أبرز كتاب الأدب الحديث
شهد العصر الحديث ظهور مجموعة مميزة من الأدباء والشعراء الذين أثروا في المشهد الأدبي بشكل ملحوظ، سواء من ناحية الشعر أو النثر. ومن بين الأسماء اللامعة على الساحة الأدبية:
محمود سامي البارودي
وُلِد محمود سامي البارودي في عام 1838م، وينتمي إلى المماليك من أصل شركسي. نشأ البارودي يتيمًا، وخصص وقته للتعلم الذاتي نظراً لعدم توفر الدعم المادي له. في عام 1845م، التحق بالمدرسة الحربية، ولكنه لم يجد فرصة عمل، فاندفع نحو قراءة الأدب والتراث. اتبع أسلوب الشعر القديم وأبدع في اكتساب مهارات شعرية من خلال محاكاة الشعراء الكبار، ومن أبرز ما جادت به قريحته:
صِلَةُ الْخَيَالِ عَلَى الْبِعَادِ لِقَاءُ
لَوْ كانَ يَمْلِكُ عَيْنِيَ الإِغْفَاءُ
يا هاجِري مِنْ غَيْرِ ذَنْبٍ في الْهَوَى
مَهْلاً فَهَجْرُكَ والْمَنُونُ سَواءُ
أَغْرَيْتَ لَحْظَكَ بالْفُؤادِ فَشَفَّهُ
ومِنَ الْعُيُونِ عَلَى النُّفُوسِ بَلاءُ
هِيَ نَظْرَةٌ فامْنُنْ عَلَيَّ بِأُخْتِها
فالْخَمْرُ مِنْ أَلَمِ الْخُمارِ شِفَاءُ
أحمد شوقي
يعد أحمد شوقي أحد أبرز شعراء العصر الحديث، حيث وُلِد في عام 1871م وحصل على لقب أمير الشعراء. يمثل شعره توثيقًا تاريخيًا وشعوريًا، فقد تأثر بشدة بالأحداث السياسية، وبالأخص سقوط الدولة العثمانية، ودعا في قصائده لدعمها. تميز شعره بأسلوب بلاغي خاتل، ومن أبرز ما كتب:
هَمَّتِ الفُلكُ وَاِحتَواها الماءُ
وَحَداها بِمَن تُقِلُّ الرَجاءُ
ضَرَبَ البَحرُ ذو العُبابِ حَوالَيها
سَماءً قَد أَكبَرَتها السَماءُ
وَرَأى المارِقونَ مِن شَرَكِ الأَرضِ
شِباكاً تَمُدُّها الدَأماءُ
وَجِبالاً مَوائِجاً في جِبالٍ
تَتَدَجّى كَأَنَّها الظَلماءُ
وَدَوِيّاً كَما تَأَهَّبَتِ الخَيلُ
وَهاجَت حُماتَها الهَيجاءُ
مصطفى صادق الرافعي
يُعَد مصطفى صادق الرافعي من الكتاب البارزين في النثر. وُلِد في عام 1880م في الجمهورية العربية المصرية، ويعود أصله إلى طرابلس في لبنان. اشتهر الرافعي بكتاباته النثرية رغم محاولاته في الشعر. ترك العديد من المؤلفات الرائعة، من بينها “وحي القلم” و”تحت راية القرآن” و”حديث القمر” و”أوراق الورد”.
تمتاز لغته بالثراء والتعقيد، مما يتطلب جهدًا لفهمه، كما قام بالدفاع عن الإسلام وتوضيحه في كتاباته. ومن بين ما ذكره:
“ما أشد حاجتنا نحن -المسلمين- إلى أن نفهم أعيادنا فهمًا جديدًا. نتلقاها به ونأخذها من ناحيته، فتجيء أيامًا سعيدة عاملة، تنبه فينا أوصافها القوية، وتجدد نفوسنا بمعانيها، لا كما تجيء الآن كالحة عاطلة ممسوحة من المعنى، حيث أكبر عملها تجديد الثياب، وتحديد الفراغ، وزيادة ابتسامة على النفاق. فالعيد إنما هو المعنى الذي يكون في اليوم لا اليوم نفسه؛ وكما يفهم الناس هذا المعنى يتلقون هذا اليوم؛ وكان العيد في الإسلام هو عيد الفكرة العابدة، فأصبح عيد الفكرة العابثة.”