تعتبر الأمعاء الدقيقة جزءًا حيويًا من الجهاز الهضمي في جسم الإنسان، وتمثل أحد الأجزاء الثلاثة الأساسية في نظام الأمعاء. تلعب الأمعاء الدقيقة دورًا رئيسيًا في امتصاص العناصر الغذائية والماء، حيث يتم تحليل هذه المواد الغذائية بشكل كامل.
بالإضافة إلى عملية الهضم، فإن الأمعاء الدقيقة مسؤولة عن تنفيذ هذه المهام بشكل يومي ومنتظم، حيث تصل فعاليتها إلى نحو 80%.
تتكون الأمعاء الدقيقة من مجموعة من الأنسجة التي تحتوي على ثلاثة أجزاء رئيسية، بالإضافة إلى شبكة من الأوعية الدموية والأعصاب والعضلات التي تجعلها قادرة على القيام بمهام الامتصاص والتفكيك والهضم.
تعريف الأمعاء الدقيقة
إن الأمعاء الدقيقة تمثل أنبوبة طويلة وضيقة، ملتفة حول نفسها، تمتد من المعدة إلى الأمعاء الغليظة.
تقع هذه الأمعاء في الجزء السفلي من البطن، داخل تجويف البطن، ومغطاة بغشاء رقيق يحتوي على مادة مخاطية. يتراوح طول الأمعاء الدقيقة بين 6.7 إلى 7.6 متر، وغالبًا ما تكون أطول عند النساء مقارنة بالرجال.
تتصف الأمعاء الدقيقة بالتعقيد في هيكلها، حيث تحتوي على المساريق التي تضم مجموعة من الدهون التي تساعد الأعضاء على الاحتفاظ بحرارتها، مما يميز تركيبها عن الأمعاء الغليظة.
تحتوي الأمعاء الدقيقة أيضًا على شبكة من الأعصاب مقسمة إلى الأعصاب الودية والأعصاب اللاودية، بالإضافة إلى الأوعية الدموية. سُميت بالأمعاء الدقيقة لأنها أقل سمكًا من الأمعاء الغليظة، التي يقدر قطرها بحوالي إنش واحد.
أجزاء الأمعاء الدقيقة
تنقسم الأمعاء الدقيقة إلى ثلاثة أجزاء رئيسية تؤدي الوظائف المخصصة لها ضمن الجهاز الهضمي، ولا تتشابه هذه الأجزاء في تركيبها وموقعها ووجود الأعصاب بها والدورة الدموية.
يعود هذا الاختلاف إلى النمو والتطور خلال فترة الأجنة، كما يستمر وجوده في جسم الإنسان طوال حياته. بجانب هذه الأجزاء، توجد الغدد والأغشية المخاطية التي تعمل كل منها بمهام محددة.
الإثني عشر: هو الجزء الأول من الأمعاء الدقيقة ويبلغ طوله 25 سم. يأخذ شكل حرف C حيث يلتف حول البنكرياس، ويبدأ من المعدة وينتهي في الجانب الأيسر من البطن.
مسؤولة عن الهضم الكيميائي الذي يحدث للطعام المهضوم جزئيًا، والذي يعتمد على العصارة الصفراوية المنتجة من الكبد أو المرارة أو البنكرياس.
الصائم: هو القسم الثاني، ويمتد بين الاثني عشر واللفائفي ويبلغ طوله حوالي 2.5 متر، يتميز بلونه الأحمر القاتم واحتوائه على عضلات ذات ثنيات دائرية ومجموعة من الزغابات المعوية. يقوم بامتصاص العناصر الغذائية الناتجة عن هضم الطعام وإيصالها إلى مجرى الدم.
اللفائفي: هو الجزء الثالث والأخير من الأمعاء الدقيقة، وطوله حوالي 3.6 متر، يقع في المنطقة العليا من الجانب الأيمن من الحوض، ويربط بين الصائم والقولون الأعور، الذي يمثل بداية الأمعاء الغليظة. يمتص اللفائفي بعض العناصر الغذائية غير المقتطفة من قبل الصائم، مثل فيتامين ب 12 والأملاح الناتجة عن العصارة الصفراوية.
وظائف الأمعاء الدقيقة
تعددت الوظائف التي تؤديها الأمعاء الدقيقة باعتبارها جزءًا هامًا من الجهاز الهضمي في جسم الإنسان، ولكن الوظيفة الرئيسية تركز على امتصاص وهضم المواد الغذائية وتفكيكها.
كما تقوم بطرد العناصر الغذائية غير المفيدة من الجسم، مع الحفاظ على البكتيريا المفيدة، بينما تعمل على إخراج البكتيريا الضارة، مما يعزز من أداء الجهاز المناعي.
هضم البروتينات:
يفرز البنكرياس مجموعة من الإنزيمات مثل إنزيم التربسين، التي تعمل على تفكيك البروتينات إلى أحماض أمينية أصغر. تبدأ عملية الهضم الكيميائي من المعدة وتستمر في الأمعاء الغليظة.
هضم الدهون:
يفرز البنكرياس إنزيم الليبيز الذي يقوم بتكسير الدهون الثلاثية إلى أحادية وأحماض دهنية حرة. تسهم العصارة الصفراوية، التي يفرزها كل من الكبد والمرارة، في إتمام هذه العملية من خلال روغدها للبيئة المائية.
هضم الكربوهيدرات:
يساعد إنزيم الأميليز الذي يفرزه البنكرياس في تقسيم الكربوهيدرات إلى سكريات أحادية وسكريات بسيطة، على الرغم من أن بعض الألياف والكربوهيدرات تمر إلى الأمعاء الغليظة أثناء عملية الهضم حيث يتم تفكيكها عن طريق البكتيريا.
امتصاص الماء:
تقوم الأمعاء الدقيقة أيضًا بامتصاص الماء، حيث تستوعب حوالي 80% من نسبة السوائل الموجودة، بينما تقوم الأمعاء الغليظة بامتصاص 10%، بينما يتم امتصاص النسبة المتبقية من الماء بواسطة البراز.
امتصاص المعادن والفيتامينات:
تسهم الأمعاء الدقيقة في امتصاص المعادن والفيتامينات إلى جانب بعض الدهون القابلة للذوبان مثل فيتامينات A، E، K، كما تمتص أيضًا الفيتامينات C وB بفعل خاصية الانتشار، حيث تُقبل الأنواع القابلة للذوبان في الماء. تتم امتصاص فيتامين B12 عن طريق خاصية النقل النشط، بينما يتم امتصاص الحديد في كل من الاثني عشر والصائم، بينما تُمتص أملاح الصفراء في اللفائفي وخاصة جزئه الأخير.
الأمراض التي تصيب الأمعاء الدقيقة
تتعرض الأمعاء الدقيقة للعديد من الأمراض مثلها مثل باقي أعضاء الجسم، مما يتطلب الحصول على تغذية صحيحة لتعويض النقص الناتج عن قلة العناصر الغذائية الأساسية.
تتفاوت أعراض تلك الأمراض من مريض لآخر، ولذلك من الضروري استشارة الطبيب عند ظهور أي من هذه الأعراض لتجنب أي مضاعفات. ومن ضمن هذه الأمراض نذكر:
- الاضطرابات الهضمية التي تنتج بسبب حساسية تجاه البروتين في معظم أنواع الخبز، مما يعيق عملية امتصاص العناصر الغذائية. ومن أعراضها فقدان الوزن وآلام في البطن.
- الالتهابات المعوية التي تسببها بعض البكتيريا والفيروسات والطفيليات التي تدخل الجسم.
- سرطان الأمعاء الدقيقة، وهو مرض نادر، إلا أنه توجد أنواع من الأورام السرطانية التي تصيب هذا العضو.
- متلازمة القولون العصبي التي تتسبب في عدة أعراض منها الإمساك والإسهال وآلام في البطن وتشنجات.
- انسداد الأمعاء الدقيقة نتيجة وجود حصوات أو فتق، مما يؤدي إلى أعراض شهيرة مثل الإمساك والانتفاخ والتقيؤ.
كما تشمل الأمراض الأخرى النزيف المعوي، القرحة، الداء البطني ومرض كرون.
طرق فحص الأمعاء الدقيقة
توجد مجموعة من الفحوصات التي يمكن إجراؤها لتشخيص أي أمراض أو عدوى تصيب الأمعاء الدقيقة، والتي قد تؤثر على امتصاص العناصر الغذائية.
تساعد هذه الفحوصات في التعرف على أسباب الأمراض لتسهيل التشخيص والعلاج.
فحص التنظير بالكبسولة:
يتم هذا الفحص باستخدام كاميرا صغيرة دون أسلاك، موضوعة داخل كبسولة تُبلع، حيث تمر عبر الجهاز الهضمي وتلتقط صورًا متعددة، لترسلها إلى جهاز مسجل محمول حول خصر المريض يعرض ما يحدث في الجهاز الهضمي.
فحص التنظير الداخلي:
في هذا الفحص، يقوم الطبيب بإدخال منظار داخلي إلى بطن المريض، وهو أنبوب طويل ومرن مزود بكاميرا، لتصوير الأمعاء الدقيقة والجهاز الهضمي بهدف تشخيص الحالات المرضية.
فحص الأشعة السينية:
يستخدم جهاز الأشعة الكهرومغناطيسية لالتقاط صور دقيقة للجهاز الهضمي والأمعاء الدقيقة، ويتم هذا الفحص لتحديد أعراض مرضية معينة ناجمة عن اضطرابات مثل الانسداد المعوي أو الإمساك.
نصائح للحفاظ على صحة الأمعاء الدقيقة
توجد مجموعة من النصائح الهامة التي ينبغي مراعاتها للحفاظ على صحة الأمعاء الدقيقة وسلامتها.
تعد هذه الإجراءات وقائية لتجنب الإصابة بأمراض مثل التهاب القولون وسرطان الأمعاء.
- اتباع نظام غذائي متوازن يحتوي على كميات مناسبة من الماء والألياف الطبيعية، مع تجنب الأطعمة التي تحتوي على دهون مشبعة.
- تجنب تناول أدوية قد تؤدي إلى تآكل بطانة الأمعاء أو تهيجها، لأنها قد تسبب زيادة خطر الإصابة بسرطان الأمعاء والقرحة.
- شرب كميات وفيرة من الماء النظيف، يُفضل بمعدل لترين يوميًا.
- تناول الفواكه مثل العنب والبابايا، بالإضافة إلى زيت الزيتون الطبيعي.
- الحد من مشاعر التوتر والانفعال والاجهاد الزائد، حيث أن كل ذلك يؤثر سلبًا على الأمعاء الدقيقة ووظيفتها.
- التركيز على مضغ الطعام بشكل جيد لتعزيز فوائد الأمعاء الدقيقة وصحة الجهاز الهضمي، مما يقلل من انتشار البكتيريا الضارة داخل الأمعاء.