شعر كثير عزة في الغزل العذري
ازدهر غزل كثير عزة في عصره، وأنتج مجموعة غنية من القصائد الأدبية الرفيعة التي تجسد مفهوم الغزل العذري، ومن بين أشهر تلك القصائد، نجد:
قصيدة: خليلي هذا ربع عزة فاعقلا
قال الشاعر:
خَليلَيَّ هَذا رُبعُ عَزَّةَ فَاِعقِلا
قلوصَيكُما ثُمَّ اِبكِيا حَيثُ حَلَّتِ
وَمُسّا تُرابًا كَانَ قَد مَسَّ جِلدَها
وَبيتا وَظِلاَ حَيثُ باتَت وَظَلَّتِ
وَلا تَيأَسا أَن يَمحُوَ اللهُ عَنكُما
ذُنوبًا إِذا صَلَّيتُما حَيثُ صَلَّتِ
وما كنت أَدري قَبلَ عَزَّةَ ما البُكا
وَلا مُوجِعاتِ القَلبِ حَتَّى تَوَلَّتِ
وَما أَنصَفَت أَما النِساءُ فَبَغَّضَت
إِلينا وَأَمَّا بِالنَوالِ فَضَنَّتِ
فَقَد حَلَفَت جَهدًا بِما نَحَرَت لَهُ
قُرَيشٌ غَداةَ المَأزَمينِ وَصَلّتِ
أُناديكَ ما حَجَّ الحَجِيجُ وَكَبَّرَت
بِفَيفاء آل رُفقَةٌ وَأَهَلَّتِ
وَما كَبَّرَت مِن فَوقِ رُكبةَ رُفقةٌ
وَمِن ذي غَزال أَشعَرَت وَاِستَهَلَّتِ
وَكانَت لِقَطعِ الحَبلِ بَيني وَبَينَها
كَناذِرَةٍ نَذرًا وَفَت فَأَحَلَّتِ
فَقُلتُ لَها يا عَزَّ كُلُّ مُصيبَةٍ
إِذا وُطِّنَت يَومًا لَها النَفسُ ذلَّتِ
وَلَم يَلقَ إِنسانٌ مِنَ الحُبَّ مَيعَةً
تَعُمُّ وَلا عَمياءَ إِلّا تَجَلَّتِ
فَإِنَ سَأَلَ الواشُونَ فِيمَ صَرَمتُها
فَقُل نَفس حُر ّسُلِّيَت فَتَسَلَّتِ
كَأَنّي أُنادِي صَخرَةً حِينَ أَعرَضَت
مِن الصُمِّ لو تَمشي بِها العُصمُ زَلَّتِ
صَفوحٌ فَما تَلقاكَ إِلَّا بخيلَةً
فَمَن مَلَّ مِنها ذَلِكِ الوَصلَ مَلَّتِ
أَباحَت حِمًى لَم يَرعَهُ الناسُ قَبلَها
وَحَلَّت تِلاعًا لَم تَكُن قَبلُ حُلَّتِ
فَلَيتَ قَلوصي عِندَ عَزَّةَ قُيِّدَت
بِحَبلٍ ضَعيفٍ غُرَّ مِنها فَضَلَّتِ
وَغودِرَ في الحَيِّ المُقيمينَ رَحلُها
وَكانَ لَها باغٍ سِوايَ فَبَلَّتِ
قصيدة: لعزة هاج الشوق فالدمع سافح
قال الشاعر:
لِعَزَّةَ هاجَ الشَوقَ فالدَمعُ سافِحُ
مَغانٍ وَرَسمٌ قد تَقادَمَ ماصِحُ
بِذي المَرخِ وَالمَسروحِ غَيّرَ رَسمَها
ضَروبُ النَدى قَد أَعتَقَتها البَوارِحُ
لِعَينيكَ مِنها يومَ حَزمِ مَبَرَّةٍ
شَريجانِ مِن دَمعٍ نَزيعٌ وَسافِحُ
أَتيٌّ وَمَفعومٌ حَثيثٌ كَأَنَّهُ
غُروبُ السَواني أَترَعَتها النَواضِحُ
إِذا ما هَرَقنَ الماء ثُمَّ اِستَقينَهُ
سَقاهُنَّ جَمٌّ مِن سُميحَةَ طافِحُ
لَيالي مِنها الوادِيانِ مَظِنَّةٌ
فَبُرَقُ العُنابِ دارُها فَالأَباطِحُ
لَيالِيَ لا أَسماءُ قالٍ مُوَدِّع
وَلا مُرهَنٌ يومًا لَكَ البَذلَ جارِحُ
صَديقٌ إِذا لاقَيتَهُ عَن جَنابَةٍ
أَلَدُّ إِذا ناشَدتَهُ العَهدَ بائِحُ
وَإِذ يُبرِىءُ القَرحى المِراضَ حَديثُها
وَتَسمو بِأَسماءَ القُلوبُ الصَحائِحُ
فَأُقسِمُ لا أَنسى وَلو حالَ دونَها
مَعَ الصَرمِ عَرضُ السَبسَبِ المُتَنازِحُ
أَمنيّ صَرَمتِ الحَبلَ لَمّا رَأَيتني
طَريدَ حُروبٍ طَرَّحَتهُ الطَوارِحُ
فَأَسحَقَ بُرداهُ وَمَحَّ قَميصَه
فَأَثوابُهُ لَيسَت لَهُنَّ مَضَارِحُ
فَأَعرَضتِ إِنَّ الغَدرَ مِنكُنَّ شيمَةٌ
وَفَجعَ الأَمينِ بَغتَةً وَهوَ ناصِحُ
فَلا تَجبَهيهِ وَيبَ غيرِكِ إِنَّهُ
فَتىً عَن دَنِيّاتِ الخَلائِقِ نازِحُ
هُوَ العَسَلُ الصافي مِرارًا وَتارَةً
هُوَ السُمُّ تَستَدمي عَلَيهِ الذَرارِحُ
لَعَلَّكِ يوماً أَن تَريهِ بِغِبطَةٍ
تَوَدِّينَ لَو يَأتيكُمُ وَهو صافِحُ
يَروقُ العُيونَ الناظِراتِ كَأَنَّهُ
هِرَقلِيُّ وَزنٍ أَحمَرُ التَّبرِ راجِعُ
وَآخِرُ عَهدٍ مِنكِ يا عِزُّ إِنَّهُ
بِذي الرَمثِ قولٌ قُلتِهِ وَهوَ صالِحُ
مُلاحُكِ بالبَردِ اليَماني وَقَد بَدا
مِن الصَرمِ أَشراطٌ لَهُ وَهوَ رائِحُ
وَلَم أَدرِ أَنَّ الوَصلَ مِنك خلابَةٌ
كَجاري سَرابٍ رَقرَقَتهُ الصَحاصِحُ
أَغَرَّكِ مِنّا أَنَّ ذلك عِندَنا
وَإِسجادَ عَينيكِ الصَيودَينِ رابِحُ
وَأَن قَد أَصَبتِ القَلبَ مِنّي بِغُلَّةٍ
وَحُبٍّ لَهُ في أُسوَدِ القَلبِ قادِحُ
وَلَو أَنَّ حُبّي أُمَّ ذي الوَدعِ كُلَّهُ
لِأَهلِكِ مالٌ لَم تَسَعهُ المَسارِحُ
قصيدة: صحا قلبه يا عز
قال الشاعر:
صَحا قَلبُهُ يا عَزَّ أَو كادَ يَذهَلُ
وَأَضحى يُريدُ الصَرمَ أَو يَتَبَدَّلُ
أَيادي سَبا يا عَزُّ ما كُنتُ بَعدَكُم
فَلَم يَحلَ لِلعَينَينِ بَعدَكِ مَنزِلُ
وَخَبَّرَها الواشونَ أَنّي صَرَمتُها
وَحَمَّلَها غَيظَاً عَلَيَّ المُحَمِّلُ
وَإِنّي لَمُنقادٌ لَها اليَومَ بِالرِضى
وَمُعتَذِرٌ مِن سُخطِها مُتَنَصِّلُ
أَهيمُ بِأَكنافِ المُجَمَّرِ مِن مِنىً
إِلى أُمِّ عَمرٍو إِنَّني لَمُوَكَّلُ
إِذا ذَكَرتها النَفسُ ظَلَّت كَأَنَّها
عَلَيها مِنَ الوَردِ التَهامِيِّ أَفكَلُ
وَفاضَت دُموعُ العَينِ حَتّى كَأَنَّما
بِوادي القرى مِن يابِس الثَغرِ تُكحَلُ
إِذا قُلتُ أَسلو غارَتِ العَينُ بِالبُكا
غَراءً وَمَدَّتها مَدامِعُ حُفَّلُ
إِذا ما أَرادَت خُلَّةٌ أَن تُزيلَنا
أَبَينا وَقُلنا الحاجِبِيَّةُ أَوَّلُ
سَنوليك عُرفاً إِن أَرَدتِ وِصالَنا
وَنَحنُ لِتِلكَ الحاجِبِيَّةِ أَوصَلُ
لَها مَهَلٌ لا يُسطاعُ دِراكُهُ
وَسابِقَةٌ في الحُبِّ ما تَتَحَوَّلُ
تَرامى بِنا مِنها بِحَزنِ شَراوَةٍ
مُفَوِّزَةً أَيدٍ إِلَيك وَأَرجُلُ
كَأَنَّ وِفارَ القَومِ تَحتَ رِحالِها
إِذا حُسِرَت عَنها العَمائِمُ عُنصُلُ
قصيدة: عجبت لبرئي منك يا عز
قال الشاعر:
عَجِبتُ لِبُرئي مِنكِ يا عَزَّ بَعدَما
عَمِرتُ زَمانًا منك غَيرَ صَحيحِ
فَإِن كانَ بُرءُ النَفسِ لي مِنكِ راحَةً
فَقَد بَرِئَت إِن كانَ ذاكَ مُريحي
تَجَلّى غِطاءُ الَرأسِ عنّي وَلَم يَكَد
غِطاءُ فُؤادي يَنجَلي لِسَريحِ
سَلا القَلبُ عَنْ كِبراهُما بَعدَ حِقبَةٍ
وَلُقّيتُ مِن صُغراهُما اِبنَ بَريحِ
فَلا تَذاكُرا عِندي عُقَيبةَ إِنني
تَبينُ إِذا بَانَت عُقَيبَةُ روحي