مراحل تكوين الإنسان
تمر عملية تكوين الإنسان في بطن الأم بعدة مراحل محددة، وقد تم ذكر هذه المراحل في القرآن الكريم قبل آلاف السنين، وتم التحقق منها علمياً في العصر الحديث. تلخص هذه المراحل فيما يلي:
خلق الإنسان من التراب
إن بداية خلق الإنسان ترجع إلى التراب والماء، فقد خلق الله -تعالى- سيدنا آدم من طين، وهو مزيج من التراب والماء. قال -تعالى-: (الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ). ثم قام بتشكيل الإنسان في صورة بشرية وجعل الملائكة تسجد له؛ أي لسيدنا آدم، الذي كان أول مخلوق. قال -تعالى-: (وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ).
مرحلة النطفة
تُعرَّف النطفة بأنها مزيج من السائل المنوي للرجل والبويضة للمرأة. ويتضمن مصطلح النطفة عدة معاني، حيث تشير إلى نطفة الرجل؛ وهي الحيوان المنوي، ونطفة المرأة؛ وهي البويضة. أما النطفة الأمشاج، فهي مزيج بين نطفة الرجل والمرأة، وتعتبر النطفة الأمشاج بداية مراحل تكوين الإنسان عندما يحدث تخصيب البويضة بواسطة الحيوان المنوي.
قال الله -عزّ وجلّ-: (إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْناهُ سَمِيعاً بَصِيراً). وفي هذه المرحلة، تبدأ النطفة المُلقحة بالانقسام وزيادة عدد خلاياها، مما يجعلها تأخذ شكل كرة لا يتجاوز قطرها ربع مليمتر، وتستغرق هذه العملية حوالي أسبوع كامل، بعدها تلتصق بجدار الرحم لتتحول إلى مرحلة العلقة.
مرحلة العلقة
تنتقل النطفة إلى مرحلة العلقة بعد انضمامها لجدار الرحم. قال -تعالى-: (ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً). العلقة تعني الدم السميك الذي يلتصق بعضه ببعض، وتستمر هذه المرحلة من بداية الأسبوع الثاني وحتى نهاية الأسبوع الثالث، حيث تنمو العلقة وتتحول إلى مضغة.
مرحلة المضغة
تُعرَّف المضغة بأنها قطعة من اللحم تعادل ما يمكن مضغه. وبعد فترة، تصبح المضغة مُخلّقة وغير مُخلّقة؛ فالمضغة المُخلّقة تتطور وتتكون لتصبح أحد أعضاء الإنسان، بينما المضغة غير المُخلّقة لا تتشكل بل تعوض الجسم عن الأنسجة التالفة. قال -تعالى-: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ).
مرحلة تكوين العظام واللحم
في هذه المرحلة، تبدأ المضغة بالتشكل إلى هيكل عظمي ينمو داخلها، ويكتمل بتكسية اللحم. مع مرور الوقت، يتكون الهيكل الغضروفي للإنسان، وتبدأ العضلات في الظهور. قال -تعالى-: (فخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظاماً فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً).
مرحلة نفخ الروح
عندما تصل الجنين إلى هذه المرحلة، يُنفخ فيه الروح، مما يتيح له الإحساس والتفاعل. تبدأ حياة الجنين بالاعتبار من لحظة نفخ الروح، قال -تعالى-: (ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ)؛ أي بعد نفخ الروح، ويترتب على ذلك العديد من الأبعاد الشرعية مثل حقوق الإرث وصحة الوصية. وقد أجمع الفقهاء على اعتبار هذا الوقت حاسماً.
وقد أشار عدد من العلماء إلى أن هذه المرحلة تحدث بعد أربعين يوماً، استناداً إلى حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أنَّ خَلْقَ أحَدِكُمْ يُجْمَعُ في بَطْنِ أُمِّهِ أرْبَعِينَ يَوْمًا أوْ أرْبَعِينَ لَيْلَةً، ثُمَّ يَكونُ عَلَقَةً مِثْلَهُ، ثُمَّ يُبْعَثُ إلَيْهِ المَلَكُ فيُؤْذَنُ بأَرْبَعِ كَلِماتٍ، فَيَكْتُبُ: رِزْقَهُ، وأَجَلَهُ، وعَمَلَهُ، وشَقِيٌّ أمْ سَعِيدٌ، ثُمَّ يَنْفُخُ فيه الرُّوحَ).