السعي نحو توحيد العالم الإسلامي
عمل السلطان سليم الأول بجد لتوحيد المناطق الإسلامية، مع سعيه لخلق جبهة واحدة لمواجهة التحالف الصليبي، لا سيما بعد سقوط الأندلس. كما تزايدت رغبته في توحيد المسلمين بعد احتلال القوات البرتغالية لبعض المواقع في جنوب العالم الإسلامي، ومحاولتهم الوصول إلى المدينة المنورة، والتي شملت نبش قبر الرسول محمد صلّى الله عليه وسلّم، فضلاً عن المضايقات المرتبطة بالقدس الشريف. كما واجه السلطان تحديات من الصفويين الشيعة الذين ضغطوا على العثمانيين في الشرق، مما أجبر السكان السنة على الاعتناق بالمذهب الشيعي، فضلًا عن زحفهم نحو العالم الإسلامي وعقد تحالفات مع البرتغاليين ضد المسلمين السنة والدولة العثمانية.
القضاء على الصفويين
اتخذ السلطان سليم الأول سلسلة من الخطوات لمنع الصفويين من استغلال المعادن مثل النحاس والحديد، الضرورية لصناعة الأسلحة. قام بفرض حصار على تجارة الحرير التي تمر من حلب والإسكندرونة، وصادر البضائع الصفوية من التجار، مما جعل حركة تجارتهم تنتقل إلى جنوب العراق. وبفضل ذلك، نجح السلطان في ردع محاولات الصفويين للسيطرة على العراق، وتمكن من تحقيق انتصار كبير عليهم في معركة تشالديران عام 1514م. مما أتاح لجيش سليم الأول دخول تبريز، العاصمة الصفوية، ومهد الطريق لضم العراق تحت السيادة العثمانية.
القضاء على المماليك
يعتبر القضاء على دولة المماليك في مصر من أبرز إنجازات السلطان سليم الأول. عقب انتهاء الصراع مع الصفويين، أعد السلطان العدة للهجوم على المماليك بسبب الخلافات التي نشبت حول إمارة ذي القادر الواقعة على الحدود بين القوتين. لجذب هؤلاء المماليك إلى جانبه، قام سليم الأول باستمالة ولاة الشام للقتال إلى جانبه في مواجهة المماليك.
التقى الجيشان في معركة مرج دابق عام 922هـ، حيث اندلع قتال عنيف بين الطرفين. انضم ولاة الشام إلى صفوف العثمانيين، مما أدى إلى إضعاف المماليك وهزيمتهم. ومن نتائج هذه المعركة، انتقلت ملكية الشام إلى السلطان سليم الأول، مما يعني أن نصف أراضي المماليك أصبحت تحت السيطرة العثمانية، بالإضافة إلى ضم الأناضول أيضاً تحت السيادة العثمانية.
إنجازات أخرى للسلطان سليم الأول
حقق سليم الأول العديد من الإنجازات المهمة للدولة العثمانية، ومن أبرزها:
- أطلق لقب الخليفة لأول مرة على أحد أبناء بني عثمان، حيث يُعد هو أول من حصل على هذا اللقب بعد القضاء على المماليك وتنازل الخليفة العباسي المتوكل على الله له، وذلك في عام 1517م.
- نجح في تعزيز ظهور سيادة الدولة العثمانية، حيث شهد عهده توسع النفوذ العثماني في شمال القارة الأفريقية، وخاصةً في الجزائر، إذ قدم السلطان سليم الأول دعماً لأهالي الجزائر ضد الاستعمار الإسباني.
يمكن القول إن إنجازات سليم الأول كانت بارزة على الصعيدين الإسلامي والحضاري، حيث منح الدولة العثمانية الزعامة على جميع دول العالم الإسلامي.