يُعدّ ملح الطعام من العناصر التي تلازم البشرية منذ العصور القديمة. فقد أدرك الإنسان البدائي أهمية الملح، حيث استخدمه البعض في طهي وحفظ الطعام، بينما اعتمد آخرون عليه في طقوسهم الدينية، مثل الإغريق والرومان واليهود. كما طُبِّق الملح في صناعة الأطعمة المُملحة ودبغ الجلود. ومع ذلك، يثار جدل حول تأثير الملح على صحة الأطفال، حيث يتساءل البعض عما إذا كان يساهم في زيادة الوزن أو التسبب في أمراض خطيرة، وسيلقي الموقع الضوء على هذا الموضوع بناءً على الأبحاث والدراسات ذات الصلة.
الملح وزيادة البدانة والأمراض الخطيرة لدى الأطفال
أجرت مجموعة من الباحثين في جامعة ديكين الأسترالية دراسة طبية تُظهر أن استهلاك الملح قد يزيد من احتمالية إصابة الأطفال بالبدانة والأمراض الخطيرة بنسبة تصل إلى 23%. وقد جمعت الدراسة بيانات من مجموعة من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين أربع إلى سبع سنوات، حيث أوضحت الفحوصات وجود تراكمات دهنية في منطقة البطن. وأظهرت التحليلات الغذائية أنّ هؤلاء الأطفال يستهلكون كميات مفرطة من ملح الطعام في وجباتهم.
تداعيات تناول كميات مفرطة من الملح على الأطفال
حذّرت المختصة الألمانية في علم السموم، ساشا ماير، من استهلاك الأطفال لكمية كبيرة من الملح، نظرًا للمخاطر الصحية الخطيرة التي قد تنتج، مثل النزيف في الرأس أو التورم في المخ، مما قد يؤدي في بعض الحالات إلى الوفاة.
النتائج العلمية حول أضرار الملح على الأطفال
توصل الباحثون إلى عدة نتائج تشير إلى المخاطر التي تنجم عن زيادة استهلاك الملح، تشمل:
- زيادة استهلاك الملح قد يؤدي إلى زيادة احتمال الإصابة بالبدانة والأمراض بنسبة 23%. حيث تبين أن 70% من الأطفال يتناولون أكثر من 6 جرامات من الملح يوميًا.
- يمكن أن يؤدي ارتفاع كمية الملح في الطعام إلى خطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم وأمراض خطيرة أخرى.
- تزداد فرص إصابة الأطفال بالسمنة مع زيادة نسبة الملح في وجباتهم، مما يزيد من خطر الإصابة بداء السكري المزمن.
نصائح وتوصيات من الأطباء بشأن استهلاك الملح
يوجه الأطباء مجموعة من النصائح بشأن الكميات المناسبة من الملح في غذاء الأطفال، تشمل:
- يجب تقليل كمية الملح في الوجبات، بحيث لا تزيد عن 4 جرامات يوميًا كحد أقصى.
- تجنب إضافة الملح إلى الأطعمة التي تحتوي بالفعل على نسب من الملح، كالجبن واللحوم، بهدف تحسين نكهتها أو حفظها.
- اتباع نظام غذائي صحي للأطفال، يبتعد عن الوجبات السريعة والشيبسي والمكسرات المملحة، مع عدم الإفراط في تناول الأطعمة المالحة مثل الجبن.
- زيادة تناول الملح تؤدي إلى احتمال تناول مشروبات سكرية أيضاً، مما قد يتسبب في تجمع عوامل الخطورة معًا ويزيد من مشاكل صحية خطيرة.
- تجنب اختيار الأطعمة مع ملصقات تشير إلى احتوائها على أكثر من 0.6 جرام صوديوم أو 1.5 جرام من كلوريد الصوديوم “ملح الطعام” لكل 100 جرام.
- توعية الآباء والأمهات بمخاطر استهلاك الملح، موضحةً لهم ما يمكن أن يتسببوا فيه من أمراض مزمنة دون قصد.
بعد استعراضنا للأضرار الجسيمة التي قد يسببها الملح لأطفالنا وفقًا للدراسات العلمية، بالإضافة إلى التوصيات المقدمة، من الضروري أن نوجه رسالة للأهالي بضرورة تقليل كميات الملح في طعام أطفالهم لتجنب هذه التأثيرات السلبية. تذكروا أن صحة أطفالكم تعتبر مسؤولية كبيرة تتطلب الرعاية والاهتمام.