دولة الأغالبة
تُعتبر دولة الأغالبة واحدة من الكيانات السياسية التي ظهرت في القرن التاسع الميلادي، حيث امتد حكمها من عام 800م إلى 909م. وقد تركزت سلطتها في شمال غرب أفريقيا، وشملت أراضيها شرق الجزائر وغرب ليبيا وتونس، بالإضافة إلى أجزاء من صقلية وسردينيا ومالطة وقرشقة وجنوب إيطاليا. وكان إبراهيم بن الأغلب هو أول من استقل بالإمارة عن الدولة العباسية، بعد أن كان واليًا عليها من قبل الخليفة هارون الرشيد.
أسباب انهيار دولة الأغالبة
انتهت دولة الأغالبة بعد حوالي 109 سنوات من تأسيسها، وكان سبب انهيارها هو مجموعة من العوامل المتعددة، ونعرض فيما يلي أبرز هذه الأسباب:
فقدان السيطرة على أراضٍ واسعة
بدأت علامات الانهيار تظهر خلال حكم الأمير إبراهيم بن الأحمد الذي تولى الحكم من 875م حتى 902م. في هذا العهد، فقد الأغالبة العديد من الأراضي لصالح البيزنطيين، كما فقدوا مناطق أخرى لصالح الطولونيين مثل ليبيا. ومع تزايد تمرد القبائل ضد الحكم الأغلبي، انتهى عهد الأغالبة في حوالي عام 909م.
الثورات الدينية والعشائرية
واجهت دولة الأغالبة تحديات كبيرة نتيجة لاندلاع ثورات متعددة، بعضها كانت ذات طابع ديني والآخر ذو طابع عصبي، مثل ثورات البربر. تسببت هذه الثورات في خسائر فادحة سواء في الأرواح أو الممتلكات، مما اضطر الأغالبة لتكريس جهودهم لمواجهة هذه الفوضى بدلاً من الدفاع عن مملكتهم ضد الأعداء الخارجيين.
تعدد الأعداء المحيطين بالدولة
كانت دولة الأغالبة محاطة بالعديد من الدول والقوى الكبرى التي كانت تتربص بها، ومن أبرزها البيزنطيون والطولونيون والفاطميون، بالإضافة إلى الأدارسة والحسينيين الذين كانوا أقاربهم من جهة الغرب. وقد شكلت دولة الأغالبة حركة انفصالية بين تلك القوى، على عكس الفاطميين الذين نجحوا في إقامة إيديولوجية وحضارة قوية.
ضعف وزراء الأغالبة وفسادهم
تولى الحكم بعد إبراهيم ابنه عبد الله أبو العباس، الذي اعتُبر امتدادًا لسياسة والده على الرغم من مواجهته للفاطميين من الشرق. ومع ذلك، فقد تدهورت أوضاعه بعد فترة قصيرة، حيث أُجبر على تقشف مادي وسجن ابنه زيادة الله، عقب اكتشاف نواياه للتمرد عليه. واغتيل في وقت لاحق في منزله خلال نفس العام، ليتولى ابنه الحبس الحكم من بعده.
سعى زيادة الله لنيل البيعة من أقاربه، إلا أن الطريقة التي استلم بها الحكم أدت إلى إراقة الكثير من الدماء خلال فترته، حيث خان إخوته وأعمامه وقتل العديد من القادة والمجتهدين، مما جعل العديد من الناس والعلماء في الدولة يغضبون منه.
تنامي القوة الفاطمية
شهد عهد زيادة الله ظهور الفاطميين كقوة إقليمية يمكن أن تُحسب حساباتها، حيث حقق أبو عبد الله الشيعي انتصارات متتالية، ولم يتمكن الأغالبة من مواجهته بنجاح، فاستولى على مدينة سطيف في عام 905م، ثم تبعها بمناطق أخرى، مما أدى إلى تدهور الأوضاع شيئًا فشيئًا. وانغمس زيادة الله في الملذات، مما دفعه إلى الهروب إلى فلسطين حيث وافته المنية هناك.
بعد وفاته، تولى الحكم ابن عمه إبراهيم بن الأغلب، ولكن لم يلبث أن عاش الثوار في مدينته مأساة جديدة، حيث أرادوا السلام والاستقرار. وصار اجتياح الصقليين للولاء للأغالبة، مما مهد الطريق للفاطميين للسيطرة على معظم الأراضي المتبقية، وبالتالي سقطت دولة الأغالبة.