أفضل الصحابة في قراءة القرآن
يُعتبر الصحابي الجليل أُبَيّ بن كعب -رضي الله عنه- من أفضل الصحابة قراءةً للقرآن الكريم، وقد تم اختياره لهذه المكانة بفضل الله -عز وجل-، حيث ورد في صحيح البخاري أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال له: (إنَّ اللَّهَ أمَرَنِي أنْ أقْرَأَ عَلَيْكَ: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا}، فقال: وسَمَّانِي؟ فقال: نَعَمْ، فَبَكَى). ومن الواضح أن جميع الصحابة كانوا مميزين في دعمهم لنبي الله -صلى الله عليه وسلم-، لكن أُبَيّاً -رضي الله عنه- كان من القلّة التي سمّاهم الله، وهو شرف قلما يُنال. لقد تمتع أُبَيّ بن كعب -رضي الله عنه- بما بذله من جهد في دراسة القرآن الكريم وتبليغه، ليصبح نموذجًا رائعًا في التفوق والإخلاص الذي يشهد له كل من عاصره.
تقدم أُبَيّ بن كعب -رضي الله عنه- في قراءة القرآن، وكان واحدًا من أبرز كتبة الوحي في المدينة، إلى جانب تميزه في حفظه وفهمه للآيات وتلاوتها، مما أكسبه مرتبة عالية بين الصحابة وقرباً مميزاً من النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ حيث كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يثني عليه ويقدمه على غيره من القراء. وقد روى الترمذي في سننه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قوله عن الصحابة: (أَقْرَؤُهُمْ لِكتابِ اللهِ: أُبَيُّ بْنُ كعبٍ)، كما شُهد له بهذا في المدينة حيث قال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: (أقْرَؤُنَا أُبَيٌّ).
نظرًا لمكانته العالية في العلم بالقرآن، وملازمته للنبي -صلى الله عليه وسلم-، ومعرفته بأسباب النزول، اعتُبر أُبَيّ بن كعب -رضي الله عنه- من الصحابة الذين يُعتمد عليهم في تفسير القرآن. وقد تعدّدت طرق الرواية عنه في التفاسير، وأبرزها:
- الطريقة الأولى: عن أبي جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية، عن أُبيّ بن كعب -رضي الله عنه-.
- الطريقة الثانية: عن وكيع، عن سفيان، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن الفضيل بن أُبيّ بن كعب عن أبيه -رضي الله عنهما-.
نبذة عن أُبيّ بن كعب رضي الله عنه
أُبَيّ بن كعب -رضي الله عنه- هو صحابي جليل، وإليك نبذة عنه:
- اسمه: أُبَيّ بِن كعب بِن قيس بِن عبيد بِن زيد بِن معاوية بِن عمرو بِن مالك بِن النجار.
- كنيته ولقبه: يُكنّى بأبي المنذر وأبي الطفيل، ويلقب بسيد القُرّاء.
- نسبه: ينتمي أُبَيّ بن كعب -رضي الله عنه- إلى قبيلة الخزرج من المدينة المنورة.
- صفاته الخلقية: كان أبيض الرأس واللحية، ومربوع القامة؛ أي متوسط الطول.
- إسلامه: أسلم أُبَيّ بن كعب -رضي الله عنه- قبل هجرة النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة، وكان من الأنصار الذين شهدوا بيعة العقبة الثانية، وبايع فيها النبي -صلى الله عليه وسلم- في العام الثاني عشر من البعثة، وآخى الرسول بينه وبين سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل -رضي الله عنه- بعد الهجرة.
- غزواته: جاهد أُبَيّ بن كعب -رضي الله عنه- في غزوة بدر وما تلاها حتى وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم-.
- أبرز مميزاته: يُعتبر أُبَيّ بن كعب -رضي الله عنه- أحسن الصحابة قراءةً للقرآن، فهو حافظ ومتفهم لمعارفه، قربه من الرسول -صلى الله عليه وسلم- جعله مرجعًا للصحابة الذين يسألون عنه. كما جمع القرآن الكريم في حياة النبي -صلى الله عليه وسلم-، وهذا ما لم يحقق نجاحه فيه سوى أربعة من الصحابة من الأنصار.
- وفاته: تعددت الأقوال حول موعد وفاته -رضي الله عنه-، فهناك من يقول إنه توفي سنة اثنتين وعشرين (22هـ) في خلافة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، ومن يقول إنه توفي في سنة ثلاثين (30هـ) في خلافة عثمان بن عفان -رضي الله عنه-، ويُرجح أنه توفي في خلافة عثمان -رضي الله عنه-.
فضل أُبيّ بن كعب رضي الله عنه
تميز أُبيّ بن كعب كصحابي ومسلم
لقد شهد النبي -صلى الله عليه وسلم- لأُبَيّ بن كعب -رضي الله عنه- بالخيريّة والفضل، وتميز جميع الصحابة بمميزات وفضائل كبيرة، ومن بينهم أُبَيّ بن كعب -رضي الله عنه- الذي أفنى نفسه في سبيل رضا الله ومحبة رسوله، وتمسك بالقرآن واهتدى به، فحصل لنفسه على الخير العميم من خلال كتابته القرآن وجمعه ثم إيصاله لمن جاء بعده. قضى أُبَيّ -رضي الله عنه- لياليه وأيامه في دراسة علوم القرآن، مما جعله يتسم بالتقوى والورع، وكان عابداً ومدركاً لمهمته، ولم يُعرف عنه أنه قدّم نافلة على حاجة الناس.
كما يُذكر أن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- يروي حادثة عن أُبَيّ بن كعب -رضي الله عنه-، حيث خرج في مسير مع عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، وعندما أصابهم المطر دعا أُبَيّ الله -عز وجل-، فقال: “اللهم اصرف عنا أذاها”، فاستجاب الله لدعائه، حتى إن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- عجَبَ من ذلك وعاتبه قائلاً: (ألا دعوتم لنا معكم)، وهذا يدل على تقوى أُبَيّ بن كعب وقربه من الله -عز وجل-.
إنجازات أُبَيّ بن كعب في الإسلام
نظرًا لتفوقه وكفاءته، حظي أُبَيّ بن كعب -رضي الله عنه- بشرف تلقي القرآن بين يدي النبي -صلى الله عليه وسلم-، وكان من أوائل من كتب الوحي في المدينة؛ أي كتب الآيات التي نزلت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. وعُرف أنه حدث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بمئة وأربعة وستين حديثًا (164) بعضُها وارد في الكتب الستة.
من بين من رووا عنه من الصحابة -رضوان الله عليهم- هو عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- الذي كان يطلب مشورته ويستشيره، وقد ذكر في المجالس: (أُبيّ سيد المسلمين)، مما يدل على غزارة علمه وثقة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- به، كما رواى عنه عدد من الصحابة الكرام مثل: أبو أيّوب، وعبادة بن الصامت، وسهل بن سعد، وأبو هريرة، وأنس، وغيرهم.