أريحا: أقدم مدينة مأهولة في العالم
تعتبر أريحا واحدة من أقدم المدن العربية المأهولة، بل هي تُعدّ من أقدم المدن في التاريخ البشري على الإطلاق، حيث يعود تاريخها إلى ما يزيد عن عشرة آلاف عام قبل الميلاد.
تقع مدينة أريحا الفلسطينية إلى الغرب من نهر الأردن، شمال البحر الميّت، وتُعرف بـ”مدينة القم” كما أنها تُعتبر أخفض نقطة على وجه الأرض.
أريحا القديمة
تبعد أريحا التاريخية القديمة حوالي ميل واحد إلى الغرب، ويُطلق على موقعها اسم “تلال أبو العلايق”، بينما يقع تل السلطان إلى الشمال منها. يُعتقد أن فترة استيطانها تعود إلى الفترة بين 11,000 و10,000 عام قبل الميلاد، وكانت مبانيها تُبنى من الطوب واللبن، محاطة بخندقٍ عميق، يبلغ عرضه 28 قدمًا وعمقه 8 أقدام، وقد نُحت هذا الخندق في الصخر.
تم العثور في الموقع على العديد من الأدوات الفخارية، والأدوات المنزلية، والعظام، والسلال، والأدوات الخشبية. وقد تعرضت المدينة للتدمير في أواخر العصر البرونزي، وهي تُعتبر أقدم مدينة تم اكتشافها حتى الآن. علاوة على ذلك، تُعتبر أريحا البوابة الشرقية لفلسطين، حيث تقع شمال القدس على بعد حوالي 38 كيلومترًا، وتبعد عن مدينة الخليل إلى الجنوب نحو 70 كيلومترًا.
أصل كلمة أريحا
تشتق تسمية المدينة من أصول سامية، حيث تعني كلمة “أريحا” في اللغة الكنعانية “القمر”. كما اشتُقّت الكلمة من فعل “اليرح” أو “يرحو” المستخدم في جنوب الجزيرة العربية، والذي يعني “قمر” أو “شهر”. في اللغة العبرانية، تُكتب “يريحو”، وتعتبر أريحا من أقدم المدن المذكورة في التوراة.
وفي اللغة السريانية، يُعني اسم أريحا “الأريج” أو “الرائحة”. وقد شهدت هذه المدينة ازدهارًا كبيرًا خلال العصر الروماني، وهو ما يظهر جليًا في آثارها الرومانية المتبقية اليوم.
في فترة الانتداب البريطاني، تحولت أريحا إلى مركز قضاء يحمل اسمها. وقد ورد ذكر المدينة في معجم البلدان للبغدادي، الذي وصفها بأنها “مدينة الجبارين في الغور من أرض الأردن والشام”. كما تم الربط بين اسم أريحا و”أريحا بن مالك بن أرنخشد بن سام بن نوح”، مما يؤكد على أصول الاسم السامية.
نبذة تاريخية
أريحا تُعتبر واحدة من المدن الكنعانية القديمة التي اعتبرها الخبراء الأثريون أقدم المدن على وجه الأرض، حيث يعود تاريخها إلى عصور ما قبل التاريخ، وتحديدًا قبل الألفية الثامنة قبل الميلاد، مما أدى لاكتشاف العديد من المستعمرات التي تعود إلى أكثر من 9,000 عام قبل الميلاد.
خلال النصف الأول من الألفية الثانية قبل الميلاد، وتحديدًا في العصر البرونزي الأوسط، أصبح مركز أريحا مركزًا حضاريًا كبيرًا، وهو ما يتجلى في نظام التحصين الخاص بالمدينة، بالإضافة إلى قصورها ومقابرها.
أُقيمت أول مستوطنة بالقرب من عين السلطان، حيث ظهرت ثقافة جديدة تعتمد على بناء المساكن المستقرة والزراعة. أسَرَّ علماء الآثار على تلك الحقبة التاريخية بـ “العصر الحجري الحديث ما قبل الفخار – أ”، حيث تميزت القرى في ذلك الزمان بمساكنها الدائرية الشكل وصغر حجمها، ودُفن الموتى داخل الطوابق في المباني التي تم إنشاؤها في تلك الفترة.
اعتمد سكان المدينة آنذاك على الزراعة، وتدجين الحيوانات، بالإضافة إلى الصيد البري كوسيلة للعيش.