تعتبر الحكمة من الفضائل الأساسية التي يسعى العديد من الأفراد لاكتسابها. وتتمتع الحكمة بعدد من الفوائد، أبرزها الابتعاد عن الغواية واتباع سلوك الخير والحق والعدل.
تسهم الحكمة في تقويم سلوك الفرد وإبعاده عن الأفعال السيئة واللا أخلاقية، مما يمنحه تميزا وصلاحا. غالباً ما يشعر الشخص الحكيم بالرضا التام عن حياته وما يدور فيها. العديد من الشعراء قاموا بكتابة أبيات شعرية تعبر عن أهمية الحكمة وفضائلها.
أبيات شعرية تتناول الحكمة
أورد الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه أبياتاً تمجد الحكمة، من أبرزها:
غالَبتُ كُلَّ شَديدَةٍ فَغَلَبتُها
وَالفَقرُ غالَبَني فَأَصبَحَ غالِبي
إِن أُبدِهِ يَصفَح وَإِن لَم أُبدِهِ
يَقتُل فَقُبِّحَ وَجهُهُ مِن صاحِبِ
إِصبِر قَليلاً فَبَعدَ العُسرِ تَيسيرُ
وَكُلُّ أَمرٍ لَهُ وَقتٌ وَتَدبيرُ
وَلِلمُهَيمِنِ في حالاتِنا نَظَرٌ
وَفَوقَ تَقديرِنا لِلّهِ تَقديرُ
فَاِقنَع فَفي بَعضِ القَناعَةِ راحَةٌ
وَاليَأسُ مِمّا فاتَ فَهوَ المَطلَبُ
أبيات الحكمة من المتنبي
كتب الشاعر المتنبي، الذي يُعتبر من أبرز شعراء العصر العباسي، أبياتاً تدعو إلى الحكمة في قصيدته المعنونة “لهوى النفوس سريرة لا تعلم” والتي تتضمن ما يلي:
ذو العَقلِ يَشقى في النَعيمِ بِعَقلِهِ
وَأَخو الجَهالَةِ في الشَقاوَةِ يَنعَمُ
وَالناسُ قَد نَبَذوا الحِفاظَ فَمُطلَقٌ
يَنسى الَّذي يولى وَعافٍ يَندَمُ
لا يَخدَعَنَّكَ مِن عَدُوٍّ دَمعُهُ
وَاِرحَم شَبابَكَ مِن عَدُوٍّ تَرحَمُ
لا يَسلَمُ الشَرَفُ الرَفيعُ مِنَ الأَذى
حَتّى يُراقَ عَلى جَوانِبِهِ الدَمُ
يُؤذي القَليلُ مِنَ اللِئامِ بِطَبعِهِ
مَن لا يَقِلُّ كَما يَقِلُّ وَيَلؤُمُ
الظُلمُ مِن شِيَمِ النُفوسِ فَإِن تَجِد
ذا عِفَّةٍ فَلِعِلَّةٍ لا يَظلِمُ
يَحمي اِبنَ كَيغَلَغَ الطَريقَ وَعِرسُهُ
ما بَينَ رِجلَيها الطَريقُ الأَعظَمُ
أَقِمِ المَسالِحَ فَوقَ شُفرِ سُكَينَةٍ
إِنَّ المَنِيَّ بِحَلقَتَيها خِضرِمُ
وَاِرفُق بِنَفسِكَ إِنَّ خَلقَكَ ناقِصٌ
وَاِستُر أَباكَ فَإِنَّ أَصلَكَ مُظلِمُ
وَغِناكَ مَسأَلَةٌ وَطَيشُكَ نَفخَةٌ
وَرِضاكَ فَيشَلَةٌ وَرَبُّكَ دِرهَمُ
وَاِحذَر مُناواةَ الرِجالِ فَإنَّما
تَقوى عَلى كَمَرِ العَبيدِ وَتُقدِمُ
وَمِنَ البَليَّةِ عَذلُ مَن لا يَرعَوي
عَن غَيِّهِ وَخِطابُ مَن لا يَفهَمُ
يَمشي بِأَربَعَةٍ عَلى أَعقابِهِ
تَحتَ العُلوجِ وَمِن وَراءٍ يُلجَمُ
وَجُفونُهُ ما تَستَقِرُّ كَأَنَّها
مَطروفَةٌ أَو فُتَّ فيها حِصرِمُ
وَإِذا أَشارَ مُحَدِّثاً فَكَأَنَّهُ
قِردٌ يُقَهقِهُ أَو عَجوزٌ تَلطِمُ
يَقلي مُفارَقَةَ الأَكُفِّ قَذالُهُ
حَتّى يَكادَ عَلى يَدٍ يَتَعَمَّمُ
أبيات الحكمة من الشافعي
كتب الإمام الشافعي العديد من النصوص الأدبية في الشعر. عاش يتيماً وتوفي فقيرا. وهو أحد الأئمة الأربعة المعروفين بمذهب الشافعية. وقد تناول الحكمة بقوله:
دَعِ الأَيّامَ تَفعَلُ ما تَشاءُ
وَطِب نَفساً إِذا حَكَمَ القَضاءُ
وَلا تَجزَع لِحادِثَةِ اللَيالي
فَما لِحَوادِثِ الدُنيا بَقاءُ
وَكُن رَجُلاً عَلى الأَهوالِ جَلداً
وَشيمَتُكَ السَماحَةُ وَالوَفاءُ
وَإِن كَثُرَت عُيوبُكَ في البَرايا
وَسَرَّكَ أَن يَكونَ لَها غِطاءُ
تَسَتَّر بِالسَخاءِ فَكُلُّ عَيبٍ
يُغَطّيهِ كَما قيلَ السَخاءُ
وَلا تُرِ لِلأَعادي قَطُّ ذُلّاً
فَإِنَّ شَماتَةَ الأَعدا بَلاءُ
وَلا تَرجُ السَماحَةَ مِن بَخيلٍ
فَما في النارِ لِلظَمآنِ ماءُ
وَرِزقُكَ لَيسَ يُنقِصُهُ التَأَنّي
وَلَيسَ يَزيدُ في الرِزقِ العَناءُ
وَلا حُزنٌ يَدومُ وَلا سُرورٌ
وَلا بُؤسٌ عَلَيكَ وَلا رَخاءُ
إِذا ما كُنتَ ذا قَلبٍ قَنوعٍ
فَأَنتَ وَمالِكُ الدُنيا سَواءُ
وَمَن نَزَلَت بِساحَتِهِ المَنايا
فَلا أَرضٌ تَقيهِ وَلا سَماءُ
وَأَرضُ اللَهِ واسِعَةٌ وَلَكِن
إِذا نَزَلَ القَضا ضاقَ الفَضاءُ
دَعِ الأَيّامَ تَغدِرُ كُلَّ حِينٍ
فَما يُغني عَنِ المَوتِ الدَواءُ
أبيات الحكمة من الشعر الجاهلي
ألّف امرؤ القيس العديد من الأعمال الأدبية في الشعر. يعتبر من أبرز الشعراء في العصر الجاهلي وعُرف كمثال عظيم للشعر العربي. في قصيدته التالية، أظهر مدى تأثير الحكمة:
قِفَا نَبْكِ مِنْ ذِكْرَى حَبِيْبٍ وَمَنْزِلِ
بِسِقْطِ اللِّوَى بَيْنَ الدَّخُولِ فَحَوْمَلِ
فَتُوْضِحَ فَالمِقْرَاةِ لم يَعْفُ رَسْمُهَا
لِمَا نَسَجَتْهَا مِنْ جَنُوبٍ وَشَمْأَلِ
تَرَى بَعَرَ الأرْآمِ في عَرَصَاتِهَا
وَقِيْعَانِهَا كَأَنَّهُ حَبُّ فُلْفُلِ
كَأَنِّيْ غَدَاة َ البَيْنِ يَوْمَ تَحَمَّلُوا
لَدَى سَمُرَاتِ الحَيِّ نَاقِفُ حَنْظَلِ
وُقُوْفًا بِهَا صَحْبِيْ عَليََّ مَطِيَّهُمْ
يَقُولُونَ لا تَهْلِكْ أَسًى وَتَجَمَّلِ
وَإِنَّ شِفَائِيْ عَبْرَةٌ مَهَراقَةٌ
فهَلْ عِنْدَ رَسْمٍ دَارِسٍ مِنْ مُعَوَّلِ
كَدَأْبِكَ مِنْ أُمِّ الحُوَيْرِثِ قَبْلَهَـا
وَجَارَتِهَا أُمِّ الرَّبَابِ بِمَأْسَلِ
فَفَاضَتْ دُمُوعُ العَيْنِ مِنِّيْ صَبَابَةً
عَلَى النَّحْرِ حَتَّى بَلَّ دَمْعِيَ مِحْمَلِي
أَلا رُبَّ يَوْمٍ لَكَ مِنْهُنَّ صَالِحٍ
وَلا سِيَّمَا يَوْمٌ بِدَارَةِ جُلْجُلِ
وَيَوْمَ عَقَرْتُ لِلْعَذَارَى مَطِيَّتِيْ
فَيَا عَجَبًا مِنْ رَحْلِهَا المُتَحَمَّلِ
يَظَلُّ العَذَارَى يَرْتَمِيْنَ بِلَحْمِهَا
وَشَحْمٍ كَهُدَّابِ الدِّمَقْسِ المُفَتَّلِ
وَيَوْمَ دَخَلْتُ الخِدْرَ خِدْرَ عُنَيْزَةٍ
فَقَالَتْ لَكَ الوَيْلاتُ إِنَّكَ مُرْجِلِي
تَقُولُ وَقَدْ مَالَ الغَبِيْطُ بِنَا مَعًا
عَقَرْتَ بَعِيْرِيْ يَا امْرَأَ القَيْسِ فَانْزِلِ
فَقُلْتُ لَهَا سِيْرِيْ وَأَرْخِي زِمَامَهُ
وَلا تُبْعِدِيني مِنْ جَنَاكِ المُعَلِّلِ
فَمِثْلِكِ حُبْلَى قَدْ طَرَقْتُ ومُرْضِعًا
فَأَلْهَيْتُهَا عَنْ ذِيْ تَمَائِمَ مُغْيَلِ
إذا ما بَكَى مِنْ خَلْفِهَا انْحَرَفَتْ لَهُ
أبو تمام وأبيات الحكمة
الشاعر أبو تمام هو أحد أبرز الشعراء في العصر العباسي، وقد كتب مجموعة من القصائد التي تعكس حكمته، ومنها قصيدة “نقل فؤادك حيث شئت من الهوى” التي تتضمن:
البَينُ جَرَّعَني نَقيعَ الحَنظَلِ
وَالبَينُ أَثكَلَني وَإن لَم أُثكَلِ
ما حَسرَتي أَن كِدتُ أَقضي إِنَّما
حَسَراتُ نَفسي أَنَّني لَم أَفعَلِ
نَقِّل فُؤادَكَ حَيثُ شِئتَ مِنَ الهَوى
ما الحُبُّ إِلّا لِلحَبيبِ الأَوَّلِ
كَم مَنزِلٍ في الأَرضِ يَألَفُهُ الفَتى
وَحَنينُهُ أَبَداً لِأَوَّلِ مَنزِلِ