إياس بن معاوية، المعروف بذكائه، هو أحد القضاة البارزين في البصرة.
تميز بالفطنة والذكاء، ويعتبر رمزًا للتحكيم العقلاني بين الناس. سنتناول لمحات من حياة هذا القاضي العظيم.
اسمه ونسبه وخصائصه
- إياس بن معاوية بن قرة بن إياس، المعروف بأبي واثلة المزني، هو أحد أبرز الشخصيات في التاريخ العربي بذكائه وفطنته.
- كان جده لأبيه صلة بالرسول محمد وكان من صحابته، وُلد إياس سنة 46 هـ.
- عرف إياس بكونه دميم الشكل، إذ كان وجهه ذا لون أحمر، وكان يمتلك ذراعيين طويلتين. ارتدى دائمًا ملابس خشنة وعُود العمامة.
- روى أبو الحسن المدائني عن أبي إسحق بن حفص، أنه قيل لإياس: “عندك أربعة خصال، دَمامة، وكثرة كلام، وإعجاب بنفسك، وتعجيل في القضاء”.
- رد إياس قائلا: “أما الدَّمامة؛ فالأمر فيها إلى غيري، وأما كثرة الكلام؛ فهل بصواب أم بخطأ؟” وعندما أجابوه بالصواب، قال: “الإكثار من الصواب أفضل”.
- أضاف قائلاً: “أما إعجابي بنفسي، فإن أعجبكم ما ترون مني، فأنا أحق بذلك، وأما تعجلي بالقضاء، فإنها خمسمائة}}\Contexts for your user- defined term.
- ورددوا: “خمسة”، فقال لهم: “عجلتم، فلماذا لم تقولوا واحد واثنين وثلاثة وأربعة وخمسة؟” وأجابوا بأنهم لم يعدوا شيئًا يعرفونه بالفعل، فرد: “فلماذا أحبِسُ شيئًا تبين لي حكمه؟”
- وصف الأصمعي، راوية العرب، إياس بقوله: “رأيت في بيت ثابت البتاني رجلاً أحمر اللون، طويل الذراعين، غليظ الثياب، يلوّن عمامته.”
- وقال عنه عبد القواريري: “رأيت إياس بن معاوية، وكان أبيض الرأس واللحية، ولم يكن خصباً”.
مكانة إياس وسمعته
- إياس هو رمز للحكمة والذكاء والفضيلة والفصاحة.
- أشاد به أبو تمام قائلاً: “إقدام عمر في سماحة حاتم، في حلم أحنف في ذكاء إياس”.
- عندما سُئل والده، معاوية، عن إياس، أجاب: “نعم الابن، فقد كفاني أمر دنياي وفرغني لآخرتي”.
- تولى القضاء في البصرة أثناء ولاية عمر بن عبد العزيز، لكن عُزل من قبل عدي بن أرطاة، ففر إياس إلى عمر بن عبد العزيز الذي كان قد توفي.
- جلس في حلقة في مسجد دمشق، وعندما تحدث، رد عليه أحد الأمويين بشكل فظ. انسحب إياس، فقال له أحد الحاضرين أنه إياس بن معاوية المعروف بذكائه.
- بعد ذلك، اعتذر الأموي قائلاً إنه لم يتعرف عليه بسبب ملابسه، وعندما تحدث إليهم بدا كالأشراف.
تولي إياس قضاء البصرة
- في عهد عمر بن عبد العزيز، كتب إلى نائبه في العراق، عدي بن أرطاة، يقترح عليه الاختيار بين إياس بن معاوية والقاسم بن ربيعة الحرشِي، وأوصى بأن يتولى القضاء الأنسب والأكثر قدرة.
- عندما احتار عدي، قال له إياس: “يا أمير، اسأل عني وعنه عند فقيهي مصر، الحسن البصري ومحمد بن سيرين، وستعرف من هو الأجدر بهذا المنصب”.
- بينما كان القاسم يتردد على الفقيهين، لم يكن إياس يذهب إليهم فحسب علم القاسم بأنهم سيختارونه.
- رفض القاسم أن يسأل عن إياس، قائلاً إنه أفقه منه لذا يجب عليه توليته.
- رد إياس: “أنت جئت برجل أوقفته على شفير جهنم، فنجى نفسه بيمين كاذبة، إذا كنت كاذباً فلا يجب عليك أن توليني، أما إذا كنت صادقاً، فعليكم أن توليه لأنه الأفقه والأجدر.” فقبل عدي بكلام إياس واستقضاه.
إياس بن معاوية المعروف بذكائه
- دخل إياس الشام في شبابه حيث خاصم أحد الشيوخ وجاء إلى القاضي للشكوى.
- قال القاضي لإياس: “اسكت يا صبي”، فرد إياس: “فمن ينطق بحجتي؟”، مما أثار دهشة القاضي الذي كان يعتقد أنه كبير في السن.
- تكلم إياس بفصاحة فأقر القاضي بأن ما يقوله هو الحق، وعُرف بالأمانة في القضاء.
- وفي موقف آخر، دخل في حوار مع ثلاثة نساء لا يعرفهن.
- قال إياس إن إحداهن يجب أن تكون حاملاً، والثانية مرضعة، والثالثة عذراء، فإذا به يكشف ذلك بدقة.
- عندما سُئل من أين جاء بهذا العلم، قال: “عند الخوف لا يضع الإنسان يده إلا على أعز ما يملك.” وأوضح كيف نظر إلى النساء وبيّن حالهن.
- ردد إياس على يهودي كان يسخر من المسلمين، معلقاً بين أكلهم وحديثهم.
- في حادثة أخرى، اكتشف أن صوت كلب غريب ليس ككلاب المنطقة، وتبين أنه مربوط.
- توقع أن وجود تصدع في الأرض مرتبط بدابة أو نبات، وعندما تحققوا، كانوا في محله.
استمرار إياس بن معاوية المعروف بذكائه
- يقال إن إياس لم يُغلب على الإطلاق سوى مرة واحدة من قبل رجل وحيد في مجلس القضاء بالبصرة.
- دخل ذلك الرجل ليشهد أن بستانًا ما هو ملك فلان. سأل إياس عن عدد الأشجار في البستان.
- عندئذٍ سكت الشاهد وبدأ يستفسر عن مدة حكم إياس في هذا المجلس، ورد عليه بأن ذلك كان لمدة كذا، فعلت القضي منسحباً.
- و استناداً إلى تجارب الآخرين، فإن المواقف التي عاشها إياس تدل على فطنته المدهشة.
أشهر مقولات إياس بن معاوية
- تحدث إياس بن معاوية عن العديد من الحكم والأقوال التي لاتزال تؤخذ بعين الاعتبار حتى اليوم.
- قال: “امتحنت خصال الرجال فوجدت أشرفها صدق اللسان.”
- وأكد أن “من لا يعرف عيبه فهو أحمق”، و”احذر من الشاذ من العلم وإن قل، لأنه قد يؤدي إلى الذلة.”
- وذكر أيضاً: “البخل قيد والغضب جنون والسكر مفتاح الشر.”
- أضاف إلى ذلك: “ما بني على غير أساس فهو هباء، وكل ديانة تتم دون ورع فهي هباء.”
- وقال إنه “من فقد فضيلة الصدق فقد فقد أكرم أخلاقه.”
وفاة إياس بن معاوية
توفي القاضي إياس بن معاوية المعروف بذكائه عام 122 هـ. ويُذكر أنه حين وفاته قال: “رأيت في المنام كأني وأبي على فرسين تجريان معًا، فلم أسبقه ولم يسبقني”.