أحمل هذا الحب بمفردي
لقد تحملت هذا الحب بمفردي،
ورغم أن كل واحد من الناس لديه شغف المحب، إلا أن شغفي وحدي.
إنها الجمال في تجسدها، وأنا الرغبة،
فما عاشق قبلي، ولا عاشق بعدي.
وفي كل وادٍ، يشرق الحب بألوانه،
فشأني في باريس يوازي شأني في نجد.
لم أنسَ يوماً أنني زرتها ذات صباح،
عليلاً كما هبَّ النسيم بلا وعد.
كنتَ هناك، وكنت والدلال يدفعها بعيداً،
فتظهر ما أخفي، وتخفي ما أظهر.
وما زلتُ وحتى قبلتني قبلة،
كنتُ حذراً حتى من المجوهرات والعقد.
وكنا مثل الأزهار، نلامس بعضنا البعض،
ولا صوت للنسرين في شفة الورد.
وكان فمي في ذلك الوقت رسالة إليها،
فسلّمتها فاهَتُ، واستقبلت الرد.
إذا لم يكن في قلب الحبيبة لي شوق،
فقولوا لماذا لا يكون الشوق عندي؟
لقد غرست الحب في قلبي
لقد غرستَ الحب في أضلعي،
فكيف لا أسقيه من دموعي؟
إذا أردتَ، يا جميلَ اللمى، لما بُحِتْ،
فإن غلة هذا القلب لم تنقع.
ولم أقضِ ليلة حين هجرتني،
من مضجعٍ يابس إلى مضجع.
إذا دعاني الأرق، أستجبه،
وإن دعوتُ النوم، لم يسمع.
أسأل ليلي لماذا لا يغيب،
وما لنجم الصبح لم يظهر؟
وأحسب الطيور حين تعود،
تحن إلى من أهوى، فتنادي معي.
ذاك الشاب الذي يُرضيني طيفه،
لم يكن بغير الروح مُقنع.
لم ألقَ من نظر إلى وجهه،
إلا شاب عشق أو يدعي.
يا هاجراً، أسقمني طرفك،
فكل دواءٍ في نفسي لم ينجع.
كم حرقةٍ قد ضاقت بها صدري،
وعواطفٍ كتمتها في أحشائي.
وحسرةٍ في النفس لم تغادر،
قلب الشاب العذري حتى نُعي.
أتركها بعدي لأهل الهوى،
من موجع القلب إلى موجع.
تسحب العرش عن صاحبه،
بين يدي عرش الحب الأرفع.
وتبعث الروعَةَ يوم الوغى،
إلى قلب البطل الأورع.
فابعث إلى قلبي منك تسليمةً،
أبثها في ذاك الموضع.
تسترجع النوم إلى عيوني،
فقد مضى النوم ولم يرجع.
كم أمر الحب وكم نهى،
فبتُ باكياً العينين لم أهنئ.
ومن يقوده الحب،
قد يُقاد إلى مصرعه رغماً عنه.
إن الحب قُتل يا ليالي الوداد
قُتِل الحب يا ليالي الوداد،
فاسلمي بالقلوب والأكباد.
مهجة تتلظى غراماً ولكن،
ألف قلب يغلي من الأحقاد.
وذات صدور كالنار غطاها،
من سواد الرياء شبه الرماد.
والهموم التي تصنع للحياة،
أي إنسانٍ بدون قلبٍ.
ما آمنا الزمان إلا كما يأمل،
من إبليس زاهد الزهاد.
كل يوم يصرخ صوتٌ للناس،
كضجيج الساعات في الميعاد.
أين من يأمن التأويلات والآلام،
بأجناسهم ثمار الشدائد؟
من تتعهدهم، تمهيداً بالأمل،
ورب البستان بالمرصاد.
وقَتيل من كان في الغابة حياً،
تتولاه أعين الأسود.
يا حمام الكمد، آذِني
أرقني، يا حمام الكمد،
فهل جربت الحُب كما جربت؟
بتُ جالساً على الغصن أندب غرِداً،
وأبكي الراحلين.
وعيوني ما زالت تفيض،
وأضلعي تبقى مشتعلة.
إنّا كلانا لعاشقون،
طار بنومي ونومك السهد.
فانأْ بجِسدي، فما توجعه،
تذوب يا باعث الجوى بقلبي.
لي مهجةٌ تعشق الجمال، وهل،
يُلام المرء في حب جسده؟
عذبتها بالصدود، يا حسن،
أغيدٌ قد زاد في ليلاه.
تتفاخر بالظباء وقد،
ذلل في ملك حسنها الأسد.
قفا على داره وسألاه،
أقل من وعده الموعود؟
وغنوا إن رأيتما طللاً،
أقفر بعد الأحبة البلاد.
عصافير تظن أن الحب في القلوب
عصافير تحسب القلوب من الحب،
فمن لي بعصفورةٍ أخذت قلبي.
وطارت، فلما خافت عيوني،
أزالت لها حباً من اللؤلؤ الرطب.
فيا ليتني طائرٌ أجاور عشي،
فيوحشها بعدي ويؤنسها قربي.
ويا ليتها قد عششت في جوانبي،
تغرد في جانبٍ وتمرحُ في جانب.
ألا يا عصافير الربى، لقد عشقتُها،
فهبي لأعلمك الهوى والبكاء.
أعلمك النوح يا من لو سمعته،
رثيت لأهل الحب من عشق الحب.
خذي في جناحيك الهوى من جوانحي،
وروحي بروحي لتلك التي أخذت لبي.
نظرت إليها، فتوجعت،
وثنيتُ بالأخرى، فاندلعت الحرب.
فمن لحظة تُرمى بها بركة،
كما اشتبك السيفان عضباً على عضب.
ومن نظرة تُردّ من وجهٍ لنظرة،
كما انتقلت الرماح كعباً إلى كعب.
فساقت لعيني عينها أي أسهم،
قذفت قلبي بكل هولٍ من الفزع.
وساق لسمعي صدرها كل زفرة،
أقرتّ في صدري كل همٍ.
ودارت بي الألحاظ من كل الجهات،
فمنهنّ في سلبي ومنهنّ في نهبي.
فقلت خدعنا، إنها الحرب خدعة،
وهدّنت آلامي أن أسر الهوى خطبي.
فقالت، إذا لم تنجُ نفسٌ من الردى،
فحسبك أن تهوى فقلتُ لها، حسبي.
ولي العذر إن لامني فيك لائم،
فأكبر ذنبي أن حبكِ من ذنبي.
ويا من سمعتم بالهوى، إنما الهوى،
دمٌ ودمٌ يصبو، وذا يصبو.
متى ائتلفا حزناً وتعانقا،
وإلا فما رونق الحسن إلا يسبي.
سلوني، أنبئكم، فما أعرف الهوى،
سوايَ ولا في الناس مثلي من صب.
إذا شعراء الصيد كتبوا، فإنني،
لشاعر الحُسن في العُجْم والعُرْب.
وإن أنا ناجيت القلوب، تمايلت،
بها نسمات الشعر بين القلوب.
وبي، إذا شاءت، وصفت جمالها،
فواللهِ ما يبقى فؤاد بلا حب.
من الغيد، أما دلها فملاحة،
وأما عذابي، فهو من ريقها العذب.
ولم يبقِ منها عجبها غير نظرة،
ولا هي أبقت للحسان من العجب.
عرضت لها بين التذلل والرضا،
وقد وقفت بين التدلل والعتب.
وأبصرت أمثال الدمى يحيطون بي،
فقلتُ أهذي الشهب أم شبه الشهب؟
فما زال يهدي ناظري نور وجهها،
كما نظر العاشق في نجمة القطب.
وقد رحلوا أشتاتاً، وقلبي وقلبي،
فعيني في سربٍ وقلبي في سرب.
وقالت تجلد، قلتُ: يا مَيُّ، سائليني،
عن الحزن، يعقوب ويوسف في الجب.
وما إن أرى الأحباب إلا ودائع،
ترد فإما بالرضا أو الغضب.