قصائد الغزل تُعتبر واحدة من أبرز أشكال الأدب، حيث كانت معروفة على نطاق واسع منذ العصور القديمة، لا سيما في المجتمعات العربية في زمن الجاهلية، وما زالت تُمارس حتى يومنا هذا.
تتسم قصائد الغزل بالعمق العاطفي، حيث تعبر عن مشاعر الحب والاشتياق بين المحبين. وتنقسم هذه القصائد إلى فئات عدة، منها الغزل العذري الذي يعبر عن المشاعر النقية، والغزل الإباحي الذي يتناول موضوعات أكثر تحرراً.
أجمل قصيدة غزل
أبدع الشاعر المعروف بأعشى قيس، الملقب بأبي بصير، في تأليف العديد من قصائد الغزل، ومن أبرزها قصيدة “نام الخلي وبت الليل مرتفقا” التي قال فيها:
نامَ الخَلِيُّ وَبِتُّ اللَيلَ مُرتَفِقا
أَرعى النُجومَ عَميداً مُثبَتاً أَرِقا
أَسهو لِهَمّي وَدائي فَهيَ تُسهِرُني
بانَت بِقَلبي وَأَمسى عِندَها غَلِقا
يا لَيتَها وَجَدَت بي ما وَجَدتُ بِها
وَكانَ حُبٌّ وَوَجدٌ دامَ فَاِتَّفَقا
لا شَيءَ يَنفَعُني مِن دونِ رُؤيَتَها
هَل يَشتَفي وامِقٌ ما لَم يُصِب رَهَقا
صادَت فُؤادي بِعَينَي مُغزِلٍ خَذَلَت
تَرعى أَغَنَّ غَضيضاً طَرفُهُ خَرِقا
وَبارِدٍ رَتِلٍ عَذبٍ مَذاقَتُهُ
كَأَنَّما عُلَّ بِالكافورِ وَاِغتَبَقا
وَجيدِ أَدماءَ لَم تُذعَر فَرائِصُها
تَرعى الأَراكَ تَعاطى المَردَ وَالوَرَقا
وَكَفلٍ كَالنَقا مالَت جَوانِبُهُ
لَيسَت مِنَ الزُلِّ أَوراكاً وَما اِنتَطَقا
كَأَنَّها دُرَّةٌ زَهراءُ أَخرَجَها
غَوّاصُ دارينَ يَخشى دونَها الغَرَقا
قَد رامَها حِجَجاً مُذ طَرَّ شارِبُهُ
حَتّى تَسَعسَعَ يَرجوها وَقَد خَفَقا
لا النَفسُ توئسُهُ مِنها فَيَترُكُها
وَقَد رَأى الرَغبَ رَأيَ العَينِ فَاِحتَرَقا
وَمارِدٌ مِن غُواةِ الجِنِّ يَحرُسُها
ذو نيقَةٍ مُستَعِدٌّ دونَها تَرَقا
لَيسَت لَهُ غَفلَةٌ عَنها يُطيفُ بِها
يَخشى عَلَيها سَرى السارينَ وَالسَرَقا
حِرصاً عَلَيها لَوَ اِنَّ النَفسَ طاوَعَها
مِنهُ الضَميرُ لَيالي اليَمِّ أَو غَرِقا
في حَومِ لُجَّةِ آذِيٍّ لَهُ حَدَبٌ
مَن رامَها فارَقَتهُ النَفسُ فَاِعتُلِقا
مَن نالَها نالَ خُلداً لا اِنقِطاعَ لَهُ
وَما تَمَنّى فَأَضحى ناعِماً أَنِقا
تِلكَ الَّتي كَلَّفَتكَ النَفسُ تَأمُلُها
وَما تَعَلَّقتَ إِلّا الحَينَ وَالحرَقا
أجمل قصيدة غزل شعبي
تعتبر قصائد الغزل الشعبي الأكثر تأثيراً على القلوب، إذ يعبر الكتاب عن مشاعرهم الحقيقية تجاه محبوبهم. إليكم واحدة من القصائد الشعبية المصرية:
أتمنى لو كانت أوجاعي** ورقة أمزقها وتنتهي
اسمحيلي لما اشوفِك
أرمى حملي بين كفوفِك
واعشق البسمة في كسوفِك
أبقى مركب / تبقي نيلي
تسمحيلي؟
تسمحيلي اكون ناياتى
اعزفك ويا حكاياتى
أبقي م المقامات بٓياتي
تبقي م الألحان دليلي
تسمحيلى؟
تسمحي لو تحكى حبّه
تملى كل الكون محبّه
حتى لما تغيبي حبّه
تختاريني اكون بديلي
تسمحيلي؟
تسمحيلي يا صبيّه
أبقى طير تبقيلي غيّه
تبقى شمس المغربية
فوق بحور الشوق تميلي
تسمحيلي؟
أجمل قصيدة غزل فصحى
نظم الشاعر الشهير عنترة بن شداد العديد من قصائد الغزل في حب محبوبته عبلة، ومن أشهر قصائده “رمت الفؤاد مليحة عذراء” التي يقول فيها:
رَمَتِ الفُؤَادَ مَليحَةٌ عَذراءُ
بِسِهامِ لَحظٍ ما لَهُنَّ دَواءُ
مَرَّت أَوانَ العيدِ بَينَ نَواهِدٍ
مِثلِ الشُموسِ لِحاظُهُنَّ ظُباءُ
فَاِغتالَني سَقَمي الَّذي في باطِني
أَخفَيتُهُ فَأَذاعَهُ الإِخفاءُ
خَطَرَت فَقُلتُ قَضيبُ بانٍ حَرَّكَت
أَعطافَهُ بَعدَ الجَنوبِ صَباءُ
وَرَنَت فَقُلتُ غَزالَةٌ مَذعورَةٌ
قَد راعَها وَسطَ الفَلاةِ بَلاءُ
وَبَدَت فَقُلتُ البَدرُ لَيلَةَ تِمِّهِ
قَد قَلَّدَتهُ نُجومَها الجَوزاءُ
بَسَمَت فَلاحَ ضِياءُ لُؤلُؤِ ثَغرِها
فيهِ لِداءِ العاشِقينَ شِفاءُ
سَجَدَت تُعَظِّمُ رَبَّها فَتَمايَلَت
لِجَلالِها أَربابُنا العُظَماءُ
يا عَبلَ مِثلُ هَواكِ أَو أَضعافُهُ
عِندي إِذا وَقَعَ الإِياسُ رَجاءُ
إِن كانَ يُسعِدُني الزَمانُ فَإِنَّني
في هِمَّتي بِصُروفِهِ إِزراءُ
أجمل قصيدة غزل رومانسي
كتب الشاعر اللبناني جبران خليل جبران العديد من القصائد التي تعبر عن جمال محبوبته، وله العديد من الأعمال الشعرية الخالدة، ومن أبرزها:
حَوْرَاءُ نَاصِعَةٌ كَأَنَّ بَيَاضَهَا
نَسْجٌ مِنَ اللَّمَّاحِ فِي النَّوَّارِ
بِبَهَائِهَا انْفَرَدَتْ وَيَحْفَلُ إِنْ بَدَتْ
مِنْهَاجُهَا بِمَوَاكِبِ الأَنْوَارِ
وَلَهَا قَوَامٌ إِنْ تَأَوَّدَ خَاطِراً
أَزْرَى بِتَأْوِيدْ الْقنا الخَطَّارِ
عَجَبٌ عِجابٌ لِلْنُّفُوسِ ذَكَاؤُهَا
مُتَلأَلِئَاً فِي لَحْظِهَا السَحَّارِ
فِي أَيِّ مِصْبَاحٍ كَزَاهِرِ وَجْهِهَا
تَتَنَوَّرُ الأَلْبَابُ ضَوْءَ مَنَارِ
إِنْ حَاضَرَتْ فِي مَجْمَعٍ أَوْ نَاظَرَتْ
فَالْحُسْنُ فِي الأَسْمَاعِ وَالأَبْصارِ
أجمل قصيدة غزل معبرة
يُعتبَر الشاعر شهاب الدين الخلوف من أبرز شعراء العصر المملوكي، وله أصول تونسية، وتعتبر مجموعته “مواهب البديع” من أبرز أعماله. ومن أشهر قصائده:
تَبَسَّمَ ثغرُ الأفْقِ عَنْ شَنَبِ الفَجْرِ
فَهَيَّجَ أشْوَاقِي إلىّ ألْعَسِ الثَّغْرِ
وَشَقَّتْ جَلاَبِيبَ الشَّقِيقِ يَدُ الصّبَا
كَمَا مَزَّقَتْ جَيْبَ الرّيَاضِ يَد النهرِ
وَنَاحتْ عَلَى العيدَان هاتفهُ الضحَى
فَجَالَتْ دُموعُ الطَّلّ فِي أعْيُنِ الزَّهْرِ
وَأغْضَتْ عُيُونُ النَّرْجَس الغَضّ عندما
تبسَمَ ثغرُ الزَّهْرِ عَنْ حَبَبِ القَطْرِ
وَدَبَّ عِذَارُ الاسِ فِي وردِ خَده
كَمَا جَالَ صدغ الظِّلّ في وجنة النهرِ
وَأبْدَتْ نُهُودُ الجُلَّنَارِ أشعّةً
مُرَكَّبَةً فِي سُمْرِ أعْطَافِهَا الخُضْرِ
لَدَى رَوْضَةٍ أبْدَتْ سَمَاءَ زُمُردٍ
عَلَيْهَا نُجُومٌ قَدْ طَلَعْنَ منَ التِّبْرِ
وَحَيْثُ تَوَلَّى بعده القلبُ خَافِقاً
كَقَلْبٍ كَئِيبٍ غَالَهُ حادثُ الدهرِ
وَحَيْثُ بنو نعش تَحِن لِنَعْشِهَا
كَمَا حنَّ مشتَاقٌ غَرِيبٌ إلى الوكْرِ
وَحَيْثُ تَشَكَّى سَابحُ الحُوت للدجَى
عَنَاهُ كَمَا يَشْكُو الغَرِيقُ إلى البحرِ
وَحَيْثُ السُّهَى قد رَقَّ من عِظْمِ شَوْقِهِ
لِرُؤْيَةِ بَدْرِ التَّمّ فِي رَابِعِ العَشْرِ
وَحَيْثُ سهيلٌ مُقْتَفٍ إثْرَ زُهْرَةٍ
كَحَادٍ بِنُوقٍ قَدْ أطَلَّ على قَفْرِ
وَحَيْثُ نجُوم الهَقْعَةِ الغُرّ أطْلَعَتْ
طَلاَئِعَ جَيْشٍ قَدْ سَرَيْنَ على ذُعْرِ
وَحَيْث تَرَى الشِّعْرَى العَبُورَ وَقَدْ بَدَتْ
تُقَارِبُ أجفَاناً لأدْمُعِهَا تَذْرِي
وَحَيْثُ تَرَى الجَوْزَاءَ في أفْقِ غربَها
وِشَاحَ لُجَيْنٍ قَدْ أديِرَ على خَصْرِ
وَحَيْثُ الثريا فِي السَّمَاءِ كَأنَّهَا
قَلاَئِدُ دُرّ قد جُلِينَ على نَحْرِ
وَحَيْثُ ترَى الإكْلِيلَ في مفرق الضحى
كَمَائِمَ وَرْدٍ كَمَّمَتْ أوْجُهَ النِّسْرِ
وَحَيْثُ الضيَا يَرْوِي عَنِ البَدْرِ نُورَهُ
عن الشمسِ عَنْ وَجْهِ المليكِ أبي عَمْرِو
مليكٌ أقَامَتْهُ الفَضَائِلُ وَاحِداً
فَلم يَخْتَلفْ اثْنَانِ في فَضْلِهِ المُثْرِي
أجَل مُلُوكِ الأرضِ جداً وَوَالِداً