يُعرف جامع الزيتونة أيضًا باسم الجامع الأعظم، وقد تم تسميته بهذا الاسم تيمنا بوجود شجرة زيتون في الموقع الذي بُني فيه هذا المسجد التاريخي الواقع في العاصمة التونسية.
يُعتبر هذا الجامع من أبرز المعالم التاريخية في تونس، حيث يعد الجامع الرئيسي في البلاد. تبلغ مساحته حوالي 5000 متر مربع، ويُقام فيه هيئة تُعرف بمشيخة الجامع الأعظم، وهو مصنف في المرتبة الثانية من حيث تصاميمه المعمارية.
جامع الزيتونة
تأسيس جامع الزيتونة
تأسس جامع الزيتونة في عام 698 ميلادي بتكليف من حسان بن النعمان، وذلك بالتزامن مع الفتح الإسلامي في تونس. وقد تم توسيع المسجد بعد ست سنوات من إنشائه.
في عام 732، استكمل عبدالله بن الحبحاب، في العهد الأموي، البناء الذي بدأه أسلافه. هناك بعض الأقاويل التي تشير إلى أن المسجد بُني على أنقاض كاتدرائية أنشأها الإمبراطور هادريان في عام 138. ورغم ذلك، تم إعادة بناء الجامع بالكامل في عام 864 بناءً على أمر من الخليفة العباسي في تلك الفترة.
وصف جامع الزيتونة
يمثل جامع الزيتونة محورًا للحضارة والعلم، وهو من أبرز دور العبادة في تونس، حيث يستقطب طلاب العلم من شتى الأصقاع. وفيما يلي وصف شامل لمميزات الجامع:
- يُحتفل في جامع الزيتونة بمجموعة من المناسبات الدينية الهامة، مثل ليلة القدر والمولد النبوي.
- لا يقتصر دور جامع الزيتونة على الجانب الديني، بل يلعب أيضًا دورًا علميًا وحضاريًا بارزًا في العالم الإسلامي.
- يتكون المسجد من 9 أبواب رئيسية وقاعة داخلية تضم 184 عمودًا.
- تشير العديد من المصادر إلى أن البناء الأول للجامع شُيد حول شجرة زيتون، مما ألهب خيال الناس حول سبب تسميته.
- تُعتبر فترة الأغالبة من أكثر الفترات تأثيرًا على الجامع، حيث بُنيت بها ساحة الصلاة بشكل مربع غير منتظم واحتوت على سبع بلاطات تحمل عددًا كبيرًا من الأعمدة.
- تتميز الأعمدة بسقوفها المنبسطة، حيث بُنيت بشكل أساسي من الحجارة مع استخدام الطوب في بعض المناطق.
- تُزخرف قبة المحراب بنقوش وزخارف هندسية تعكس الطابع الإسلامي الفريد الذي أُستُخدم في العمارة خلال القرون الوسطى.
- تتنافس الآراء حول سبب التسمية، حيث يشير البعض إلى الشجرة الموجودة عند البناء، بينما يُرجح آخرون أنها نسبة للقديسة أوليفيا باليرمو، المعروفة أيضًا بقديسة الزيتون.
الهندسة والزخرفة في جامع الزيتونة
يعد جامع الزيتونة من أرقى المباني المعمارية في عصره، حيث يتشابه في تصميمه إلى حد كبير مع جامع عقبة بن نافع وجامع قرطبة.
يتضمن الجامع ثلاثة أروقة تستند إلى أعمدة مصنوعة من الرخام الأبيض المستورد من إيطاليا في منتصف القرن التاسع عشر. يشمل الجامع أيضًا مزولة شمسية تُستخدم لتحديد مواقيت الصلاة.
الدراسة في جامع الزيتونة
شكل التعليم في جامع الزيتونة النظام التعليمي الإسلامي التقليدي في تونس. كان يحتوي على 25 فرعًا قبل أن تُلغى عام 1954 من قبل الحكومة التونسية.
استمرت هذه المؤسسة لمدة تقارب 13 قرنًا، وقد لعبت دورًا محوريًا في نشر الثقافة العربية الإسلامية. يعتبر جامع الزيتونة بمثابة أول جامعة في العالم الإسلامي.
بالإضافة إلى المسجد، كان هناك مدرسة للفقه تخرج منها عدد من الفقهاء المشهورين في ذلك الوقت، مثل علي بن زياد وأسد بن الفرات. ومن خلال تاريخها، خرج عدد من العلماء الذين كان لهم تأثير كبير في إصلاح الأمة الإسلامية وتعزيز مكانتها.
عودة جامع الزيتونة
استُعيد افتتاح جامع الزيتونة ليعود كأحد أبرز منارات العلم في شمال إفريقيا بعد فترة من الإغلاق استهدفت محاربة التشدد الديني:
- بعد ثورة 14 يناير، ظهرت العديد من الجماعات السلفية المتشددة التي كانت تدعو لإقامة دولة إسلامية، وطالت هجماتها دور السينما والأنشطة الثقافية الأخرى.
- أثارت هذه الانتهاكات مواجهة بين بعض الجماعات السلفية وقوات الأمن، حيث سقطت عدد من الضحايا.
- في خضم هذه الأحداث، قام عدد كبير من الأهالي بفتح أبواب الهيئة التعليمية في الجامع، بعد فترات من الإغلاق.
- جاء ذلك في أعقاب حكم قضائي ألغى إغلاق مؤسسة التعليم، والتي كانت شهدت تحضير الدروس منذ 1300 عام.
- حيث لا يتميز الجامع بمظهره المعماري الراقي فحسب، بل أيضًا بدوره الرائد في نشر العلم والثقافة.
- منذ نشأته، ظل جامع الزيتونة مركزًا تعليميًا هامًا في نشر الثقافة الإسلامية في منطقة المغرب العربي.
- كان هناك العديد من الشخصيات البارزة مثل الطاهر بن عاشور وعبد الرحمن بن خلدون الذين ساهموا في نشر قيم التسامح والتنمية.
أنشطة عند زيارة جامع الزيتونة
عند زيارة جامع الزيتونة، يمكنك الاستمتاع بمختلف الأنشطة، ومن بينها:
- تجربة الأجواء الروحية داخل المسجد، وأداء الصلاة فيه، حيث يُعتبر من أفضل دور العبادة.
- المشاركة في الاحتفالات الدينية التي تُقام داخل الجامع، مثل حلقات الذكر والعبادة، واحتفالات بدء شهر رمضان وليلة القدر والمولد النبوي.
- زيارة مكتبة جامع الزيتونة التي صممها السلطان مراد الثاني، حيث يمكنك الاطلاع على كتب غنية بتاريخ الدول الإسلامية.