أنواع الشك في الفلسفة
يمثل الشك منهجًا فلسفيًا أساسيًا تم تطويره بواسطة الفلاسفة عبر العصور، وقد لعب دورًا محوريًا في تشكيل العديد من المناهج الفلسفية اللاحقة. شهد القرن السابع عشر تطورات ملحوظة في هذا المجال على يد الفيلسوف رينيه ديكارت، الذي اشتهر بقوله “أنا أشك إذن أنا أفكر، إذن أنا موجود”. وقد اعتبر الشك الوسيلة الأولى للحصول على المعرفة. تنقسم أنواع الشك في الفلسفة إلى نوعين رئيسيين، كما يلي:
الشك المذهبي
يُعرف الشك المذهبي بأنه يعتمد على الاعتقاد بالشك كمنهج حياة أساسي. يتميز هذا النوع بمجموعة من الخصائص، تتضمن:
- دائم: إذ يستمر صاحب هذا المذهب في الشك بكل شيء، ما دام مقتنعًا بوجهة نظره.
- نتيجته تتمثل في الشك المستمر: بما أن الهدف هو الشك في الأساس، فإن ذلك يؤدي دائماً إلى مزيد من المعلومات التي تثير الشك مرة أخرى، مما يخلق حلقة مفرغة.
- لا يفضي إلى نتائج نهائية: يتسبب ذلك في حيرة مستمرة، مما قد يؤثر سلبًا على الشخصية ويؤدي إلى العزلة عن الآخرين.
الشك المنهجي
يسمى هذا النوع من الشك “الشك المنهجي” لأنه يُستخدم كأسلوب تفكير لتحقيق الحقيقة، على عكس الشك المذهبي الذي يتمسك بالشك كهدف رئيسي. يتميز الشك المنهجي بالخصائص التالية:
- مؤقت: يُتبنى كمنهج تفكير بهدف الوصول لنتيجة معينة، ولا يُعتبر مذهبًا دائمًا.
- نتيجته هي اليقين: فهو يقوم على طرح مجموعة من الأسئلة بهدف الوصول إلى حقيقة معرفية محددة، بدلاً من الدخول في حلقات مفرغة.
- بناء: يساعد هذا النوع صاحبه على تحقيق النتائج المرجوة، مما يسهم في تعزيز الفرد والمجتمع.
تاريخ نشأة الشك في الفلسفة
يعود مفهوم الشك المطلق، المعروف أيضًا بالبروينية، إلى العصور اليونانية القديمة، حيث نشأ من الفكرة القائلة بأن العقل البشري عاجز عن الوصول إلى الحقيقة المطلقة. لم يكن هذا الشك اعتباطيًا أو يعتمد على دلائل غير صحيحة، بل كان ممارسة للتفكير النقدي تهدف إلى اكتشاف الحقيقة من خلال استخدام العقل.
إن الوصول إلى الحقيقة المطلقة يتطلب التشكيك في الثوابت المطلقة. وقد اعتُبر الشك راحة علمية اجتماعية منذ القرن الخامس قبل الميلاد من قبل فلاسفة اليونان القدماء، إذ بدأ هذا الاتجاه بالسفسطائيين وانتقل إلى حكم سقراط الذي عارض جميع العلوم الموروثة.
نشأت المدرسة الشكوكية القديمة في كل من اليونان وروما، حيث أسس كارديناس وأركسيلاوس، كلاهما من رؤساء أكاديمية أفلاطون، المدرسة الرومانية. أما المدرسة اليونانية فقد أسسها بيرو، وسُميت المدرسة البيرونية نسبة إليه. تكمن أهمية الشك في الفلسفة في كونه وسيلة لتدريب العقل على البحث عن الحقيقة دون تسليم، مما يساهم في إدراك الإمكانيات العقلية التي يمكن أن تؤدي إلى نتائج معرفية كبيرة.