أنواع الدعاء في الإسلام
الدعاء يعد من أعظم العبادات التي أوصى بها الإسلام، وقد أوضحت النصوص الشرعية مكانته وأثره الكبير في حياة المسلمين. كما يتنوع الدعاء بين عدة أنواع تتطلب الوعي بفهمها، ومن أهمها دعاء العبادة ودعاء المسألة. كل نوع يحمل تعريفًا خاصًا به، يوضح طبيعته ويحدد كيفية أدائه، بالإضافة إلى حكمه وموعده.
دعاء العبادة
يمكن تعريف دعاء العبادة بعدة طرق. فهو يتمثل في “التوجه إلى الله تعالى بهدف تحقيق ما هو مطلوب أو دفع ما هو مكروه، مع الإخلاص في العبادة له وحده”. ويصف أيضًا بأنه “يمثل طلبًا واستغاثةً من خلال الامتثال للأوامر واجتناب النواهي”. يمكن القول بأن دعاء العبادة هو عبادة في حد ذاته، حيث أن المسلم عند تأديته للعبادات وطاعته لربه يسير في خطى طلب الثواب والجزاء.
إن دعاء العبادة يعكس تقرب العبد إلى الله -تعالى- بأنواع العبادات، مثل الصلاة والذبح والنذر والصيام والحج وغيرها، وذلك بدافع من الرغبة في رحمته والخوف من عذابه. حتى في غياب صيغ الطلب الرسمية، يظل العبد في حالة سعي نحو الجنة وهربٍ من النار، حيث يكون في حالة من التوق للمراد والخوف من فقده، مُعبرًا عن ذلك من خلال أحداث العبادة.
توجد الكثير من الأدلة القرآنية التي تدعم مفهوم دعاء العبادة، ومنها:
- قال الله تعالى: (قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ).
- قال الله تعالى: (وَمَن يَدْعُ مَعَ اللهِ إِلَٰهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ).
دعاء المسألة
دعاء المسألة يُعرف على أنه دعاء الطلب، حيث يُعبر العبد فيه عن احتياجاته لربه لفظيًا. يعرف أيضًا بأنه “طلب العبد لجلب المنفعة أو دفع المضرة، بغض النظر عن التزامه بالعبادة”. ويطلق عليه هذا الاسم لأن الداعي يطلب ما يرغب فيه من الله تعالى، معبرًا عن ذلك عبر الكلمات.
هناك العديد من الأمثلة على دعاء المسألة، مثل “اللهم ارحمني” و”اللهم اغفر لي”. وقد وردت الكثير من الآيات القرآنية التي تؤكد على أهمية ودعوة المسألة، مثل قوله تعالى في سورة غافر: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ).
دعاء المسلم لأخيه في ظهر الغيب
دعاء المسلم لأخيه في غيابه يمثل نوعًا آخر من دعاء المسألة، فهو يعد من الأدعية التي يُرجى قبولها. وقد أكد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على ذلك بقوله: (دَعْوَةُ المَرْءِ المُسْلِمِ لأَخِيهِ بظَهْرِ الغَيْبِ مُسْتَجَابَةٌ، عِنْدَ رَأْسِهِ مَلَكٌ مُوَكَّلٌ كُلَّما دَعَا لأَخِيهِ بخَيْرٍ، قَالَ المَلَكُ المُوَكَّلُ بهِ: آمِينَ وَلَكَ بمِثْلٍ).
ومعنى الدعاء في غياب الآخر أنه يتم في سرّ بين الداعي وربه، مما يعكس إخلاص الداعي. وهو من الأدعية المستجابة بإذن الله، حيث تؤمن عليها الملائكة وتدعو للصاحب الدعاء بمثلها. لهذا، كان السلف يحرصون على الدعاء لإخوانهم بما يتمناه الجميع من خير ونعمة، كما يمتد هذا الفضيلة للدعاء لكافة المسلمين.