قصيدة حقائب الدموع والبكاء
عندما يحل الشتاء
وتحرك رياحه الستائر أمامي
أشعر، صديقتي
بضرورة البكاء
على ذراعيك
وعلى دفاتري
حينما يأتي الشتاء
وتتقطع نغمة العنادل
وتصبح
كل الطيور بلا أوطان
يبدأ الألم في قلبي وفي أناملي
كما لو كانت الأمطار في السماء
تهطل يا صديقتي داخل روحي
عندئذ .. تغمرني
شوق طفولي للبكاء
على شعرك الطويل كالسنبلة
كقاربي المتعب
كطائر مهاجر
يبحث عن نافذة مُضاءة
يبحث عن مأوى له
في ظلام الجدائل
عندما يحل الشتاء
ويغتال ما في الأرض من خيرات
ويخبئ النجوم في ثوبه الكئيب
يأتي بالحزن من مغارة الليل
كطفل شاحب وغريب
مبلل الخدين والثوب
وأفتح الباب لهذا الزائر العزيز
أمنحه السرير والبطانية
أمنحه كل ما يرغب فيه
من أين جاء الحزن يا صديقتي
وكيف جاء
محملاً في يده
زنابق رائعة الشحوب
محملاً لي ..
حقائب الدموع والبكاء ..
قصيدة شؤون صغيرة
تمر أمامك .. دون التفات
تساوي بالنسبة لي حياتي
كل حياتي
حوادث قد لا تثير انتباهك
أبني من خلالها قصوراً
وأعيش بشأنها شهوراً
وأحوك العديد من الحكايات
وأؤلف سماء
وجزيرة جديدة
شؤون
شؤونك الصغيرة تلك
فحين تدخن أجثو أمامك
كقطتك الوديعة
وأكون بأمان
ألاحق بسعادة معجبة
خيوط الدخان
توزع في زوايا المكان
دوائر .. دوائر
وترحل في آخر الليل عني
كنجم، كطيور مهاجرة
وتهجرني يا صديق حياتي
لرائحة التبغ والذكريات
وأبقى أنا
في برد انفرادي
وزادي .. كل زادي
سجائر محترقة
وصحن يحتوي رماداً
يجمع رمادي
وحين أكون مريضاً
وتحضر أزهارك الثمينة
صديقي .. إلي
وتجعل بين يديك يدي
يعود لي اللون والعافية
وتلتصق الشمس في وجنتي
وأبكي .. أبكي .. بلا إرادة
وأنت ترد لي غطائي
وتضع رأسي فوق الوسادة
تمنيت لو أنني
أظل مرهقة
لتسأل عني
لتحضر لي كل يوم
وروداً جميلة
وإذا رن الهاتف في منزلنا
إليه أطير
أنا .. يا صديقي العزيز
بفرحة طفل صغير
بشوق سنونوة شاردة
وأحتضن الآلة الجامدة
وأعصر أسلاكها الباردة
وأنتظر الصوت
صوتك يتدفق علي
دافئاً .. مليئاً .. قوياً
كصوت نبي
كصوت اصطدام النجوم
كصوت سقوط المجوهرات
وأبكي .. أبكي
لأنك فكرت في
لأنك من شرفات الغيوم
ناديت إلي
ويوم أجيء إليك
لكي أستعير كتاباً
لأدعي أنني أتيت لكي أستعير كتاباً
تمد أصابعك المرهقة
إلى المكتبة
وأبقى أنا .. في ضباب الضباب
كأني سؤال بلا جواب
أحدق فيك وفي المكتبة
كما تفعل القطة الودودة
هل اكتشفت
هل عرفت
بأني لم أأتِ من أجل الكتاب
وأنني لست سوى داهية
.. وأمضي سريعاً إلى غرفتي
أضم الكتاب إلى صدري
كأني حملت الوجود معي
وأشعل ضوئي .. وأسدل حولي الستائر
وأنبش بين السطور .. وخلف السطور
وأعدو وراء الفواصل .. أعدو
وراء نقاط تدور
ورأسي يدور
كأني طائر جائع
يبحث عن فتات البذور
لعلك .. يا صديقي العزيز
تركت في إحدى الزوايا
عبارة حب قصيرة
حديقة شوق ضيقة
لعلك بين الصحف خبأت شيئاً
سلاماً صغيراً .. يعيد السلام إلي
وحين نكون معاً في الطريق
وتأخذ دون قصد ذراعي
أشعر أنا يا صديق
بشيء عميق
بشيء يشبه طعم الاحتراق
على مرفقي
وأرفع كفي نحو السماء
لتجعل دربي بلا نهاية
وأبكي .. وأبكي بلا انقطاع
لكي يستمر ضياعي
وحين أعود مساءً إلى غرفتي
وأنزع عن كتفي الرداء
أشعر وأنت لست في غرفتي
أن يديك
تلفان في رحمة مرفقي
وأبقى لأعبث، يا مرهقي
في مكان أصابعك الدافئة
على فستاني الأزرق
وأبكي .. وأبكي .. بلا انقطاع
كأن ذراعي ليست ذراعي
قصيدة مع جريدة
أخرج من معطفه الجريدة
وعلبة الثقاب
ودون أن يلاحظ اضطرابي
ودون اهتمام
تناول السكر من أمامي
ذوّب في الفنجان قطعتين
ذوّبني .. ذوّب قطعتين
وبعد لحظتين
ودون أن يراني
ويعرف الشوق الذي اجتاحني
تناول المعطف من أمامي
وغادر في حشود الناس
مخلّفاً وراءه .. الجريدة
وحيدة
مثلي أنا .. وحيدة
قصيدة يوميات رجل مهزوم
لم يحدث أبداً
أن أحببت بهذا العمق
لم يحدث .. لم يحدث أبداً
أنني سافرت مع امرأة
إلى بلاد الشوق
وضربت شواطئ نهديها
كالرعد الغاضب، أو كالبرق
فأنا في الماضي لم أعشق
بل كنت أتظاهر بدور العشق
لم يحدث أبداً
أن أوصلني حب امرأة حتى الهاوية
لم أعرف قبلك واحدة
غلبتني، أخذت أسلحتني
هزمتني .. داخل مملكتي
نزعت عن وجهي أقنعي
لم يحدث أبداً، سيدتي
أنني ذقت النعيم وذقت الألم
كوني واثقة، سيدتي
سيحبك .. آلاف غيري
وستستلمين بريد الشوق
لكن .. لن تجدي بعدي
رجلاً يهواك بهذا الصدق
لن تجدي أبداً
.. لا في الغرب
ولا في الشرق
قصيدة لا تحبيني
هذا الهوى
لم يعد يُغريني
فلترتاحي.. ولترتاحيني
إن كان حبكِ في تقلباته
ما رأيتُه
فلا تحبيني
حبي
هو الدنيا بأجمعها
أما هواكِ فلا يهمني
أحزاني الصغيرة تعانقني
وتزورني
إن لم تزوريني
ما يشغلني
ما تشعرين به
إن اعتقادي عنكِ يكفيني
فالحب وهم في خواطرنا
كالعطر في بين البساتين
عيناكِ
من حزني خلقتهما
ما أنتِ
ما عيناكِ من دوني
فمكِ الصغير
أدرتُه بيدي
وزرعتُه بأزهار الليمون
حتى جمالكِ
لا يُذهلني
إن غاب من حين إلى آخر
فالشوق يفتح ألف نافذة
خضراء عن عينيكِ تغنيني
لا فرق عندي، يا معذبتي
أحببتِني أم لم تحبيني
أنتِ استريحي .. من هوايَ أنا
لكن سألتكِ
لا تريحيني