يُعتبر إبراهيم باشا من القادة العسكريين البارزين في التاريخ، حيث قاد الحصار على مدينة الدرعية لمدة تقارب الخمسة أشهر. تشهد هذه المدينة على واحد من أبرز الفصول الحربية، حيث واجهت قوات الدرعية بقيادة الإمام محمد بن سعود تحديات كبيرة أمام الجيش المصري. وقد أدت هذه الفترة الطويلة من الحصار إلى تآكل قوة المدافعين عن المدينة.
سقطت الدرعية في نهاية المطاف بيد إبراهيم باشا بعد مقاومة ملحوظة من القوات المدافعة. في هذا المقال، سوف نستعرض تفاصيل هذا الحصار، المدة التي استغرقها، تاريخ مدينة الدرعية، والعديد من المعلومات ذات الصلة حول هذا الموضوع. تابعونا لمزيد من التفاصيل.
من هو إبراهيم باشا
إبراهيم باشا هو ابن محمد علي باشا، والي مصر، وتولى الحكم بعد والده. خلال فترة ولايته، قاد العديد من الحملات العسكرية المؤثرة في منطقة شبه الجزيرة العربية، وتمكن من القضاء على الدولة السعودية الأولى.
تم تعيينه قائداً للجيش أثناء الثورة اليونانية، وتمكن من إحباط محاولاتهم للحصول على الاستقلال عن الدولة العثمانية. على الرغم من استمرارية الثورة لثلاث سنوات، إلا أن إبراهيم باشا استطاع أن يستعيد السيطرة على المناطق الاستراتيجية.
عُين أيضاً في حملات لفتح فلسطين وبلاد الشام، واستطاع تخطي جبال طوروس وصولاً إلى منطقة كوتاهية. خلال إحدى المعارك ضد الأتراك، تمكن من هزيمتهم وخرج بترسانة كبيرة من الأسلحة، لكن التدخل الأوروبي حال دون استكمال حملته.
أهم إنجازات إبراهيم باشا
كانت البداية الفعلية للحروب التي خاضها إبراهيم باشا عندما قاد حملة ضد الدولة السعودية، حيث وقعت معركة حاسمة ضد الأمير عبد الله بن سعود بين عامي 1816 و1819. انتهت المعركة بالفوز لصالحه وأسر الأمير عبد الله الذي تم نقله إلى القاهرة.
عند اندلاع الثورة اليونانية، نجح إبراهيم باشا في احتواء التمرد الذي تسبب في منح السلطان جزيرة كريت لمصر، إلا أن محمد علي باشا لم يكن راضياً عن هذا الإجراء مما أدى إلى نشوب صراعات جديدة. تمكّن إبراهيم باشا من تحقيق انتصارات قادت الجيش المصري إلى الشهرة في مناطق نهر الفرات.
في عام 1839، قامت الدولة العثمانية بإرسال جيش لاسترجاع الأراضي الشامية التي استولى عليها المصريون، ولكن إبراهيم باشا قد تقدم بجيشه إلى الأناضول. بعد معركة نزيب، تلقن الجيش العثماني درسًا قاسيًا في الهزيمة مما عرّض الدولة العثمانية لخطر الانهيار.
ومع ذلك، تدخلت عدة دول أوروبية للضغط على الجيش المصري لقبول معاهدة لندن، وأسهمت بريطانيا في إشعال القلاقل بين سكان الشام ضد الحكم المصري مما سهل استعادة الدولة العثمانية لسوريا.
ما هي مدينة الدرعية
مدينة الدرعية تعد واحدة من المدن التاريخية في المملكة العربية السعودية، وتقع في منطقة عراد اليمامة بجنوب هضبة نجد. تُعتبر الدرعية محافظة تاريخية، وتقع على بُعد 20 كم من العاصمة الرياض.
تُعد الدرعية أول محافظة نشأت داخل السعودية، وتُعتبر اليوم من أكثر المناطق تطوراً وتقدماً في البلاد، بمساحة تقدر بحوالي 2020 كم²، ويقطنها حوالي 73668 نسمة.
حصار الدرعية
استمر حصار الدرعية من قبل الجيش المصري بقيادة إبراهيم باشا لأكثر من خمسة أشهر، بدءًا من شهر جمادي الأول عام 1233 هـ وحتى ذو القعدة من نفس العام.
عند وصول قوات إبراهيم باشا، فرضوا حصارًا حول المدينة، وشهدت تلك الفترة العديد من محاولات الاقتحام من قبل الجيش المصري. في إحدى المحاولات، تمكن الجيش من اختراق سور المدينة، مما أدى إلى عدم قدرة القوات المدافعة على التصدي.
نتيجة لذلك، اضطر الأمير عبد الله بن سعود للانتقال إلى حي الطريف بحثًا عن ملاذ آمن بعد استيلاء الجيش المصري على أجزاء من الدرعية. استمرت الاشتباكات حتى خرج الإمام عبد الله بن سعود طالبًا الأمان، مما أدى إلى تسليم نفسه ونقله إلى مصر حيث تم إعدامه هناك.
تاريخ مدينة الدرعية
تأسست مدينة الدرعية على يد مانع بن ربيعة، وازدهرت بفضل موقعها الجغرافي الاستراتيجي في قلب شبه الجزيرة العربية. اتخذها محمد بن سعود مركزًا لانطلاق الدولة السعودية الأولى، حيث اتبعت فيها الشريعة الإسلامية وسعت لتوحيد المناطق المحيطة بها.
نجح محمد بن سعود في ضم العديد من القبائل المحلية، ولكن لم يمضِ وقت طويل على وفاته حتى تولى عبد العزيز الحكم واستمر في توسيع نفوذ الدولة، مضماً مدينة الرياض بعد سبعة وعشرين عامًا، فضلًا عن البريمي والأحساء.
رغم التحديات التي واجهتها الدولة السعودية الأولى، إلا أن الدرعية شهدت بناءً وتطويرًا تم خلال قيام الدولة السعودية الثانية.
أهم آثار الدرعية
تحتوي مدينة الدرعية على مجموعة غنية من المعالم الأثرية، ومن أبرزها:
- حي الطريف
يُعتبر حي الطريف من المعالم الأثرية الأهم في المدينة، حيث يضم العديد من المباني التاريخية والمعالم البارزة. شهد هذا الحي إنشاء العديد من المؤسسات الحكومية للدولة السعودية الأولى، مثل قصر سلوى وقصر ناص بن سعود.
- حي البحيري
يحتوي حي البحيري على مجموعة من البحيرات المنتشرة في ميدان واسع، وينتهي بوادي حنيفة. يتميز الحي بالأسواق التجارية التقليدية والمعمار العصري، ويعكس تاريخ المدينة الثقافي.
- منتزه الدرعية
يتميز منتزه الدرعية بكونه نقطة التقاء بين حي الطريف وحي البجيري، ويستقطب السياح من شتى الأماكن للاستمتاع بجماله الطبيعي وتراثه الثقافي.