الصمت
يُعتبر الصمت فناً يُحسن القلة إتقانه، فجميع من أتقن الصمت تجلى إبداعه في كلامه. ومن الخطأ أن يتصور البعض أن الصمت يمثل جهلًا أو خوفًا من المواجهة؛ بل إنه يُعد من ركائز الحكمة والمعرفة. فقد أُشاد العديد من الأدباء بفضيلة الصمت وذموا الكلام. في هذه المقالة، سنستعرض بعض الحكم الجميلة حول الصمت وتقديره.
أجمل ما قيل عن الصمت
- الكلمة التي تتحدث بها تُملِكُك، لكن إذا لم تتحدث بها، فإنك تملكها.
- إنك أكثر قدرةً على الرد على ما لم تقله، مما أنت عليه على ما قلته.
- الصمت هو أكثر ما يسع سرك.
- الصمت هو فوضى تتقاذفها عناصر لا تُحسن التعبير.
- يزيد الصمت من جاذبية المرأة.
- قلبنا ينسحب في صمت عندما يتعرض للإرهاق دون تواطؤ.
- الخطأ في القدم أهون من اللسان.
- لو استمعنا جيدًا لصوت الصمت، لقلّ كلامنا.
- في الصمت ستر للغيبة، وهو ما قد يُبرز جوهر الإنسان حين يتحدث.
- أدركت مشقة الكتابة عندما نفتقر إلى الرغبة، كما أدركت الألم في الصمت عندما نتوق للحديث.
- بعض السكوت أبلغ من الكلام.
- وربما كانت بعض الكلمات هي التي تثير الحروب.
- تعودت على الصمت حتى أصبح الرفيق الوحيد لي في لحظات الانشغال والخوف.
- هناك كلمات قد تخبر صاحبها أن يتجنب الحديث.
- الكلمات لا يمكن أن تخفف معاناة القلوب؛ فالصمت وحده هو القادر على فعل ذلك.
- تُعد البلاغة في الصمت أرقى عندما يصبح الكلام غير مناسب.
- لا تتحدث بما لا تعرف.
- الهدوء نعيم، والصمت حياة، وما بينهما تفاصيل لا يفهمها أحد.
- السكوت علامة القبول.
خواطر عن الصمت
كنت أسمع عن الوحدة، فأبتسم؛ لا أحد كسر نفسه كما فعلت أنا. وكنت أسمع عن الصمت، فأبتسم؛ لأن لا أحد عاشق له مثلي. وعندما يتحدثون عن البرد، أبتسم؛ لأن لا أحد جرب النعومة في البرودة كما فعلت. لكن عندما يتحدثون عنك، أجد نفسي أبكي، فلا أحد أحبك كما فعلت. نحن عندما نكتب، لا نستخدم حبر القلم؛ بل نكتب بدماء القلوب، فأعتذر إن بدت جراحي على السطور. سئمت من الكلام، وفضلت الصمت ولغة العيون. سأصمت، نعم سأصمت، وأدع الحبر يتحدث عني، فالصمت هو ما يُتقنه البعض، لكننا نحمل أوزار النوايا.
أما الخاطرة الثانية:
أصمت وتبقى صفحاتي خاوية، لا تمتلئ بالتفاهات التي أحدث بها نفسي. تبقى فارغة إلا من سطور الدموع التي سقطت من عيون المعاناة، سطور تتألم وتصمت دون صراخ. أصمت حين يحتاج الكلام إلى عبارات أخرى، إلى كلمات لا تندرج تحت ما أعتاد سماعه. أصمت لأن الصمت هو الحل، هو ملاذي من صخب الحديث وضجيجه. أصمت لأكون خروجي من قيد اللغة، وأتمرد على قيود النطق. أصمت لأن الكلمة قد تكون خطوة نحو المجهول الذي أرفض المضي إليه، وأصمت لأنه يكفي من الحقائق التي أصبحت كأنها خرافات لا أستطيع التملص منها. أصمت لأن الصمت يحتوي كل اللغات، إنه تواصل يعبر الحدود ويتجاوز المسافات، يُخترق الجفاء والفراق. أستطيع أن أدعي ما أريد، أن أغضب، وأشتاق، وأعاتب، وأبكي وأبتسم كما أريد. أصمت لأن الحدث كان مأساة لا تقدر الكلمات على مواجهتها. أصمت لأن في العروق حزن وفي الحنايا لوعة، وهي أثقل من أن تتحملها الكلمات. أصمت لأن الصمت احتجاج على ظلم لا يُمكن تغييره. أصمت لأنني شعرت بالخيانة، إذ تم اقتلاع زهور الأحلام وحطمت أمام عيني، وأضيئت شموع الأمل. أصمت لأن الكلمات مسجونة، ومن السخافة أن تصرخ في أذن صماء أو تُجبر شفتين بكماء على النطق. أصمت لأن هناك من يُحسن قراءة صفحات الصمت ويستطيع سماع همس السكوت. أصمت لأن الآخر يرفض الاستماع ويخاف من وجع الكلمات، لذا يهرب من طنين العتاب ولسعات اللوم. ولكن عليه يومًا ما أن يواجه نبض الضمير، أصمت لأن في الصمت حكمة.
شعر عن الصمت
تعلم حفظ آفات اللسان
الشاعر عبد الغني النابلسي، الذي وُلِد ونشأ في دمشق، تنقل بين عدة بلدان بما في ذلك بغداد ومصر والحجاز ولبنان وفلسطين. له مؤلفات عديدة، من أبرزها “قلائد المرجان في عقائد أهل الإيمان”، و”الحضرة الأنسية في الرحلة القدسية”. في قصيدته، قال:
تعلم حفظ آفات اللسان
لتجد الأمن والأمان
فخذها فإنها سبعون شيئًا
حكت في نظمها عقد الجمان
فكفر والخطا مع خوف كفر
وكذب ثم سب في هوان
وفحش غيبة ونميمة
ومراء والجدال وطعن جاني
وسخرية وتعريض ولعن
ونوح واشتغال بالأغاني
مخاصمة وإفشاء لسرّ
وخيبة في مجال بافتتان
سؤال المال والدنيا نفاق
بقول وكلام لدى الأذان
سؤالك عن أغاليط وأيضًا
عوام الناس عن صعب المعاني
وتغليظ الكلام وأمر نكر
ونهى العرف مع خطأ اللسان
سؤال عن عيوب الناس أخذ
لذي الوجهين في أمر الدهان
كلامك حالة القرآن يتلى
وبعد طلوع فجر للعيان
وحالة خطبة وبمسجد مع
دخول خالية لحاجات تعاني
وفي حال الصلاة وفي جماع
وفتح القول عند كبير شان
وبالألقاب نبز مع يمين
غموس أو بغير الله داني
إخافة مؤمن وفضول قول
وإكثار اليمين بلا تواني
على غير الدعاء لأهل ظلم
بدون إصلاح كل آن
سؤال إمارة ووصاية مع
توليه على دار وخان
وردّ كلام متبوع وقطع
لقول الغير شعر ذو امتهان
تناجي اثنين مدح مع مزاج
ونطق بالذي هو غير عاني
على النفس الدعاء وردّ عذر
أتى بالرأي تفسير القرآن
سؤالك عن حلال أو طهور
بغير محله قصد امتحان
وسجع والفصاحة مع سلام
على الذّمي وذي فسق مهان
كذا متغوّط أو بائل مع
كلام الأجنبية في مكان
وإرشاد لنحو طريق سوء
وإذن في المعاصي للمداني
وآفات العبادات اللواتي
تعدّت والتي قصرت لعاني
كذا الآفات ضمن معاملات
وآفات السكون بلا بيان
وقد تمت بعون الله فاخلاص
لناظمها دعاءك بالجنان
هدير الصمت
قصيدة “هدير الصمت” هي للشاعر محمود درويش، الذي وُلِد في قرية البروة عام 1942م، ثم لجأ إلى لبنان وهو في السابعة. بعد فترة عاد إلى فلسطين وأكمل تعليمه. ساهم درويش في تحرير جريدة الفجر وكتب المقالات والأشعار في عدة صحف ومجلات. في قصيدته “هدير الصمت”، يعبّر عن مشاعر عميقة حول معنى الصمت:
أُصغي إلى الصمت، هل ثمة صمت؟ لو
نسينا اسمه، وأرهفنا السمع إلى ما
فيه، لسمعنا أصوات الأرواح الهائمة
في الفضاء، والصرخات التي اهتدت إلى
الكهوف الأولى. الصمت صوت تبخّر واختبأ
في الريح، وتكسّرت أصداء محفوظةً في
جرارٍ كونية. لو أرهفنا السمع، لسمعنا
صوت ارتطام التفاحة بحجر في بستان الله،
وصرخة هابيل الخائفةَ من دمه الأول،
ولسمعنا تأملات يونس في بطن الحوت،
والمفاوضات السرية
بين الآلهة القدامى. لو أرهفنا السمع
إلى ما وراء حجاب الصمت، لاستمعنا إلى
أحاديث الليل بين الأنبياء وزوجاتهم،
وإلى إيقاعات الشعر الأولى، وإلى
شكوى الأباطرة من الضجر، وإلى حوافر
خيل في حرب مجهولة الزمان والمكان، وإلى
الموسيقى المصاحبة لطقس الدعارة المقدسة،
وإلى بكاء جلجامش على صاحبه أنكیدو،
وإلى حيرة القرد حين قفز من الشجرة
إلى عرش القبيلة، وإلى الشتائم المتبادلة
بين سارة وهاجر. لو أرهفنا السمع
إلى صوت الصمت… لصار كلامنا أقل!
كلمات عن الصمت واللسان
- اللسان ليس له عظام، لكنه يستطيع قتل.
- اللسان كرصاص قاتل.
- من الأفضل أن يزل الإنسان قدمه بدلاً من لسانه.
- اللسان سلاح ذو حدين.
- خلق الله للإنسان لساناً واحداً وأذنين، ليتمكن من الاستماع أكثر مما يتحدث.
- في اللسان يكمن تنين، لا يسفك الدم لكنه يقتل.
- يقول اللسان للجوارح كل صباح ومساء: كيف أنتن؟ فتجيبين: بخير إن تركتنا.
- هلاك الإنسان في اللسان.
- أفضل أن تُنهش الأسنان على أن يُنهش اللسان.
- إن لم تستطع السيطرة على لسانك ستندم.
- اللسان كالسيف القاطع، لا يُؤمن حدّه، والكلام كسهم نافذ، لا يُؤمن رده.
- قال الرأس للسان: ما دمت أنت جاري فلن أعرف الراحة.
- حذاري من أن يسبق لسانك تفكيرك.
- اللسان المدجّن كعصفور نادر.
- مقتل الرجل بين فكيه.
- للسيف حدان، وللسان مئة حد.
- لا يوجد شيء أطيب من اللسان إذا كان طيبًا، ولا أخبث منه إذا خبث.