أهمية التفسير المستند إلى الأثر النبوي والتاريخي

التفسير بالمأثور

يمكن تعريف التفسير بالمأثور بأنه كل ما ورد في القرآن الكريم من توضيح وتفسير لآياته، بالإضافة إلى ما أثر عن النبي صلى الله عليه وسلم من نصوص، وما جاء عن الصحابة رضوان الله عليهم والتابعين رحمهم الله من توضيحات تتعلق بكتاب الله تعالى. وبذلك، فإن كل ما يتعلق بالتفسير بالمأثور يشمل هذه العناصر. وقد رأى بعض العلماء أن التفسير بالمأثور يتكون من ثلاثة جوانب رئيسية: ما تم نقله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من تفسيرات للقرآن، وما ورد عن الصحابي ممّا يُعتبر له صفات الرفع، كالأحاديث المتعلقة بالغيب، وأخيرًا ما تم الاتفاق عليه بين الصحابة والتابعين والذي حصل على صفة الإجماع. ومن خلال ذلك، نجد أن تفسير الصحابة يتصل بالمسائل التي تحمل صفات الرفع.

أهمية التفسير بالمأثور

تبرز أهمية التفسير بشكل عام من خلال مجموعة من الاعتبارات؛ فالعلم بالتفسير يُعد من أشرف العلوم وأعظمها لأنه يرتبط بكتاب الله تعالى. فشرف العلم يعكس شرف المعلوم، ولا شك أن التفسير بالمأثور يحتل قمة الأهمية ضمن أنواع التفسير، حيث أنه يمثل أساس العلوم الإسلامية. من جهة أخرى، فإن مرتكزات هذا النوع من التفسير تستند إلى كتاب الله تعالى وسنة نبيه الكريم، بالإضافة إلى آثار الصحابة الذين شهدوا التنزيل، وآثار التابعين الذين تلقوا تعاليم النبوة من الصحابة. وبالتالي، فإن فهم معاني القرآن الكريم واستنباط مقاصده يعتبر من الدراسات القرآنية التي تتعلق بجوهر الإسلام والرسالة النبوية. لذلك، يُمكن القول إن الأهمية الرئيسية للتفسير بالمأثور تكمن في كونه تفسيرًا للوحي بالوحي.

حكم التفسير بالمأثور

ترتبط مشروعية التفسير بالمأثور بصحة الأثر المروي؛ فإذا كان الأثر صحيحًا، فإن الأخذ به والعمل وفقًا له يصبح واجبًا. أما إذا كان الأثر ضعيفًا أو لا يُعتمد عليه، فإن تركه يصبح واجبًا، ولا يجوز العمل أو الأخذ به إلا عند الإشارة إليه لغرض التحذير منه.

أبرز مؤلفات التفسير بالمأثور

لا يمكن حصر كافة المصنفات المتعلقة بالتفسير بالمأثور في هذا السياق، لكن يمكن تسليط الضوء على أبرزها:

  • جامع البيان عن تأويل آي القرآن</strong للإمام الطبري: يُعتبر من أبرز الكتب التي تناولت هذا النوع من التفسير، حيث لا يوجد كتاب آخر يُقارن به. اعتمد الإمام الطبري في تفسيره على عدة أسس، منها: الرواية عن النبي صلى الله عليه وسلم، والآثار المروية عن الصحابة والتابعين، بالإضافة إلى ذكر الإسناد وترجيح الأقوال، وكذلك الإشارة إلى أوجه الإعراب واستنباط الأحكام الشرعية.
  • تفسير القرآن العظيم</strong للإمام ابن كثير: يُعتبر ثاني أهم التفسيرات بعد تفسير الطبري، ويتميز بوضوح عباراته. يعرض الأية ويشرحها بأسلوب ميسر، ويجمع بين الآيات المتشابهة في المعاني إضافةً إلى الأحاديث والآثار المتعلقة بالموضوع، مع الإشارة إلى بعض الإسرائليات بصورة شاملة أو مفصلة.
  • الدر المنثور في التفسير بالمأثور</strong للإمام السيوطي: هو كتاب اختصره السيوطي من مؤلفه "ترجمان القرآن"، حيث اقتصر فيه على المتون دون ذكر الإسناد، مما جعل الكتاب مركزًا على معاني الآثار فقط.
  • أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن</strong للإمام محمد الأمين الشنقيطي: وصل هذا الإمام في تفسيره إلى سورة المجادلة، وتابع تلميذه عطية سالم بعده، وقد طبع في عشرة مجلدات. يتميز هذا المؤلف بالتزامه بقراءات السبعية وعدم استناد على قراءات شاذة، بالإضافة لتحقيق العديد من المسائل اللغوية والأصولية والفقهية.
Scroll to Top