مرض الروماتويد
يعتبر مصطلح الأمراض الروماتويدية إطارًا واسعًا يضم أكثر من مئتي نوع من هذه الأمراض، والتي تشمل التهاب المفاصل الروماتويدي (بالإنجليزية: Rheumatoid arthritis)، مرض الذئبة (بالإنجليزية: Lupus)، متلازمة شوجرن (بالإنجليزية: Sjogren’s syndrome)، والتهاب الفقار الروماتويدي (بالإنجليزية: Ankylosing Spondylitis). يعد التهاب المفاصل الروماتويدي واحدًا من أبرز وأكثر هذه الأنواع شيوعًا، وهو الموضوع الرئيسي الذي سنتناوله بالتفصيل في هذا المقال.
يمكن تعريف التهاب المفاصل الروماتويدي بأنه حالة التهابية مزمنة تؤثر على عدة مفاصل في الجسم. حيث يصيب الالتهاب البطانة الخارجية للمفصل، مما يؤدي إلى حدوث انتفاخ مؤلم، وقد يؤدي في النهاية إلى تآكل العظام وتشوه المفصل. من الجدير بالذكر أن الالتهاب الناتج عن مرض التهاب المفاصل الروماتويدي قد يمتد ليشمل أعضاء أخرى في الجسم، مثل الجلد والرئتين والعيون والقلب والكلى والأوعية الدموية.
أسباب مرض الروماتويد
يعد التهاب المفاصل الروماتويدي اضطرابًا مناعيًا ذاتيًا، مما يعني أنه يحدث نتيجة لهجوم الجهاز المناعي على جزء من الجسم عن طريق الخطأ. في حالة التهاب المفاصل الروماتويدي، يهاجم الجهاز المناعي الغشاء الزليلي المحيط بالمفاصل المتضررة. هذا الهجوم يؤدي إلى التهاب الغشاء الزلالي وزيادة سمكه، مما قد يتسبب في تدمير الغضاريف والعظام في المفاصل المصابة. تدريجيًا، تضعف الأربطة والأوتار التي تربط أجزاء المفصل معًا، مما يؤدي إلى فقدان المفصل لشكل ولون طبيعته.
عوامل الخطر للإصابة بمرض الروماتويد
كما أشرنا سابقًا، فإن سبب التهاب المفاصل الروماتويدي يعود إلى مهاجمة الجهاز المناعي للغشاء الزليلي. ورغم أن السبب الدقيق وراء هذا الخلل المناعي لا يزال غير مُكتشف، إلا أن العلماء تمكنوا من تحديد مجموعة من عوامل الخطر التي قد تزيد من احتمالية الإصابة بالمرض. تتضمن أهم هذه العوامل:
- الجنس: حيث تُظهر الدراسات أن النساء أكثر عرضة للإصابة بالتهاب المفاصل الروماتويدي مقارنةً بالرجال.
- العمر: رغم إمكانية إصابة الأشخاص من جميع الأعمار، إلا أنه غالبًا ما يُظهر المرض بداية أعراضه بين الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 40 و60 عامًا.
- التاريخ العائلي: وجود تاريخ عائلي للمرض يزيد بشكل كبير من احتمال الإصابة به لدى أفراد العائلة الآخرين.
- التدخين: يزيد التدخين من خطر الإصابة بالتهاب المفاصل الروماتويدي، خاصةً إذا كان هناك عوامل جينية أخرى. كما أنه يعزز شدة الأعراض لدى المرضى.
- العوامل البيئية: في حين أن تأثير البيئة المحيطة لا يزال غير واضح بشكل كامل، يعتقد بعض العلماء أن التعرض لمواد كيميائية مثل السيليكا والأسبستوس قد يزيد من خطر الإصابة.
- السمنة: تعتبر السمنة وزيادة الوزن من عوامل الخطر الإضافية المرتبطة بالمرض.
أعراض مرض الروماتويد
تتباين أعراض التهاب المفاصل الروماتويدي من حالة لأخرى، ويُلاحظ أن المصابين قد يمرون بفترات تختفي فيها الأعراض تمامًا وفترات أخرى تكون فيها الأعراض شديدة. غالباً ما يبدأ التهاب المفاصل الروماتويدي بالتأثير على مفاصل اليدين والقدمين، لكنه قد يؤثر أيضًا على أي مفصل آخر في الجسم. من أهم أعراض التهاب المفاصل الروماتويدي:
- التهاب عدة مفاصل، مع تصلبها أو انتفاخها والشعور بالألم بها، وعادة ما تشتد هذه الأعراض في الصباح أو بعد فترات من قلة النشاط.
- التأثير على مفصلين متقابلين في الجسم؛ إذ غالبًا ما يصيب الالتهاب مفصلًا من جهة، والمفصل المقابل له من الجهة الأخرى.
- تشوه المفاصل المتأثرة.
- عدم التوازن أثناء المشي.
- الشعور بالتعب الجسدي والإرهاق العام.
- ارتفاع درجة الحرارة.
- فقدان الوزن غير المبرر.
- تأثر قدرة الحركة.
علاج مرض الروماتويد
على الرغم من عدم وجود علاج نهائي يشفي من التهاب المفاصل الروماتويدي، إلا أن العلاجات المتاحة تعمل على تقليل الالتهاب وتخفيف الألم، والحد من تأثيره على الحركة، وقد تمنع انتشار الالتهاب إلى مفاصل أخرى. تشمل أبرز استراتيجيات العلاج المتاحة ما يلي:
- العلاجات الدوائية: من الأدوية المتاحة لعلاج التهاب المفاصل الروماتويدي:
- مسكنات الألم: مثل الباراسيتامول ومضادات الالتهاب غير الستيرويدية (NSAIDs) مثل الإيبوبروفين والنابروكسين. يجب الانتباه إلى أن الاستخدام المطول لهذه الأدوية قد يؤدي إلى آثار جانبية مثل قرحات في المعدة ومشاكل في الكلى والكبد.
- الكورتيكوستيرويدات: هذه الأدوية تساعد على تقليل الالتهاب والألم، وتقلل من التلف المحتمل للمفاصل. في حالة عدم استجابة المسكنات، قد يقرر الطبيب حقن الكورتيكوستيرويد في المفصل، حيث يمكن أن يستمر تأثيرها لأسابيع عدة.
- الأدوية المضادة للروماتيزم: تهدف هذه الأدوية إلى التأثير المباشر على الجهاز المناعي، مما يقلل من تقدم المرض ويساعد على منع التلف الدائم للمفاصل. عادةً ما تحتاج هذه الأدوية إلى مدة تتراوح بين 4-6 أشهر لإظهار نتائج فعّالة، وغالبًا ما يحتاج المريض لاستخدامها مدى الحياة.
- العلاجات البديلة: تشمل الوخز بالإبر، العلاج المائي، والتدليك، بالإضافة إلى تناول مكملات زيت السمك وجلسات العلاج الطبيعي.
- العلاجات المنزلية: تنطوي على استخدام كمادات دافئة أو باردة على مناطق الألم، وممارسة تمارين التأمل والاسترخاء. يُنصح المرضى بممارسة التمارين أثناء فترات الهدوء لتقوية العضلات المحيطة بالمفاصل، وكذلك أخذ فترات من الراحة لتقليل الضغط على المفاصل أثناء النوبات.
- العلاج الجراحي: قد يلجأ الأطباء لخيارات جراحية في حالات التهاب المفاصل الروماتويدي الشديدة، حيث تُعتبر العمليات الجراحية خيارًا متاحًا لإصلاح المفاصل التالفة أو تصحيح التشوهات في حالة عدم كفاية العلاجات الأخرى.