أبرز قصائد عبد الرحمن الأبنودي
فيما يلي أبرز قصائد الشاعر المصري عبد الرحمن الأبنودي:
قصيدة “خايف أموت من غير ما أشوف تغيير الوشوش”
يقول عبد الرحمن الأبنودي:
خايف أموت.. (خايف أموت) خرج الشتاء وحلّت أرواح الصيف، والسجن الآن لا يعود بالراحة.
ما أنتِ غريبة يا بلدي، ولستُ ضيفًا، لو كنتِ تفهمين الأصول؛
لتجنبي توقف سير الشموس وتعطيل الفصول.
لتنظفي النيل من الضفاف السود، وتوزعي العنقود، وتلقي بالرغيف.
ما عدتِ تشعرين بالراحة وأنتِ في ناب الغول،
تتنفسين الذلة وتجرين الخمول،
وتتوقفين تحت الأثقال، وتزيفين في القول،
وكأي صورة، ما عادت تجسدين الجمال.
ادفعي، يا دواسما، عن نفسك من البأس،
الظهر مليء بالناس، الذين أحببتهم دون أن يبادلوني الشعور.
وأنا أعلم أنني لا أملكهم،
لأنني لم أوقعهم في الكراسات.
الناس الذين تعمم عليهم الباطل،
الذين تخرج منهم الأكاذيب وتفيض الحقيقة،
الذين يضحكون كلما تم الدوس عليهم.
الجامعة ترفع رايتها،
إدارة جبارة صادقة في نواياها،
تتجه نحو الوطن والموت.
و”شبرا” زاحفة، مؤكدة التهديد،
وتجمع التبديد، وصلت ميدان الفجر، في المواعيد… النهر… والضفة.
انبت هلال العيد، ومايلت الكفة،
وصحوت الرجفة، مصر التي لا لحظة ولا صدفة.
ثورة في ضمير النور.. تتكون.
رايات بدم البسطاء… تتلون…
سدوا الطريق، كيف تموت المؤامرة؟
“فلتسقط الخيانة والقيادات الجبانة.”
نداغة الإهانة، كريهة الرائحة، كريهة الصوت.
“الغضب… يستمر إنشاد البيان،
والوجوه الصامدة في وجه الزمان.
والرحابة.. في الصدور.. وفي اليم،
غابت الأسر الصغيرة في الوطن.
استوى عالأرض وعي.
صحيت الأمة في هدير السعي.
الوطن.. مفهوم وجميل،
يحتضن… “التفت صاحبي قائلاً:
“ما زلت نائماً؟
إنها ليست مظاهرات، فهي أمور يفهمها شعبُك.
أغلق العقل القديم، وافهم بقلبك.
رقصة الزار القديمة،
الفرعونية على الخصيبة السندسية،
عندما يجتاحها الألم،
عندما تغمرها الإهانة،
والقدم.. تسحق الإنسان،
وتدوس القيم.”
ابتسمت.. رقصة الزار القديمة،
الحميمية، العظيمة…
حتى ظننا أنها ثورة.
فرق بين رقصة وثورة.
لا تأتي فوق حصان،
ولا في لحظة زمان.
لن تهب نابتة في الغيطان،
ولا رقصة برجل حافية في مهرجان.
ذلك الاحتياج يأتي هادئًا، وصوتها دامي،
تعزل الكذاب، وتقبض على الحرامي.
تعرف الناس… ليس بالأسماء،
تعرف الناس… بالوجوه.
تأتي، فاتحة القبر،
نداغة الصبر: قابضة الجمر.
تنصب محاكم الشعوب في كل قصر،
تغير العصر إلى آخر الصفحات في سفر الثورة.
ابتسم صاحبي وقال: “احذر من الارتفاع،
ابتعد عن الاندفاع،
انظر حالي وحكومتك وساعة.”
ابتسمت،
جفت الرقصة الحبيسة،
عادت الأمة التعيسة،
اختفى كل شيء،
اختفى البشر،
واختفى المكان،
تحت سنوات الهوان.
قصيدة “الأحزان العادية”
يقول عبد الرحمن الأبنودي:
وفجأة هبطت إلى الميدان
من كل زوايا المدن الصامتة،
جموع من الشباب
زاحفين يسألون عن موت الفجر،
انتظري الفجر وراء الفجر،
فإن القتل يكفي، وتخف القبضة،
لهذا خرجوا يطالبون
بالقبض على القبضة
وتقديم الكفالة.
معدل الميدان وعدلك
وكأنه قد مسّ النحاس المصهور.
لدي فكرة عن المدينة
التي يكرهها النور،
والقبر الذي لا ينام سعيدًا،
وعندي فكرة عن العار
وميلاد النار،
والسجن في قلبي ليس له سور.
قلت له لا يا بيه،
أعتذر.
من قصيدة “قمر يافا”
يقول عبد الرحمن الأبنودي:
لا زلت لا تشبع من الطواف،
يا من تطوف منذ سنين،
لا زلت لم تكره الليالي؟
لا زلت لا تشبع من المشاهدة؟
يا قمر.. حالك كحالتي..
ضيعونا.. بالمعاهدات.
من قصيدة “يامنة”
يقول عبد الرحمن الأبنودي:
والله لقد شبت يا عبد الرحمن،
عجزت يا ولدي؟
مسرعٌ؟ متى وكيف؟
من يعجز في بلاده
غير من يعجز ضيفًا؟
هل هلكت النسوان؟
رأيتك مرة في التلفزيون
ومرة أخرى… وأروني صورتك في الجريدة.
نقلوا: “كبر عبد الرحمن!”
أمال أنا كده مت بقى لي ميت حول!
والله خايفة يا ولدي،
أن تطول القعدة،
مات الشيخ محمود،
وماتت فاطنة ابْ قنديل،
واتباع كرم ابْ غبّان،
وأنا لا زلت حية.