من بين التشريعات المهمة التي أقرها الدين الإسلامي، نجد أن الله سبحانه وتعالى قد حدد أربعة أشهر لا يجوز فيها القتال إلا للدفاع عن النفس أو رد العدوان، مما يبرز قيمة هذه الأشهر وفضائلها التي يتمتع بها المسلمون.
وقد تم التأكيد على هذا الأمر من خلال الآيات القرآنية، لتجنب أي لبس أو جدال بين المفسرين والعلماء، مما يجعل من الصعب تحريف هذا المعنى. وفي هذا المقال، سنستعرض أسماء تلك الأشهر.
اسم يجمع بين ذو القعدة وذو الحجة ومحرم ورجب، كم هو من خمسة حروف؟
حدد الله تعالى في الدين الإسلامي أربعة أشهر في التقويم الهجري، وهي ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب. تُعرف هذه الأشهر باسم “الأشهر الحرم”، وهي إجابة للسؤال المطروح حول أسماء هذه الأشهر التي تتكون من خمسة حروف. تتميز هذه الأشهر بالتحريم فيما يتعلق بالقتال، إلا في حالات الدفاع، وتُضاعف فيها الحسنات كما تُضاعف السيئات.
لاحظ الشافعي والعديد من العلماء ضرورة تشديد دية القتيل في الأشهر الحرم، حرصًا على تنفيذ أوامر الله، وتمكين الحجاج والتجار والراغبين في الشراء من الوصول بأمان إلى أماكن العبادة والأسواق والعودة بسلام.
الأشهر الحرم قبل الإسلام
لقد كانت الأشهر الحرم مُعظمة في شريعة نبي الله إبراهيم عليه السلام؛ حيث كان العرب قبل الإسلام يقدّرونها ويحرمون القتال خلالها. لكن بدأ العرب باستخدام النسيء في ذلك التقويم، مما أدى إلى تأجيل الأشهر الحرام في بعض السنوات أو حلولها مبكرًا.
وقد أشار الله تعالى إلى هذا المُمارسة في القرآن بصيغة التحذير: (إنما النسيء زيادة في الكفر…). وتلتزم جميع القبائل في شبه الجزيرة العربية بعدم القتال في الأشهر الحرم، باستثناء قبائل مثل بني خثعم وبني طي التي كانت تستحِل الحروب خلالها.
الأشهر الحرم في الإسلام
- أكد الإسلام على حرمة هذه الأشهر وقدسيتها، وحث المسلمين على عدم انتهاكها أو القتال فيها.
- كما وضحها النبي محمد صلى الله عليه وسلم في حديثه الشريف: “إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض، السنة اثنا عشر شهرا، منها أربعة حرم…”
- ذكرت الأشهر الحرم في القرآن الكريم: (إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض…).
- ووفقًا لتفاسير الآية “فلا تظلموا فيهن أنفسكم”، أوضح قتادة أن الظلم في الأشهر الحرم يعتبر إثمًا وخطيئة أكبر مما هو في غيرها، حيث يعظم الله من أمره ما يشاء.
ترتيب الأشهر الحرم
تتكون الأشهر الحرم من أربعة أشهر هجرية، ثلاثة منها متتالية: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، بينما يأتي شهر رجب بشكل منفصل. خلال هذه الأشهر، يكف العرب عن القتال فيما قبل الإسلام، إلا الدفاع عن النفس والأرض.
تشير كتب التاريخ إلى أن شهر ذو القعدة هو بداية المسير إلى بيت الله الحرام لأداء فريضة الحج، حيث يتوقف القتال ويتوقف صوت الأسلحة والحروب.
تعود هذه العادة إلى سيدنا إبراهيم عليه السلام، الذي رفع القواعد للبيت العتيق وأذن في الناس بالحج، لتستمر هذه العادة لأكثر من أربعة آلاف عام حتى ظهور الإسلام في مكة.
ويأتي القرآن الكريم مؤكدًا على حرمة هذه الأشهر بآية صريحة: (إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض…).
سبب تسمية شهر ذو القعدة
تبدأ الأشهر الحرم بشهر ذو القعدة، لأنه الشهر الذي يبتعد فيه العرب عن القتال نظرًا لتبجيله كأحد الأشهر الحرم. يأتي بعده ذو الحجة حيث يتم أداء مناسك الحج في هذا الشهر، ثم يأتي رجب الذي تعظمه العرب بعدم القتال فيه.
لم يكن العرب يمتنعون عن الصيد في هذه الأشهر، لكن الإسلام حرم الصيد في المدينة المنورة ومكة المكرمة أثناء الإحرام. تُعتبر الأشهر الحرم من أهم الفترات التي تسمح للحجاج والتجار بالوصول بأمان إلى أماكن العبادة والتجارة.
الإسلام والأشهر الحرم
أكد الإسلام على الحفاظ على حرمة الأشهر الحرم، واستمرت هذه العادة بعد ظهور الإسلام، وعززها النبي محمد صلى الله عليه وسلم في تعاليمه.
كما حرم الإسلام النسيء، وهي عادة نقل شهر إلى شهر آخر، حيث تساهل العرب في نقل شهر محرم ليحل محل شهر آخر. شهدت الأشهر الحرم بعض المعارك في الإسلام، بما في ذلك فترة حصار مواقع معينة ردًا للظلم.
تُعد النسيء من محاولات التلاعب والتلاعب الزمني التي كانت موجودة في الجاهلية، وقد عُرف جنادة الكناني كأحد أبرز الأشخاص الذين بدأوا هذه العادة.
خصائص الأشهر الحرم
تتميز الأشهر الحرم بالعديد من الفضائل، بما في ذلك تحريم القتال والظلم، ومضاعفة الحسنات عند أداء العبادات.
كذلك، تعتبر الذنوب في هذه الأشهر أعظم، مما يدل على فضل الأعمال الطيبة فيها. وتشمل هذه الأشهر أداء فريضة الحج في شهر ذو الحجة، الذي يعد من الأشهر الحرم، والذي يشمل أيضًا الأيام العشر التي ذكرها الله سبحانه وتعالى.
إن من أفضل الأيام في هذه الأشهر هو يوم عرفة، الذي قال النبي صلى الله عليه وسلم عنه: “ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدًا من النار، من يوم عرفة…”.