يمثل علم لسانيات النص أحد أهم فروع علم اللغة، حيث يُعتبر هذا العلم من أغلى العلوم التي تدرس القواعد التي تسيطر على اللغة ونصوصها، مما يساعد في ضمان فهم المعاني بدقة. وفي هذا المقال، سنستعرض مفهوم لسانيات النص ودورها.
مفهوم علم لسانيات النص
علم لسانيات النص هو فرع من فروع اللغة يركز على تحليل جميع لغات البشر من حيث التركيب اللغوي والخصائص، ويتناول أوجه الشبه والاختلاف بينها. يهدف هذا العلم إلى دراسة اللغات بعمق وشمولية.
ظهر علم لسانيات النص في القرن التاسع عشر على يد اللغوي السويسري فرديناند دي سوسير. يهتم هذا العلم بدراسة العلاقة بين الدال والمدلول، ولا يقتصر على التحليل بين الأسماء والمسمّيات أو المفاهيم والتصورات فحسب.
كما يسعى إلى توسيع مدى هذه العلاقات المتعددة، خصوصًا أن العلاقة بين النص الإبداعي ومدلوله الخارجي تُعتبر نموذجًا للتفاعل بين اللغة والعالم. منذ بدايته، عملت لسانيات النص على تحليل مكونات اللغة وتقديم أمثلة لدراسة النصوص الأدبية والخطابات.
شاهد أيضًا:
معايير لسانيات النص
هناك مجموعة من المعايير المعروفة باسم المعايير النصية السبعة، والتي يعتبرها علماء اللغة ضرورية لتكوين نص متكامل، وهذه المعايير هي:
- السبك أو الاتساق: يشير إلى كيفية الربط بين العناصر اللغوية على مستويات البنية السطحية، حيث يمكن للعناصر السابقة أن تساهم في فهم اللاحقة.
- الالتحام أو الانسجام: يتعلق بكيفية الربط بين التراكيب اللغوية على مستويات البنية العميقة.
- القصد: يشير إلى أن النصوص هي أحداث لغوية محددة، ولا تقتصر فقط على ترتيب الكلمات والجمل.
- القبول: يشمل استجابة المتلقي أو المرسل إليه النص حول توقع وجود نص جمالي ومتناسق.
- رعاية الموقف: تضم كافة العوامل التي تربط النص بموقف معين، سواء كان حاليًا أو قابلًا للاسترجاع.
- الإخبارية أو الإعلامية: يجب أن يتضمن كل نص كمية من المعلومات المعروضة على القارئ، وتختلف هذه المعلومات بناءً على نوع النص.
- التناص: يشير إلى أن النص هو عبارة عن بنية تتقاطع مع بنى أخرى، حيث يتطلب وجود ارتباط بين نص وآخر، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.
وتقسم هذه المعايير إلى معيارين: الأول يتعلق بالنص نفسه، ويتضمن الاتساق والانسجام، والثاني يتعلق بالكاتب والمتلقي، الذي يشمل القصد والقبول. بينما ترتبط معايير رعاية الموقف بالسياق الخارجي للنص.
شاهد أيضًا:
معيار الاتساق
الاستقواء يشير إلى تماسك عناصر النص، والذي يسهل فهم النص، حيث يمتاز بدلالة موحدة تعزز من وحدة النص، مما يجعل النص كتلة متكاملة مترابطة.
ويركز الاتساق على الوسائل اللغوية التي تربط عناصر الخطاب ببعضها البعض، ويمكن تقسيمه إلى ثلاثة أنواع: اتساق نحوي، اتساق معجمي، واتساق صوتي.
شاهد أيضًا:
أدوات الاتساق
توجد عدة وسائل وأدوات يمكن استخدامها لتحقيق الاتساق، وأهمها:
- الإحالة: تشير الإحالة إلى عنصر موجود في النص يتعلق بنص آخر، ويمكن تحقيق ذلك بواسطة الضمائر، وأسماء الإشارة، وأدوات المقارنة.
وتقسم الإحالة إلى نوعين: إحالة داخل النص تُعرف بالإحالة النصية، وإحالة خارج النص تُعرف بالإحالة المقامية. كما يمكن تقسيم الإحالة إلى إحالة قبلية تشير إلى أمر سابق، وإحالة بعدية تُشير إلى أمر لاحق.
- الاستبدال: يتمثل في استبدال عنصر لغوي بآخر له نفس الدلالة، مما يجعل طبيعته نحوية ومعجمية. وينقسم الاستبدال إلى: استبدال اسمي، استبدال فعلي، واستبدال قولي.
- الربط: يجسد وسيلة لربط أجزاء النص السابقة مع اللاحقة بشكل متناسق، ويشمل الربط عدة وسائل مثل: العطف، التكرار، والإحالة.
- الاتساق المعجمي: يتحقق بطريقتين، هما التضام والتكرار.
- الاتساق الصوتي: تتضمن وسائل تحقيقه مثل الجناس والسجع.
من خلال هذا المقال، تناولنا علم لسانيات النص الذي يختص بدراسة تركيب اللغة، واستعرضنا المعايير السبعة الإي التي تشمل السبك، الانسجام، القصد، القبول، رعاية الموقف، الإخبارية، والتناص.