تطرح العديد من النساء سؤالاً مهماً حول ماذا ينبغي عليهن القيام به إذا حلت الدورة الشهرية خلال شهر رمضان. من المعروف أن المرأة الحائض لا يُسمح لها ببعض العبادات كالصوم والصلاة، لكنها تستطيع القيام ببعض العبادات الأخرى. في هذا المقال، سنستعرض مجموعة من النصائح حول ما يمكن فعله عند قدوم الدورة الشهرية في رمضان.
ما يجب القيام به عند قدوم الدورة الشهرية في رمضان
عندما تبدأ الدورة الشهرية، يجب على المرأة الإفطار، وعليها قضاء الأيام التي أفطرتها بعد انتهاء رمضان. أثناء فترة الحيض، تسقط بعض العبادات عن المرأة مثل الصلاة والصوم، وقراءة القرآن من المصحف دون حائل، ولكن يبقى جائزاً لها بعض الأعمال العبادية، وهي:
- الاستماع إلى تلاوة القرآن الكريم، بالإضافة إلى إمكانية قراءة القرآن عبر الهاتف المحمول، حيث إنه غير مصحف.
- الحرص على أذكار الصباح والمساء، وذكر الله بشكل عام.
- تكثيف الاستغفار والتوبة، والتسبيح، والتكبير، والتهليل.
- الحفاظ على صلة الرحم، ومساعدة الآخرين في قضاء حوائجهم.
حكم الصيام للحائض
الحائض لا يُسمح لها بالصوم أو الصلاة، وعليها قضاء الصيام دون الصلاة. وقد ورد عن عائشة رضي الله عنها أنها سُئلت: هل تقضي الحائض الصوم والصلاة؟ فأجابت: “كنا نؤمر بقضاء الصوم، ولا نؤمر بقضاء الصلاة”.
يجوز للمرأة التي تفطر في رمضان بسبب الدورة الشهرية تأخير القضاء، ما دامت لديها متسع من الوقت، ولكن من الأفضل الإسراع في ذلك.
حكم تأخير صيام الأيام التي حاضت فيها المرأة لعدة سنوات
فرض الله الصيام على كل مسلمة بالغة عاقلة، إلا في حالات وجود عذر شرعي كالحيض والنفاس، وعليها قضاء ما أفطرته، كما قال الله تعالى: “فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ” [البقرة: 184].
اتفقت آراء الفقهاء على ضرورة قضاء الأيام التي أفطرت فيها المرأة قبل حلول شهر رمضان التالي. واستندوا في ذلك على حديث أبي سلمة رضي الله عنه، قال: سمعت عائشة رضي الله عنها تقول: “كان علي الصوم من رمضان، فما استطعت أن أقضيه إلا في شعبان، بسبب التزاماتي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم”.
فالإشارة في الحديث توضح ضرورة قضاء الأيام قبل شهر رمضان التالي، حتى وإن كان ذلك في شهر شعبان. أما إذا انقضت المدة دون قضاء، ودخل عليها رمضان القادم، فإن التأخير بعذر مثل المرض لا يُعد إثمًا، وبالتالي لا يلزمها سوى قضاء الأيام.
وفي حال تأخير القضاء بدون عذر، كالتكاسل، يعتبر هذا إثمًا. وقد اختلف العلماء حول وجوب الفدية مع القضاء؛ حيث ذهب معظم الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة إلى وجوب القضاء مع الفدية، وهي إطعام مسكين عن كل يوم أفطرته، في حين ذهب الحنفية إلى أنها ملزمة بالقضاء فقط.
الحكمة من عدم إلزام الحائض بالصيام
يجب على المسلم الالتزام بتوجيهات الله تعالى واجتناب المحرمات، سواء وُضعت الحكمة أمامه أم لا، كما ورد في قوله تعالى: “وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّـهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ” [الأحزاب: 36].
عندما سألت سيدة عائشة رضي الله عنها: “لماذا تقضي الحائض الصوم ولا تقضي الصلاة؟” أجابت: “أهَرُورِيَّةٌ أنتِ؟ فأنا سألت فقط، فقالت: كنا نُؤمر بقضاء الصوم، ولا نؤمر بقضاء الصلاة”.
من الواضح أن الإجابة توضح الحكم الشرعي، إذ أن العلماء ذهبوا إلى أن منع الحائض من الصيام هو رحمة وتقدير لها.
في النهاية، إذا جاءت الدورة الشهرية للمرأة في نهار رمضان، يتوجب عليها الإفطار وقضاء الأيام التي أفطرتها. وقد رُسم هذا الأمر بتوجيه رحيم من الله تجاه المرأة، مع إتاحة الفرصة لبعض العبادات التي يمكنها من خلالها الحصول على الأجر والثواب، مثل الاستماع لتلاوة القرآن، والذكر، وغير ذلك من الأعمال الصالحة.