الإنسان كائن اجتماعي
يعترف علماء الاجتماع بأن الإنسان يتمتع بطابع اجتماعي حيث إنه لا يستطيع العيش بمفرده دون وجود مجتمع أو بيئة يحتاج إليها ويحتاجه الآخرون. في هذه السياقات الاجتماعية، تتواجد حقوق واحتياجات لكل فرد، إلى جانب واجبات ملزم بها. تتطلب الحياة التواصل وتفاعل الأفراد في مختلف مشارب الحياة، ومن هنا تبرز أهمية الاتصال بين الناس في علاقاتهم المتعددة، مثل العلاقة بين الزوج وزوجته، وبين الآباء وأطفالهم، وأيضاً بين المدير وموظفيه، بالإضافة إلى تفاعل الموظفين مع زملائهم. الاتصال يمثل وسيلة للتعبير عن المشاعر والاحتياجات والأفكار، وقد ظهرت العديد من المشكلات نتيجة لسوء التواصل على جميع المستويات. لذا، ما هو الاتصال؟ وما الذي يجعل الاتصال فعالاً؟ وما هي أدواته وأشكاله؟
الاتصال الفعّال
تعريف الاتصال
الاتصال يُعرف بأنه أي تفاعل يحدث بين شخصين أو كيانين مختلفين بهدف نقل المعلومات أو الأفكار أو المشاعر بشكل محدد، أو لتغيير وجهات النظر وتحفيز الأطراف الأخرى للاستجابة لاحتياج معين.
تعريف الاتصال الفعّال
الاتصال الفعّال هو ذلك النوع من الاتصال الذي يتمكن من نقل أي رسالة أو معلومة أو طلب بشكل سلس وبسيط، مما يجعل كلا الطرفين قادرين على فهم الرسالة واستيعاب ما يصدر عن الطرف الآخر من أقوال أو أفعال لتحقيق الهدف المنشود من الاتصال. يتسم هذا النوع من الاتصال بأنه يساهم في تسهيل التواصل ويعزز التفاهم بين الأفراد، حيث يتم في أجواء من التعاون والتفاهم ويحتاج إلى الجهد من كلا الطرفين لتحقيق النجاح.
أهمية الاتصال الفعّال
تتجلى أهمية الاتصال الفعّال من خلال العوامل التالية:
- تشير بعض الدراسات إلى أن نحو 85% من النجاح يعود إلى مهارات الاتصال والتواصل، بينما 15% تعزى لإتقان مهارات العمل، مما يعني أن نجاح الفرد مرتبط بشكل وثيق بقدرته على استخدام مهارات الاتصال الفعّال.
- يساهم في توجيه سلوك الأفراد نحو الأمور الإيجابية.
- يعزز من التقارب بين وجهات النظر والمفاهيم، ويساعد على توحيد أساليب العمل.
- يساهم في جمع المعلومات والبيانات اللازمة وتحويلها إلى مراكز اتخاذ القرار.
- يمكن الأفراد من إيصال أفكارهم إلى جهات صنع القرار، مما يسهم في الربط بين الآراء والأفكار وصنع السياسات.
- يُعزز من صفات مثل الهدوء وسعة الصدر، مما يساعد الأفراد في اتخاذ قرارات حكيمة.
- يساعد في اتخاذ قرارات صحيحة وإطلاق أحكام سليمة دون تعصب أو ضغط في الرأي.
- يدعم نجاح العلاقات سواء كانت بين أفراد الأسرة أو في مجالات العمل ومناطق أخرى.
- يمنح الأفراد مهارات مهمة مثل الاستماع بموضوعية وحياد، مما يحولهم إلى قادة مؤثرين.
- يساهم في تقليل النزاعات وزيادة الصداقات في محيط الفرد، لأن سوء الاتصال هو ما يؤدي إلى الخلافات.
أدوات الاتصال الفعّال
يمتاز الاتصال الفعّال بأربعة أدوات أساسية، وهي:
- المُرسل: هو الشخص أو الكيان الذي يبدأ عملية الاتصال من خلال الحديث أو طرح الأسئلة أو إلقاء المحاضرات أو الخطب. يجب أن يكون المُرسل مقتنعًا بما يرسله وعارفًا تمامًا بمحتوى رسالته.
- المستقبل: هو الجهة أو الشخص الذي يستقبل المحتوى المُرسل، ويجب على المستقبل التفاعل مع المُرسل لضمان فعالية الاتصال ونجاحه في تحقيق الهدف.
- الوسيلة: هي الأسلوب أو الأداة المستخدمة في نقل محتوى الرسالة، سواء كانت لغة الجسد أو الكلمات، حيث تختلف الوسائل وفقاً لطبيعة المستقبل والخلفية الثقافية والمستوى التعليمي، بالإضافة إلى متطلبات الموقف.
أشكال الاتصال الفعّال
يميل الناس إلى استخدام ثلاثة أنماط رئيسية من وسائل الاتصال، وهي:
- الوسائل المكتوبة: ككتابات الكتب والصحف والمطويات.
- الوسائل السمعية: مثل الراديو والتسجيلات الصوتية.
- الوسائل البصرية: كالرسم البياني والصور الفوتوغرافية، حيث يمكن أن تشترك الوسائل السمعية والبصرية في إيصال نفس الرسالة، كما هو الحال في الأفلام السينمائية والمسلسلات والبرامج التلفزيونية.
الاتصال الفعّال في الحياة اليومية
عند مراجعة مفهوم الاتصال الفعّال، نجد أن معظم ما يرسله الأفراد ويتلقونه خلال حياتهم قد يكون عديم الجدوى أو المعنى. فمن الممكن حذف جزء كبير من المحادثات والمعلومات المستقبلة دون أن تترك تأثير كبير على الأفراد، نظراً لافتقارها لهدف واضح. على سبيل المثال، إذا تلقى شخص أكثر من عشرة أسئلة دفعة واحدة من طرف آخر دون أن ينتظر الجواب، يصبح الاتصال غير فعّال ويمكن اختصاره بسؤال واحد فقط، مما يبرز اعتماد العديد على الإسهاب في تفاصيل غير مهمة. ومع ذلك، يبقى هناك جزء من الاتصال الفعّال في حياة الناس، إلى جانب بعض الأساليب الجذابة والتي تستقطب انتباه المستمع، بينما هناك آخرون يستخدمون أساليب منفرة أو غير ملائمة.
لا يمكننا تجاهل أهمية لغة الجسد في دعم الاتصال الفعّال، إذ تعبر عن الشخص وتساعده في إيصال أفكاره ومشاعره. لغة الجسد تشمل كل الحركات التي يقوم بها الفرد أثناء حديثه واستماعه، بدءاً من الرأس وصولاً إلى أخمص القدمين سواء بوعي أو بلا وعي. تعبر حركات الجسم عن الحالة النفسية والعاطفية للفرد. يواجه الكثيرون تحديات في تواصلهم بفاعلية بسبب عدم معرفتهم بكيفية استخدام لغة الجسد بشكل صحيح. مثال على ذلك هو المحاضر الذي يظل محافظًا على نبرة صوت ثابتة طوال المحاضرة دون تفاعل، مما يؤدي إلى عدم انتباه الحضور. من جهة أخرى، يتسبب الحماس المفرط في الحديث في شعور الجمهور بالملل. لذا، يُعتبر فهم أسس لغة الجسد أمرًا ضروريًا لتحقيق اتصال فعال، بغض النظر عن مدى إلمام المرسل بمحتوى الرسالة.