تُعرف الاتفاقية العامة للتعريفة الجمركية والتجارة، والمعروفة اختصارًا بـ “جات” أو GATT، بأنها وثيقة أساسية في مجال التجارة الدولية، وقد تم توقيعها في أكتوبر من العام 1947.
هدفت هذه الاتفاقية إلى تقليل القيود على التجارة الدولية، وخاصة القيود الكمية على السلع المستوردة، والتي تُعرف بنظام الحصص.
تعهدت الدول المشاركة في الاتفاقية بتخفيض الرسوم الجمركية على السلع، مع تضمين مجموعة من الأحكام والشروط وفقًا لميثاق هافانا.
تقوم الأمم المتحدة بتقديم الدعم للدول المشاركة في إدارة هذه الاتفاقية، كما تطورت الجات لاحقًا إلى ما يعرف بمنظمة التجارة العالمية (WTO).
آلية عمل اتفاقية الجات
عند تأسيس اتفاقية الجات، تم اختيار مدينة جنيف في سويسرا كمقر رسمي لها، وهي اتفاقية غير ملزمة للدول التي تتاجر في السلع الصناعية.
وطرحت مجموعة من الأهداف الأساسية التي يجب السعي لتحقيقها، والتي تشمل:
- تحرير التجارة الدولية من القيود المفروضة عليها.
- التخلص من العقبات التي تعيق التبادلات التجارية بين الدول الأعضاء.
- حلحلة المنازعات التجارية الدولية عبر التفاوض.
- توفير بيئة دولية ملائمة لإنشاء منظمة تجارية عالمية تسهم في تقليل العوائق.
- تحديد نقاط قانونية دولية تتعلق بنقل البضائع وضمان سلامتها خلال عبور الدول.
- يُلزم جميع الدول الأعضاء بمبدأ عدم التمييز بين السلع، وحل أي مشاكل عبر ميثاق الجات الذي يربط الدول الموقعة.
تعتبر الجات جزءً من الأمم المتحدة، وتعمل على تعزيز التجارة الحرة بين الدول.
تشمل إجراءاتها فرض رسوم جمركية بسيطة، وتقليص نظام الحصص، وتقليل الدعم الحكومي. كانت آخر جولة من المفاوضات قد بدأت في أورغواي عام 1986 بهدف إزالة القيود المفروضة على التجارة في المنتجات المصنعة، الزراعية، والأنسجة وخدمات متعددة. وفق الخطة الموضوعة، كان من المتوقع أن تُختتم المحادثات في عام 1990، ولكنها انتهت في ديسمبر من ذلك العام دون تحقيق النتائج المرجوة.
رغم ذلك، تم الاتفاق على خفض مدفوعات الدعم الزراعي، وجاء ذلك دون دعم فعلي من الحكومة الفرنسية، مما أدى إلى احتجاج المزارعين في فرنسا ضد هذا الدعم.
أهم مبادئ اتفاقية الجات
في إطار تحقيق الأهداف الموضوعة، وضعت الجات عددًا من المبادئ الرئيسية التي يجب الالتزام بها:
- تمنح الجات جميع الأطراف المتعاقدة فورًا وبدون شروط كافة الميزات والحقوق الدولية الممنوحة لأي دولة أخرى، دون الحاجة لعقد اتفاق جديد.
- يتم قبول هذا المبدأ لأسباب اقتصادية تنص على أهمية الترابط الإقليمي لتحقيق تحرير التجارة الخارجية بين الدول ذات الموقع الجغرافي المشترك.
- يشمل التخفيض الجمركي مرحلتين: الأولى هي التخفيض المباشر عبر المفاوضات، والثانية التخفيض غير المباشر من خلال تبادل السلع.
- العمل على منح الشفافية في التعاملات التجارية، مما ينص على فرض الرسوم الجمركية بدون أي قيود.
- تسعى الجات إلى استخدام المفاوضات التجارية كوسيلة لدعم النظام التجاري العالمي بناءً على قاعدة التعددية للدول المشاركة.
- تطوير ممارسات تفضيلية للتجارة بين الدول النامية والمتقدمة، مما يسهم في فتح أسواق جديدة للمنتجات الناشئة.
فوائد اتفاقية الجات
- رفع مستوى المعيشة للدول المشاركة.
- تحقيق مستويات عمالية مكتملة.
- زيادة الدخل القومي للدول بشكل ملحوظ.
- تعظيم استغلال الموارد الاقتصادية العالمية.
- تحفيز الإنتاج وتشجيع الاستثمار.
- تيسير وصول المنتجات إلى الأسواق العالمية.
- تقليص القيود الجمركية لتسهيل التجارة الدولية.
- استخدام التفاوض كوسيلة لحل أي نزاع تجاري دولي.
مراحل تطور اتفاقية الجات
يمكن تقسيم المراحل المختلفة من التطورات التي شهدتها الاتفاقية منذ عام 1947 حتى 1994 إلى ثلاثة مراحل رئيسية:
المرحلة الأولى (1947-1971):
- تضمنت هذه الفترة خمس جولات من المفاوضات التجارية بهدف إزالة القيود الجمركية.
- تمثل جولة جنيف واحدة من أهم الجولات التي تناولت خفض الرسوم الجمركية على عدد كبير من السلع.
- عُقدت أيضًا جولة آنسي بفرنسا، والتي اعتبرت بمثابة انطلاق المفاوضات متعددة الأطراف، وكذلك جولة توركاي في إنجلترا, وجولة ديلون بجنيف التي شاركت فيها 27 دولة.
المرحلة الثانية (1972-1989):
- تم عقد جولتين رئيسيتين، الأولى كانت جولة كنيدي التي تمت في جنيف في عام 1962، حيث سُمح بتخفيض الرسوم الجمركية إلى 50% على جميع السلع.
- الجولة الثانية كانت في طوكيو بمشاركة 102 دولة، والتي ركزت على خفض الرسوم الجمركية، إلا أن تطبيق ذلك لم يتحقق بسبب نمو القيود غير الجمركية.
المرحلة الثالثة (1979-1993):
- كانت هذه المرحلة الأكثر تعقيدًا، وشهدت الجولة النهائية في أورغواي، حيث تطلبت الكثير من الوقت للانطلاق نتيجة الظروف الاقتصادية.
- بدأت المفاوضات في عام 1986 وكانت تهدف إلى خفض القيود غير الجمركية وتحرير الخدمات التجارية، بالإضافة إلى تقليص القيود على الواردات الزراعية.
كانت الجولة الأخيرة محاطة بمفاوضات معقدة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي حول دعم المنتجات الزراعية، مما أدي إلى تهديد الولايات المتحدة بفرض رسوم على الواردات. نتجت عن هذه المفاوضات حلول أدت إلى اتفاق حول النقاط الشائكة.
نتائج المفاوضات لجولة أورغواي الأخيرة
- تأسيس علاقة عمل واضحة بين منظمة التجارة العالمية وصندوق النقد الدولي، عبر تشريعات دولية تعزز التجارة العالمية.
- تقديم حلول فعالة للمنازعات بين الدول الأعضاء.
- خفض الرسوم الجمركية والقيود غير الجمركية، لتشمل جميع السلع.
- إتاحة الفرصة للدول النامية للمشاركة في النظام التجاري مما يسهم في تعزيز نمو اقتصادها.