موقع سد ذي القرنين
تتباين الآراء حول الموقع الدقيق لسد ذي القرنين، حيث لا يوجد إجماع على تحديده. وذكر العديد من المفسرين مثل القرطبي والطبري عن ابن عباس أنه قال: “سد ذو القرنين يقع في بلاد الترك قريباً من أرمينيا وأذربيجان”. بالإضافة إلى ذلك، يشير البعض إلى أن موقعه خلف الصين، بينما يعتقد آخرون أنه في جورجيا، في مناطق جبال القوقاز القريبة من أذربيجان وأرمينيا. وقد أفاد الألوسي بأنه من الممكن أن يكون مكان السد غارقاً تحت المياه، مما حال دون الوصول إليه. وهذا الرأي منطقي، إذ سبق أن غمرت العديد من القرى بالفيضانات، وبعضها تم اكتشافه، بينما لا يزال آخرون مخفيين، مثل موقع إرم ذات العماد. لذلك، يمكن القول بأن سد يأجوج ومأجوج موجود حتى الآن، وسيستمر وجوده حتى يتحقق وعد الله، ويُدك سد ذي القرنين، مما يسمح بخروج يأجوج ومأجوج بعد ظهور الدجال، ونزول النبي عيسى عليه السلام.
قصة ذو القرنين
توجد قصة ذو القرنين في القرآن الكريم، وبالتحديد في سورة الكهف. ويُشار إلى أن يأجوج ومأجوج هما أمتان من بني آدم، وهاتان الأمتان لا تزالان موجودتين حتى يومنا هذا داخل سد ذي القرنين، حيث تسعى هذه الأمة باستمرار للخروج من السد. والدلالة على ذلك تأتي من السنة النبوية، حيث يُروى أن: “إنَّ يأجوجَ ومأجوجَ يحفُرونَ كلَّ يومٍ، حتَّى إذا كادوا يرَوْنَ شعاعَ الشمسِ، قالَ الَّذي عليهم ارجِعوا، فسنحفرُهُ غدًا”. وفي حال بلغوا المدة المقررة، ويُريد الله أن يبعثهم، سيستمرون في حفر السد حتى يتمكنوا من رؤيته، وعندما يعودون إليه، سينجحون في الخروج على الناس، حيث سيعكرون صفو المياه، وسيختبئ الناس في حصونهم، بينما سيطلقون السهام إلى السماء، لتعود إليها رائحة الدم، متوهمين أنهم تغلبوا على أهل الأرض وأظهروا تسلطهم على أهل السماء. وفي النهاية، سيُرسل الله “نَغَفًا” (نوع من الديدان) لقتالهم، لتكون عاقبتهم الهزيمة كما أخبر النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
المواد المستخدمة في بناء السد
تميز ذو القرنين في بناء السد بطريقة هندسية مبتكرة، حيث أُقيم كهيكل ضخم يصعب تسلقه واختراقه. ويعزى نجاح هذا البناء إلى ذكاء ذو القرنين الذي أدرك خطر يأجوج ومأجوج، وحرص على اختيار مواد البناء المناسبة. فلم يقوم ببناء السد من الحجارة أو الطين القابلة للتآكل، بل أمر بإحضار قطع الحديد ولوازم البناء، وعمل على تسوية جانبي الجبلين في الارتفاع. وبعد ذلك، وجه العمال إلى إشعال النار في قطع الحديد، وعندما اشتعلت النيران، طلب منهم إحضار النحاس المُذاب لملء الفجوات بين قطع الحديد. وبهذا، استطاع أن يجعل السد محكم الإغلاق وقوياً للغاية.