حقوق العمال: ضرورة العدالة والإنصاف
أمر الله -تعالى- المسلمين بالعدل في أقوالهم وأفعالهم، وحذرهم من الظلم واغتصاب حقوق الآخرين. لا يحق لأي مسلم أن يأكل حق شخص آخر أو يخونه، أو يتجاهل الاتفاق المبرم معه. ومن الملاحظ أن الله -سبحانه- قد ترك تفاوتًا في الأرزاق بين خلقه؛ إذ يوجد الأغنياء والفقراء، القادرون والعاجزون. لذا، يتوجب على المسلم الالتزام بالعقد المبرم مع العمال، وضمان تقديم حقوقهم كاملةً دون نقصان، فإن أي تقصير في حقوقهم يُعد ظلمًا لهم، وهو بمثابة أكل لمالهم بغير حقّ. وهذا الأمر محرم في الشريعة الإسلامية. بل إن تأخير دفع حقوق العامل دون مبرر شرعي يُعتبر محرمًا كذلك؛ فالمماطلة من قبل القادر حرام، وينبغي للمسلم أن يدرك أن التقصير في حقوق العمال يعدّ من الكبائر، وأن الله -تعالى- سيكون خصيمًا لهذا العامل يوم القيامة. لذا، يجب ألا يغتر أي شخص بقدرته أو قوته، لأنه قد يفقدها في أي لحظة ليصبح في وضع العامل الذي ظلمه.
توجيهات النبي في معاملة العمال
حدد النبي -صلّى الله عليه وسلّم- حقوقًا للعمال وأوصى بإيفائها، وفيما يلي بعض ما دعا إليه -عليه الصلاة والسلام- في هذا السياق:
- حثّ على الإحسان في معاملة العمال، وإبداء الرحمة والشفقة تجاههم، مع ضرورة عدم تحميلهم ما يفوق طاقتهم.
- ألزم المسلمين بسرعة دفع أجر العمال ومستحقاتهم.
- حذر من اقتطاع أي جزء من حقوق العمال أو حرمانهم منها.
- أوصى بالتعامل بلطف مع جميع الناس.
- شدد على أهمية شكر العمال على ما يقدمونه من جهود.
- حرّم استغلال حاجة العامل وضعفه.
- اعتبر إيفاء الأجير حقّه من أعظم الأعمال التي تقرب الإنسان من ربه.
التوبة من ظلم العمال
جاءت الشريعة لتؤكد على عظم قيمة الأمانة وضرورة أدائها، ولتنفر من الغدر والخيانة. فمن وقع في ظلم أو غصب أو أكل حقوق الآخرين، سواء من العمال أو غيرهم، وتاب عن أفعاله، فإنه مطالب برد حق كل ذي حق في الدنيا. وإذا كان صاحب الحق مجهولًا أو غير قادر على الوصول إلى حقه، فمن الممكن أن يتصدق بالحق عنه. وإذا تمكن بعدها من الوصول إليه، يُعطى الخيار بين أن يحتفظ بأجر الصدقة، أو أن يعيد إليه حقه مع احتساب أجر الصدقة للمتصدق.