أنواع التعريب في اللغة العربية
تشير ظاهرة التعريب إلى استخدام العرب لألفاظ غير عربية وإدخالها ضمن لغتهم، حيث تُجرى عليها قواعد اللفظ العربي وتُعدل بنيتها الصوتية، مما يجعلها تُعتبر جزءًا من المفردات العربية. يُطلق على هذا التحوير الاسم “اللفظ المعرب”.
قام الباحثون بتصنيف الألفاظ المعربة إلى مجموعتين رئيسيتين وفقًا لما يطرأ عليها من تغير:
التعريب بدون تغيير
يتضمن هذا النوع نقل اللفظ من لغته الأصلية إلى العربية دون أي تعديل أو تغيير. وعلى الرغم من ندرته، فإنه يمكن الإشارة إلى بعض الأمثلة مثل الكلمة الفارسية (سخت) التي تعني “شديد” ووردت في اللغة العربية دون تغيير. وأيضًا الكلمة (بخت) التي تعني “الحظ”.
التعريب مع التغيير
يتواجد هذا النوع بشكل أكبر خلال عمليات التعريب، ويقسم إلى أربعة أنماط:
- **إبدال حرف بحرف آخر:**
مثل كلمة (لكام) الفارسية التي تم تحويل الكاف فيها إلى جيم، فأصبحت الكلمة (لِجَام) التي تعني الحديدة التي توضع على فم الحصان. وأيضًا كلمة (كرم) التي تحولت إلى (جَرْم) بمعنى “الحر”. تتطلب هذه النوعية من الإبدال لكون حرف الكاف الفارسية غير موجود في الأبجدية العربية. وفي حالة كلمة (سرد)، حدث إبدال من السين إلى صاد لتُصبح (صَرْد) وتعني “البرودة”، وهذا النوع من الإبدال لا يعتبر ضروريًا في اللغة العربية، نظرًا لوجود حرف السين بين حروفها.
- **إبدال حركة بحركة أخرى:**
كما في كلمة (زور) حيث تم إبدال الضمة المشوبة بالفتحة إلى ضمة خالصة لتصبح الكلمة (زُوْر) التي تعني “القوة”. يعتبر هذا الإبدال ضروريًا لعدم وجود الضمة المشوبة في اللغة العربية. وفي كلمة (شطرنج) الفارسية، تم تغيير الفتحة إلى كسرة لتصبح (شِطْرنج)، ويُعتبر هذا الإبدال غير ضروري نظرًا لتواجد تلك الحركات في النظام الصوتي العربي.
- **زيادة شيء على اللفظ:**
كما يتضح في كلمة (رَنْدَه) حيث تمت إضافة همزة في البداية وحُولت الهاء إلى جيم لتصبح (أَرَنْدج) بمعنى “الجلد الأسود”. وفي كلمة (جوكان)، تم إدخال اللام في الوسط، مع إبدال الجيم الفارسية لصاد والكاف الفارسية إلى جيم، مما أدى إلى ظهور الكلمة (صَوْلَجَان) بمعنى “العصا”. لاحظ أن بعض الاستخدامات جاءت بدون اللام لتصبح (صَوَّجان).
- **نقص شيء:**
مثل كلمة (نَبَهْره) حيث تم حذف النون وأُبدلت الهاء إلى جيم لتصبح (بَهْرج) بمعنى “الباطل”، وكلمة (النشاستج) الفارسية التي تم حذف مقطع (ستج) بالكامل لتصبح (النشا).
أصل التعريب في اللغة العربية
تداخل العرب مع الثقافات الأخرى والأعاجم أدى إلى تبادل لغوي ملحوظ في مفردات وأساليب التعبير. يعتبر هذا التطور جزءًا من الظواهر اللغوية المعروفة بالاقتراض أو الاستعارة. وقد شهدت اللغة العربية هذا منذ عصور الفصاحة، حيث أخضعت الكثير من الألفاظ المستعارة من اللغات المجاورة إلى عملية التعريب، مما أثّر في مخزونها اللغوي. استخدم الشعراء والأدباء هذه الألفاظ في كتاباتهم حتى أن البعض نسي أصولها مع مرور الزمن.