلق الحسن على أفعال مثل الصيام والقيام، حيث إن أثقل ما يُوضع في الميزان يوم القيامة هو هذا الخلق الطيب.
يجدر بالذكر أن الصيام والقيام يتعلقان بالنفس الفردية للمسلم، حيث يُعد الجهاد فيهما جهادًا للنفس. في المقابل، يُعتبر حسن الخلق مرتبطًا بفردية المسلم وتفاعله مع الآخرين، مما يتطلب منه جهاد نفسه ليكون متسامحاً ومتعاملًا مع الآخرين بالأخلاق الحسنة.
وفي هذا السياق، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم). كما أشار إلى أن أصحاب الخلق الحسن هم الأقرب إلى رسول الله يوم القيامة، فقال: (ألا أخبركم بأحبكم إليّ وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة؟ فأعادها مرتين أو ثلاثًا، فقالوا: نعم يا رسول الله! فقال: أحسنكم خلقاً).
مجالات حسن الخلق
يتفاعل المسلم بمكارم الأخلاق ومحاسنها مع الخالق ومع المخلوقات. يُظهر المسلم حسن خُلُقه مع الله من خلال الرضا بما قدّره الله وقبوله لذلك بصدر رحب بعيدًا عن الحزن والضجر.
وفي حالة ما إذا تعرض المسلم لما لا يحب، يتعين عليه الصبر على مشيئة الله ويقبل ذلك برحابة صدر، ويجب عليه أن يُصدق أخبار الله ويتقبلها بلا شك، ثم ينفذ أوامره بكل جد دون تهاون. أما عن تفاعلاته مع الآخرين، فيتجلى الخلق الحسن في تجنب الأذى ومقابلتهم بابتسامة.
فضل حسن الخلق
لقد جعل الله لحسن الخلق فضائل عظيمة وردت في القرآن الكريم والسنة النبوية. هذه الفضائل تعود بالنفع على صاحبها في الدنيا والآخرة، ولأهمية ذلك، وصف بعض العلماء حسن الخلق بأنه أساس الإسلام. قال الله -تعالى- في وصف النبي محمد: (وإنك لعلى خلق عظيم). ومن هذه الفضائل ما يلي:
- الامتثال لأوامر الله -تعالى-
حيث ورد في القرآن الكريم قوله: (خذ بالعفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين).
- الاقتداء برسول الله -صلى الله عليه وسلم-
وذلك يعكس النجاح والسعادة في الحياة الدنيا والآخرة، كما رواه أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنه قال: (كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أحسن الناس خلقاً).
- دخول الجنة
إن حسن الخلق يُعتبر من أبرز الأعمال التي تدخل الناس الجنة في الآخرة، حيث يروي أبو هريرة -رضي الله عنه- أنه سئل عن أكثر ما يدخل الناس الجنة، فقال: تقوى الله وحسن الخلق.
- القرب من رسول الله في المجلس يوم القيامة
قال -عليه السلام-: (إن مِن أحبكم إلي وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً، وإن أبغضكم إلي وأبعدكم مني مجلسًا يوم القيامة الثَّرثارون والمتشدقون والمتفاهقون، قالوا: يا رسول الله! قد علمنا الثَّرثارين والمتشددين فما المتفاهقون؟ قال: المتكبرون).
- ضمانة بيت في أعلى الجنة
وعد رسول الله لمن تحلى بحسن الخلق ببيت في الجنة، فقال: (أنا زعيم بيتٍ في ربضِ الجنة لمن ترك المِراءَ وإن كان محقًا، وبيتٍ في وسطِ الجنة لمن ترك الكذبَ وإن كان مازحًا، وبيتٍ في أعلى الجنة لمن حسن خلقه).
- الحصول على فضائل الخير
يجمع حسن الخلق بين فضائل الخير كلها، فقد قال رسول الله: (البر حسن الخلق، والإثم ما حاك في صدرك، وكرهت أن يطلع عليه الناس).
أعمال تثقل الميزان يوم القيامة
من الأعمال التي تُثقل ميزان العبد يوم القيامة:
- قول المسلم سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم).
- قول المسلم سبحان الله، والحمد لله
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (الطهور شطر الإيمان، الحمد لله تملأ الميزان، سبحان الله والحمد لله تملآن ما بين السماوات والأرض).
- الاحتباس بفرس في سبيل الله وتجهزيه للجهاد
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (من احتبس فرساً في سبيل الله إيماناً بالله وتصديقاً بوعده، فإن شِبعه وريه وروثه وبوله في ميزانه يوم القيامة).