مراتب الإيمان بتقدير الله سبحانه وتعالى

يسعى الكثيرون لفهم مراتب الإيمان بالقدر، حيث إن الإيمان بالقدر خيره وشره يعد أحد أركان الإيمان الأساسية. فإن إيمان العبد لا يكتمل إلا عند استيعابه لهذه المراتب. من خلال هذا الموقع، يمكنك الاطلاع على الأنواع المختلفة لمراتب الإيمان بالقدر في السطور التالية.

مراتب الإيمان بالقدر

يُعتبر الإيمان بالقدر، سواء في خيره أو شره، من الأركان الجوهرية للإيمان. وتتمثل مراتب الإيمان بالقدر في النقاط التالية:

1- مرتبة العلم

تعتبر مرتبة العلم أول مراتب القدر، حيث تؤكد أن الله سبحانه وتعالى عليم بكل شيء علمًا قديمًا، إذ إن علمه لا يُشبه علم المخلوقات، فهو علم شامل وكامل لكل شيء في جميع النواحي والأحوال. كما وأن الله تعالى يدرك جميع الأمور بتفاصيلها الدقيقة، ولا أحد يعرفها سواه.

عندما يستوعب الإنسان هذه المرتبة ويؤمن بها، فإنه لن يضل أبداً. ومن الأدلة على هذه المرتبة ما ورد في قوله تعالى: {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ ۖ هُوَ الرَّحْمَٰنُ الرَّحِيمُ}. [سورة الحشر: 22]، وكذلك قوله تعالى: {إِنَّمَا إِلَٰهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۚ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا}. [سورة طه: 98]

2- مرتبة الكتابة

تُعتبر الكتابة المرتبة الثانية من مراتب القدر. فقد كتب الله تعالى جميع المقادير في اللوح المحفوظ، الذي يُعتبر من أعظم ما خلق الله سبحانه وتعالى، حيث دوّن فيه كل ما يتعلق بأعمال المخلوقات، بما فيها الإنسان والجن والحيوانات وغيرها.

من الأدلة التي تدل على هذه المرتبة قوله تعالى: {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ}. [سورة الحج: 70]، وذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم: “كَتَبَ اللَّهُ مَقَادِيرَ الخَلَائِقِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَوَاتِ وَالأرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ، وَعَرْشُهُ عَلَى المَاءِ”. [عبد الله بن عمرو – صحيح]

3- مرتبة المشيئة

تأتي المشيئة كمرتبة ثالثة من مراتب القدر، وتعني الإيمان بأن الله سبحانه وتعالى هو المتصرف في الأمور، وأن كل ما يحدث في هذه الدنيا هو نتيجة لمشيئته وإرادته الخالصة.

فإن الأمور تحدث بمشيئة الله، وإذا لم يشأ لها أن تحدث، فإنها لن تحدث أبداً، فلا يوجد أي شيء في الكون يحدث خارج إرادة الله.

ومن الأدلة على وجود هذه المرتبة قوله تعالى: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}. [سورة آل عمران: 26].

4- مرتبة الخلق والتكوين

تُعتبر مرتبة الخلق والتكوين المرتبة الرابعة والأخيرة من مراتب القدر، وهي تؤكد على أن الله هو الخالق لكل شيء في الأرض والسماء، بما في ذلك أفعال العباد وأعمالهم. ومع ذلك، فقد أمر الله بأداء الطاعات وتجنب المعاصي، حيث يحب الله عباده الصالحين ولا يُحب الكافرين.

وخلق الله جميع أفعال العباد، سواء كانت صالحة أو غير صالحة، كما أنه منحهم القدرة والإرادة. ومع ذلك، يبقى القرار النهائي في إرادة القيام بالفعل بيد العبد نفسه، فهو مخيّر ومسوؤل عن أفعاله. ومن الأدلة على هذه المرتبة قوله تعالى: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ}. [سورة الأنعام: 102]

إن فهم مراتب الإيمان بالقدر أمر هام لكل مسلم، حيث يُعتبر الإيمان بهذه المراتب ضرورة لا يمكن الاستغناء عنها. فالاعتقاد في القضاء والقدر يستلزم الإيمان بهذه المراتب، وجميعها تعود لصفات الله وأفعاله سبحانه وتعالى.

Scroll to Top