حضارة سومر: أقدم الحضارات الإنسانية
أسباب التسمية
تُعتبر الحضارات القديمة عاملاً مؤثراً في تشكيل الحياة على مختلف الأصعدة عبر العالم، وفي مقدمتها حضارة سومر، التي ظهرت في بلاد ما بين النهرين في حوالي 3500 عام قبل الميلاد. تضمّنت هذه الحضارة عناصر حيوية كالحكومة، والاقتصاد، والنظام الاجتماعي، واللغة، والكتابة، وثقافات متميزة. وتعود تسمية حضارة سومر إلى موقعها الجغرافي الاستثنائي، حيث نشأت بين نهري دجلة والفرات في منطقة الرافدين، التي تعرف اليوم بالعراق، وقد امتد تأثير هذه الحضارة ليشمل سوريّة والخليج العربي.
الحرف والصناعات
تميز السومريون بممارسة الزراعة، حيث كانت هذه المهنة الأولى في حضارتهم نظراً لخصوبة أراضيهم بفضل قربها من النهرين. كما انخرطوا في مهن أخرى كالصيد والتجارة، واستفادوا من الحيوانات كمصدر للغذاء والجلود. ويُعتبر السومريون الأوائل في دباغة الجلود، واكتشاف الخياطة وغزل الصوف. كما قاموا بتشييد القرى والمدن، وانشغلوا بالتجارة والثقافة والتراث، واهتموا بالفنون والموسيقى، وقد اخترعوا الأدوات الموسيقية وطوروا السلم الموسيقي، وأنشأوا فرقاً موسيقية للاحتفاء بالمناسبات والعبادات.
الازدهار الحضاري
عُرفت الحضارة السومرية بالازدهار في مجالات الطب والهندسة، حيث تم بناء العديد من القصور والمباني الشاهقة، إضافة إلى تأسيس المدن الكبرى. كانت هذه الحضارة رائدة في مجال الهندسة، حيث أدارت شؤون الدولة بشكل منظم، ووضعت القوانين والتشريعات التي شاعت في جميع أنحاء أراضيها. كما تعتبر أول من أنشأ السفن العملاقة ورسم خرائط للبحار والمحيطات، وابتكرت فنون الملاحة وعلم الفلك. انتشرت إنجازاتها في الصناعة والتجارة والفنون في كافة أنحاء العالم.
اللغة والكتابة
يُعتبر الخط السومري أول نظام أبجدي ظهر في التاريخ البشري، حيث تم تداول الكتابات على الألواح الطينية، واستمرت الكتابة السومرية لأكثر من ألفي عام. كانت اللغة السومرية وسيلة التواصل الأساسية بينهم وبين الحضارات الأخرى، وحافظوا عليها من خلال تدوينها في الألواح لتُبقي على تراثهم للأجيال القادمة.
صحيفة الملك
تم اكتشاف ما يُعرف بـ”صحيفة الملك” من العصر السومري، والتي نُقشت على الحجر، حيث قام السومريون بتقسيم التاريخ وفقاً لحدث طوفان نوح. واشتملت الصحيفة على فترتين: الفترة ما قبل الطوفان، والفترة ما بعد الطوفان. كما أشاروا فيها إلى ثلاثة آلهة، مما يدل على تأثر المعتقدات المسيحية في الإنجيل بعدد من المعتقدات الدينية السومرية. تُمثل الحضارة السومرية واحدة من أقدم حضارات التاريخ، حيث أسهمت في العديد من الاكتشافات التي لا تزال موجودة إلى يومنا هذا، فبدونها لما تطورّت أساليب الحياة بشتى أشكالها.
عثر الباحثون أيضاً على مخططات وخواتيم تحمل رسماً يوضح عدد الكواكب، حيث تميزت بدقتها العالية في تحديد مواقع الكواكب بالنسبة للشمس باستخدام أرقام حسابية دقيقة. بناءً على هذه المعطيات، وضعوا التقويم القمري والشمسي وحددوا مواعيد الفصول الأربعة. وساهموا أيضاً في ابتكار العدسات المقعرة والمحدبة، والمرايا الانعكاسية، وصنع السبائك الذهبية والفضية.