أحكام العصبة في الميراث
تُعرف العصبة بأنها أبناء المتوفى وأقاربه الذكور من جهة الأب. وتنقسم العصبة إلى نوعين: عصبة بالسبب وعصبة بالنسب. وتُعنى العصبة بالسبب بالإرث الخاص بالمعتق، حيث تأخذ أحكام العصبة بالنفس بشرط عدم وجود الرق. أما العصبة بالنسب، فإنها تُقسم إلى ثلاثة أنواع: العصبة بالنفس، العصبة بالغير، والعصبة مع الغير. وسنوضح أحكام كل نوع كما يلي:
أحكام العصبة بالنفس
تشمل العصبة بالنفس الذكور الذين لا تدخل في نسبتهم أنثى. وفي حال دخول أنثى، فإنهم لا يُعتبرون عصبة. وتشمل أحكام العصبة بالنفس ما يلي:
- الانفراد
يحق للعاصب أن يرث كامل التركة في حال انفراده، أي في غياب أصحاب الفروض. كدليل، نجد أن القرآن الكريم يُشير إلى ذلك في قوله -تعالى-: (وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ). وهذا يعني أن الأخ يرث كل تركة أخته عندما لا يكون لديها أولاد، مع حق الأب والجد في الترجيح، ويتم تطبيق هذا الأمر على الأعمام وبني الأخوة باعتبارهم ضمن دائرة التعصيب.
- وجود أصحاب الفروض
إذا وُجد أصحاب الفروض، يأخذ العاصب ما تبقى من الميراث بعد توزيع نصيب كل منهم. والدليل على ذلك هو قول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (ألحقوا الفرائض بأهلها، فما بقي فلأَوْلَى رجل ذكر). حيث أوضح الرسول أن العاصب يأخذ ما يتبقى بعد تقاسم كمية الميراث بين أصحاب الفروض.
- استغراق الفروض التركة
تسقط العصبة في حالة استغراق الفروض للتركة. ويؤكد الحديث السابق ذلك؛ إذ إذا وُزع نصيب أصحاب الفروض بالكامل ولم يتبقى شيء للعاصب، فإنه يسقط عنه الحق في الميراث. ومع ذلك، لا تسقط حقوق الابن، حيث إن الفروض لا تستغرق التركة مع وجوده، كذلك الأب والجد، حيث يحصل كلاهما على السدس في مثل هذه الحالات.
أحكام العصبة بالغير
تشمل العصبة بالغير النساء اللواتي يصبحن عصبة بواسطة الذكور، بشرط أن يكون لديهن نصيب محدد في الميراث. ويمكننا الاستدلال بهذا الأمر من قوله -تعالى-: (وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالاً وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْل حَظِّ الأُْنْثَيَيْنِ).
تنتقل الأخت المنفردة مع أخيها من حالة الفرض إلى العصبة، بحيث لا تحصل على نصيب أكبر أو مساوٍ لما يحصل عليه، ويتجانب في العصبة بالغير للذكر مثل حظ الأنثيين، وأحكام العصبة بالغير تمثل الحكمين الأخيرين للعصبة بالنفس.
أحكام العصبة مع الغير
العصبة مع الغير تشمل الأخوات الشقيقات أو الأب مع البنات أو أحفاد البنات، ويحصلن كذلك على الحكمين الأخيرين للعصبة بالنفس؛ حيث يأخذن الباقي بعد أخذ أصحاب الفروض، أو يُسقطن في حال استغراق الفروض للتركة. ولا يمكن تصور انفرادهن؛ إذ في حال انفردت تأخذ الجميع كفرض ورد.
أحكام اجتماع العصبات
عند وجود أكثر من عصبة، فإن الحالة تنحصر في واحدة من السيناريوهات التالية:
- الاتحاد بالجهة والدرجة والقوة، حيث يتم تقسيم المال بالتساوي بينهم، كما هو الحال عندما يكونوا أبناء أو إخوة.
- الاتحاد في الجهة والدرجة، وفي هذه الحالة يختلف العاصبان بالقوة؛ حيث يتقدم الأقوى مثل الأخ الشقيق على الأخ لأب.
- الاتحاد في الجهة فقط، عند اتحاد العاصبين في الجهة واختلاف القوة، يتقدم الأقرب في الدرجة؛ مثل اجتماع الابن مع ابن الابن، حيث يرث الابن.
- الاختلاف في الجهة، عند اختلاف جهة العاصبين يُقدّم الأقرب من حيث الجهة حتى وإن كان الأبعد في الدرجة؛ كمثال يتقدم ابن الابن على الأب.